ليبانون ديبايت - طارق حسّون
ابو عبدالله محمد الثاني عشر(1460-1527) هو آخر ملوك الأندلس المسلمين، الذي استسلم لملك اسبانيا، وقد دُعي بـ "شيكو" اي الصغير، ربطاً بضعف شخصيته وتردده، وميله السريع للإستلام والتراجع امام الضغوط وتقديم التنازلات امام الأعداء.
في العام 1489 استدعاه فرديناند وايزابيلا، ملك وملكة اسبانيا، لتسليم غرناطة، فقام "الصغير" بتوقيع اتفاقٍ سرّي بتسليم المدينة، لكنه لم يستطع ان "يبق البحصة" وان يعلن نيّته بتسليم المدينة خوفاً من ردّة فعل شعبه، فقام ببث اليأس في صفوف الناس، وإطلاق الشائعات التي تُحبط من عزيمة جمهوره، وبدأ برمي الاتهامات جزافاً وتحميل الغير مسؤولية تقصيره، الى ان توقف القتال كلياً بين جيشه وبين الاسبان، وعندها "بق البحصة" واستطاع المجاهرة باتفاقية الإذعان هذه، وقام بتسريح جيشه وتسليم سلاحه، وخرج من الاندلس باكياً ضعيفاً مذلولاً، وعندما رأته والدته عائشة الحرّة بهذا الشكل، قالت له كلاماً قاسياً، ما زالت اصداؤه تتردد حتى اليوم: "ابكِ بكاء النساء مُلكاً مُضاعاً لم تحافظ عليه محافظة الرجال".
الأعوام التي سبقت إعلان استسلامه العلني للأسبان قضاها "شيكو" في الاقتتال مع والده ابي الحسن بن سعد، متناسياً كل اساءات الأعداء وجرائمهم بحق شعبه، ومُركّزاً حربه على إرث "الوالد" بغية تقزيم انجازاته الجليلة، بما يتناسب مع وضعية الإبن "الصغير" الهزيلة. كما كان يشعر بالغيرة من عمّه ابو عبدالله الزغل عند ظهوره كبطلٍ شعبي يعطي الأمل للمسلمين، بخلاف شيكو التعيس، المتراخي، الهزيل، المُستسلم، وهذا ما دفعه لمحاربة الرجل ومحاولة تشويه سمعته كونه كان يقف حائلاً امام انبطاح شيكو الكلّي امام الأعداء، فخرج شيكو بذلك من وجدان شعبه، ودخل في اجندة وحسابات ومعادلات الأعداء...
بعد خمسة قرون من الزمن ما زالت نماذج "شيكو" تُعيد نفسها، وإن بأوجهٍ مختلفة، وما زال الكبار يُرمون بالبحص والحجارة من قبل امثال شيكو الصغير، فيبنون بها ابراجاً شامخة، فيما شيكو يتلّهى بالبحصة ويلهو مع الصغار امثاله...والسلام
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News