"ليبانون ديبايت"
سألَ رئيس الوزراء البريطانيّ ونستون تشرشل المواطنين في خِضمِّ المعارك الحربيّة الدائرة في الحربِ العالميّة الثانية عن أحوالِ البلد، وكيف أنّ الخراب قد عَمَّ، وتراجع الاقتصاد وطالت الرشوة الجميع... فبادر تشرشل وسأل الموجودين "هل القضاء ببلدنا بخير؟ " فأجابوه إنّه بخير. فقال مقولته الشهيرة "طالما أنّ القضاء بخيرٍ فكلّ البلد بخيرِ".
سبق وأثار "ليبانون ديبايت" قضّة عرض بيع أراضي وقف سيّدة النجاة في عشقوت بقرارٍ قضائيٍّ نافذٍ، صادر عن أحد أهمّ القُضاة في لبنان، وهي الأراضي التي يعمل وكيل الوقف (الشقيق الأكبر سناً) بهيج عوّاد تابت على بيعها بحجّة أنّ شقيقهِ الأصغر سيمون عوّاد تابت يعيشُ ضائقةً ماليّة، علماً أنّ الوقف من نوعٍ ذرّي، يعود لـ"عائلة تابت"، ولا تعود ملكيّته لشخصٍ واحد بل تعود للشقيقين المذكورين وشقيقِهما جميل وشفيق وأولادهما.
وبحسب ما يُعرِّف قانون الأوقاف الذريّة، فلا يحقّ للمالكين بيع العقار؛ بل فقط الاستفادة منه عبر الاستثمار دون البيع، أمّا حالات انتهاء الوقف فقد حدّدها القانون بـ"إذا تهدّمت عقارات الوقف ولا يمكن إعمار المُخرّب أو استبداله على وجهٍ يكفل المستحقّين نصيباً في الغلّة غير ضئيلٍ انتهى الوقف فيه. أو إذا أصبح ما يأخذه المُستحقّون من الغلّة ضئيلاً، ويصحّ ما انتهى فيه الوقف ملكاً لمستحقّهِ أو للواقف إن كان حيّاً".
وهذا ما لجأ مُستدعي وقف كنيسة سيّدة النجاة في عشقوت لذرية الواقف الخوري منصور تابت وكيله المحامي حنا أنطوان تابت لتثبيته، حتّى أخذ ترخيصاً باستبدالِ العقار رقم 501 من منطقة عشقوت العقاريّة من المحكمة الخاصّة بالأوقاف الذريّة برئاسة القاضي جان فهد وعضوية القاضي سليم الأسطا والسيّد أبي غصن، لقاء قيام مشروعٍ سكنيٍّ بالقرب من الكنيسة على العقار 337 عشقوت. الأمر الذي "سيؤدّي منفعةً أكيدةً للوقف، ذلك إنّ العقار 501 المذكور لا يؤدّي حاليّاً أيّ مداخيل للوقف"، بحسب المستدعي، في تاريخ 3/12/2008. وتمّ يومها تعيين الخبير جوزيف صبيح للقيام بمهمّة تخمين العقار، إلّا أنّه أصدار تخمينٍ مُخفّضٍ بسعر 150 د.أ لسعرِ المتر المربّع الواحد"، في حين أن سعر التخمين الحقيقيّ يتجاوز أضعاف هذا السعر، بحسب المصدر.
وبعد مرور 4 سنوات ونصف من عدم بيعِ الأرض، وبالتالي انتهاء مُهلة السّماح المُخصّصة للبيع والتي كانت مقدّرة بـ5 أشهر، عاود المُستدعي باللّجوء مرّةً جديدةً للمحكمة الخاصّة بالأوقاف الذريّة، والتي "كانت مُتعاونة مع الوكيل، على الرغم من اعتراض بعض المُستفيدين من الوقف على البيع،" ليطلب فترة سماح جديدة للبيع مدّة سنةٍ كاملة "لوجودِ مُشترٍ للعقار 501 عشقوت".
لتقرّر المحكمة بتاريخ 1/4/2017 بعد تبيان ما إن كان قد طرأ أيّ مُستجداتٍ أو تعديلاتٍ نتيجة مرورِ الوقت على التخميناتِ، عبر تقريرِ الخبير طوني طعمة المُقدّم بتاريخ 9/1/2017، والذي خمّن فيه ثمنَ المتر المربّع الواحد بـ300 د.أ، وبعد حصر البحث بجلسةِ الاستيضاح الحاصلة بتاريخ 18/2/2017 بين الخبيرين طعمة وصبيح، التي استقرت على اعتماد سعر 225 د.أ للمتر المُربّع الواحد من العقار 501 عشقوت. وإعطاء المُستدعي وقف كنيسة سيّدة النجاة عشقوت لذرية الواقف الخوري منصور تابت مهلة سنةٍ من تاريخ صدورِ القرارِ لاستبدالِ وبيعِ العقار المذكور بالمبلغ المُخمّن.
وبعد كلّ ذلك، لم يبقَ أمام المُستفيدين لوقف بيع الوقف الذري العائد لعائلتِهما سِوى اللّجوء إلى التفتيش القضائيّ لوضعِ يدهِ على الملفّ لمنعِ هدرِ أموال وأملاك الوقف. وقام اثنان من المالكين، (شربل جميل تابت وعواد شفيق تابت)، بتقديمِ استدعاءٍ ضدّ عمليّة البيع لدى رئيس التفتيش القضائيّ بتاريخ 11/8/2017، وهو الاستدعاء الذي يجد فيه بعض المُتابعين القانونيين سابقةً بتاريخِ القضاءِ اللّبنانيّ، على اعتبار أنّ قرار البيع صادر عن الرئيس الأوّل جان فهد.
وأوضح المستدعيان في استدعائهما أنّهما يستفيدان من وقف كنيسة سيّدة النجاة في عشقوت لذرية الواقف الخوري منصور تابت كون والديهما جميل وشفيق أشقّاء لوكيلِ الوقف الحاليّ بهيج تابت. واعترض المستدعيان من جهةٍ أولى على سعر التخمين، ومن جهةٍ ثانية على عدمِ الحاجة إلى بيع أو استبدال العقار 501 من منطقة عشقوت العقارية بعقاراتٍ أخرى.
لا سيّما وأنّ المُستدعيان أبلغا المحكمة بحضورِ عمّهما وكيل الوقف أنّ مجرّد إنشاء محالّ تجاريّة على واجهةِ العقار من شأنه إدخال مئات آلاف الدولارات إلى صندوق الوقف، وبالتالي يمكن استثمار هذا الوقف بدلاً من بيعه، وأنّهما مُستعدّان للتعاون في سبيل تطويرِ استثمارِ هذا العقار الذي سيذرّ مبالغَ كبيرة إلى الوقف.
وأشار المُستدعيان في استدعائهما إلى أنّ العقار واقع على أوتوستراد عشقوت – فيطرون على الطريق العام، حيث يُباع المتر الواحد حاليّاً ما بين 700 و 800 د.أ، وأنّ تخمين المتر المربّع الواحد بـ225 د.أ هو رخيص ومتدنٍّ جداً بالنظرِ للأسعارِ الرائجة في المنطقة، (استناداً إلى تقرير الخبير جورج قيصر الخوري الذي وضع تقريراً تضمّن تخمين المتر المربّع الواحد بسعرٍ أدناه 400 د.أ).
وأثبت المُستدعيان اللذان هما "من عِداد المُستفيدين من هذا الوقف ويؤكّدان اعتراضهما على بيع العقار واستبداله بثمنٍ بخسٍ" أنّه لا يجوز بيع الأوقاف الذرية لأيّ سببٍ كان، خاصّة، متى كان الوقف ليس بحاجةٍ إلى الأموال النقديّة كما أنّه ليس مُثقلاً بديونٍ أو موجبات. وأن استثمار العقار رقم 501 من منطقة عشقوت العقاريّة يذرّ أموالاً كبيرةً وطائلةً إلى الوقف بالنظرِ إلى موقعِ العقار، وأنّ وكيل الوقف الحاليّ يرغب ببيعِ أملاك الوقف لإيفاء ديون شقيقهِ سيمون عواد تابت".
وانطلاقاً من ذلك، طالب المُستدعيان هيئة التفتيش القضائيّ الاطّلاع على ملفِّ بيع العقار 501 عشقوت العائدِ لوقفِ كنيسة سيّدة النجاة في عشقوت لذرية الواقف الخوري منصور تابت، وإجراء التحقيقات اللّازمة مع مجموعةٍ من المُستفيدين من عائلة تابت، والتأكّد من أنّ القرار القضائيّ جاء مُجحِفاً ومُلحِقَاً أفدحَ الأضرار بالوقفِ والمُستفيدين منه.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News