"ليبانون ديبايت" - أحمد الايوبي
لم يكن الإلتباس في هوية الطائرة الإماراتية التي أنقذها التنسيق بين شبعة المعلومات في قوى الأمن الداخلي والسلطات الأسترالية كافياً للتقليل من أهمية الإنجاز الذي فرض نفسه إنجازاً وطنياً ذا بُعد دولي أعلنه وزير الداخلية نهاد المشنوق أسهم في إنقاذ أرواح 400 إنسان بينهم 120 لبنانياً.
حمل المؤتمر الصحافي للوزير المشنوق رسائل كثيرة ، منها داخلية وأخرى خارجية من الجدير الوقوف عندها:
•على مستوى تعزيز الأمن والتلاحم مع الجيش:
أعلن المشنوق أن قوى الأمن وضعت 700 ضابطًا و14 ألف عنصر بتصرف الجيش اللبناني الذي يخوض معركة تحرير جرود القاع ورأس بعلبك ، وهي خطوة دعم كبيرة لها مفاعيلها الميدانية في تخفيف الضغط عن الجيش وسدّ الكثير من الثغرات الناشئة عن تفرغه لتحرير الجرود ، فضلاً عن أنها تـُسهم في تحقيق الإنسجام بين أجهزة الدولة الأمنية ورفع المعنويات ، كما أنها توفـّر مناخاً وطنياً عاماً يُشعر اللبنانيين بأن التعاون لحماية الوطن قائم وليس هناك ما يعكّره سوى الإستهداف السياسي ذي الطابع المذهبي الذي يطال شعبة المعلومات.
•تعزيز صورة لبنان المواجه للإرهاب بعد لوثة "خلية العبدلي"
إستحق إنجاز شعبة المعلومات عقدَ مؤتمر صحافي لكشف حقيقة وحجم وأهمية وأبعاد هذه العملية الأمنية الهامة ، والتي أظهرت لبنان (الدولة) شريكاً هاماً في مواجهة الإرهاب.
الصورة هي لجهاز شرعي من مؤسسات الدولة يتولى حماية الأمن اللبناني ويتعرّض لحصار لئيم وغاشم ، من دون أن يتحرك رئيس الحكومة سعد الحريري لفكه ، ومن دون أن يتضامن نواب كتلة المستقبل مع جهازٍ أسّسه الشهيد اللواء وسام الحسن ، ولا يزال يحمل رمزية الوجود السـنـّي الفاعل في الدولة ، والضامن للشراكة الوطنية التي تعتبر العمود الفقري في مواجهة الإرهاب.
في المقابل ، يقترف "حزب الله" جريمة تشكيل خلية العبدلي ويوقع أزمة غير مسبوقة مع دولة الكويت ويعطي صورة لقدرة الميليشيا على ضرب سيادة الدولة وإجتياز الحدود وتأسيس خلايا تخريبية في دولة عربية شقيقة ، فيتحرك الرئيس الحريري للملمة الملف.
•معادلة الرئيس بري: عرف سياسي
لقد أصبحت معادلة الرئيس بري المبنية على التمسك بالمحاصصة جزءاً أساسياً من العرف والممارسة السياسية في لبنان. وها هو اليوم يعلن بوضوح أنه يحاصر شعبة المعلومات لأن اللواء عماد عثمان إتخذ قراراً بتعيين ضابط شيعي لكنه غير محسوب عليه هو العميد علي سكينة قائداً لمنطقة الشمال في قوى الأمن الداخلي.
هكذا بكل بساطة يتم معاقبة جهاز كامل في الدولة لأن المدير العام لقوى الأمن الداخلي إستخدم صلاحياته الوظيفية الطبيعية في التعيين داخل مؤسسة يتولى مسؤوليتها.
هكذا بكل بساطة ترضى الأطراف "السيادية" المشاركة في حكومة المصلحة الوطنية بإنتهاك كل قواعد العمل العام ، وتضرب جهازاً أنقذ لبنان من كوارث أمنية في الداخل ويمدّ قدراته للتعاون الدولي في الخارج.. وتستمر مهزلة الحصار في ظل صمت مريب.
لماذا السكوت على هذا الحصار المالي غير المبرّر وغير المنطقي وغير العقلاني كما وصفه الوزير المشنوق ، والذي يستمر في التذكير به منذ أشهر بلغة هادئة ، ولكن حتى الآن لا صوت يعلو إنتصاراً لشعبة المعلومات ، فضلاً عن عدم وجود أي جهد بعيد عن الإعلام في هذا الملف لأنه لو كانت هناك معالجات "تحت الطاولة" كان يفترض أن تكون قد أنتجت حلاً لهذه الأزمة بعد هذه المدة الطويلة من الحصار.
إلى متى يستمر هذا الحصار وكيف سينتهي؟
هل ستكون نتيجته فوز الرئيس بري وكسر قرار وهيبة قيادة قوى الأمن الداخلي علناً وبدون مواربة؟
أم سينتصر القانون وإستقلالية المؤسسات ويتراجع الرئيس بري؟
معادلة قاسية توضع فيها شعبة المعلومات تحت مقصلة التعذيب السياسي ، في حين تتسرب المعلومات عن إعادة عدد من الضباط والرتباء العونيين الذين قدموا إستقالاتهم طوعاً عام 1991 ، إلى الجيش عبر ترقيتهم واحتساب تقاعدهم وفق التاريخ الجديد ، وذلك بمراسيم من رئيسي الجمهورية والحكومة في أوقات مختلفة حتى لا يلحظ الرأي العام هذه الخطوة!
يجد الرئيسان عون والحريري الوقت لإصدار مراسيم إعادة اعتبار بمفعول رجعي لضباط مستقيلين ، ولكن لا أحد يجد الوقت والجهد لمن يقومون على الخدمة الفعلية للأمن في لبنان.
نتضامن مع شعبة المعلومات في هذه الأزمة وإلى حلٍ يحفظ هيبة قوى الأمن ويحافظ على ما تبقى من صورة الدولة ، فهل يخرج من جعبة الوزير المشنوق أم أن الحصار سيبقى مطبقاً ومغلقاً لكل المخارج المعقولة؟
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News