"ليبانون ديبايت" ــ فيفيان الخولي
منذ انتخاب حنا الناشف رئيساً للحزب السوري القومي الاجتماعي، وهو مقرّب من المعارضين داخل الحزب، يعمل رئيس المجلس الأعلى أسعد حردان على عرقلة عملية "لمّ الشمل" التي انتُخِب الناشف لتطبيقها. وتتجلى العرقلة من خلال قرارات كيدية وانتقامية بحق المعارضين الذين تمكّنوا سابقاً عبر الاطر القانونية في الحزب من منع حردان من تولي رئاسة الحزب لولاية ثالثة.
وفي الوقت الذي بدأت فيه عجلة الحزب تتفعّل لتشكيل السلطة التنفيذية بقيادة الناشف، الذي انتخب منذ شهر وأسبوعين، أمرت المحكمة الحزبية العليا بطرد بعض أعضاء المعارضة المعروفة بـ"حركة 8 تموز"، التي أعلنت عن نفسها في شهر تموز 2016، وفي مقدمة المطرودين أحد مؤسسي الحركة، نصير الرماح، بحجة عمله خارج الأطر القانونية للحزب.
والرماح هو من مؤسسي "حركة 8 تموز" التي تشكّلت العام 2016 بعد المؤتمر القومي الذي انعقد في حزيران من العام نفسه، وانتُخب خلاله المجلس الأعلى الذي عدّل الدستور لصالح حردان، ليعاد انتخابه رئيسا للحزب لدورة ثالثة بشكل مخالف للدستور.
ولا يسمح دستور الحزب لأي شخص بتولي رئاسة الحزب أكثر من ولايتين متتاليتين. ومن المعلوم انه في العام 2015، وفي ظل وجود مجلس اعلى لا يملك حردان الاكثرية فيه، باءت محاولته تعديل الدستور لصالحه بالفشل، بعدما وقفت المعارضة من داخل المجلس وخارجه بوجهه ومنعت التعديل الدستوري، باعتبار أن حردان يتفرّد في السلطة وينحو باتجاه تكريس زعامته على الحزب.
انتظر حردان أوائل العام 2016، موعد الانتخابات الداخلية، وتمكّن من الحصول على أغلبية الأصوات في السلطة التشريعية للمجلس الأعلى، 12 من أصل 17 صوتاً، وهو من ضمنهم، حتى يتمكن من تعديل الدستور.
وهنا بدأت المخالفة للدستور، إذ تم تعديل إحدى مواده، ما سمح لحردان بتولي الرئاسة لولاية ثالثة. لكن الأمر لم يمر بسلام، إذ تقدم عضو المجلس الأعلى النائب السابق انطون خليل بطعن ضد التعديل الدستوري امام المحكمة الحزبية، ترافق مع حركة ضاغطة على قيادة الحزب على كافة المستويات. وتحت اشتداد ضغوط المعارضة (حركة 8 تموز)، تمكّنت المحكمة الحزبية العليا من اتخاذ قرار ابطال التعديل الدستوري، بالتالي ابطال رئاسة حردان. هذا القرار التاريخي للمحكمة لم يكن ليتخذ لو لم تكن هناك معارضة قوية لحردان ساعدت المحكمة على اتخاذ قرارها، حتى ولو كان القرار قانوني.
كما اتخذت المحكمة الحزبية قرارها بقبول الطعن بناء على أنّ المجلس الأعلى الذي هو السلطة التشريعية كان يُعتبر في تلك الفترة هيئة ناخبة وليس هيئة تشريع، وتكمن مهمته في انتخاب رئيس للحزب حصراً، ولا يحق له القيام بأي تعديل. وهذه هي الحجة القانونية التي استندت إليها المحكمة.
دعت حينها "حركة 8 تموز" أن تتسلم المحكمة الحزبية قيادة الحزب لمرحلة انتقالية تؤمن خلالها جوا سليماً لإعادة الانتخابات الحزبية بشكل يساعد على توحيد القوميين ضمن مؤسسة واحدة. لكن الاكثرية الموالية لحردان في المجلس الأعلى ضربت بعرض الحائط كل الطروحات وتصرفت بكيدية وتعنت لأن حردان يريد الامساك بمفاصل القرار في الحزب من دون النظر الى مفاعيل هكذا تصرفات.
ولأن حردان أُبطلت رئاسته، جاء بالوزير علي قانصوه "يدور في فلكه" خلفاً له لرئاسة الحزب وليكون هو رئيس الظل. وبعد انتخاب الوزير قانصوه رئيسا للحزب بمساندة أصوات الأكثرية التابعة لحردان في المجلس الأعلى، تمكّنا من إقالة المحكمة الحزبية، وعيّنا أخرى من الصف الموالي لهما، برئاسة حسين عيسى.
في هذه المرحلة، بدأت العملية الانتقامية بفصل قياديين معارضين لقيادة الحزب. وتم فصل كل من تموز قنيزح، ونصير الرماح، والدكتورة نبيلة غصن، وربيع زين الدين، وطه غدار، وسركيس ابو زيد. وأُحيلت ملفاتهم إلى المحكمة الحزبية مع اقتراح طردهم من صفوف الحزب، باعتبارهم يعملون خارج الاطر النظامية.
في 18 كانون الأول 2016، تشكّلت حكومة سعد الحريري، التي جاءت بقانصو وزيراً للدولة لشؤون مجلس النواب، وهي المخالفة الثانية لدستور الحزب، إذ سندا لدستور الحزب يُمنع الرئيس من تولي أية وظيفة أخرى، إلا بإذن من المجلس الأعلى، إذ يجب عليه التفرغ للرئاسة حصراً. فكان على قانصو إما الحصول على موافقة المجلس الاعلى للجمع بين الرئاسة والوزارة أو الاستقالة من احداهما، لكنه لم يقم بأي من هاتين الخطوتين.
الأمر الذي أثار غضب المجلس الأعلى، ما دفع 6 من أعضائه إلى تقديم استقالتهم، بمن فيهم رئيس المجلس محمود عبدالخالق، كمحاولة ضغط ليقدم قانصوه استقالته. لكن الأخير توصل بدعم من حردان إلى اتفاق مشروط، يقدم من خلاله استقالته من رئاسة الحزب مقابل تقديم عبدالخالق استقالته من المجلس الأعلى، وهي خطوة لتجنيب خروج فريق قانصو ــ حردان مهزوماً، وتمّ تنفيذ الاتفاق.
عادت الأمور إلى طبيعتها داخل المجلس، وتم انتخاب حردان لرئاسة المجلس الاعلى. وبعدها بدأت مشاورات داخل الحزب اسفرت عن انتخاب حنا الناشف رئيساً للحزب.
في هذه الفترة وبدلا من العمل على تهدئة الخلافات وتأمين اجواء ايجابية تساعد الرئيس في مهمته، بدأت محاكمة المعارضين، باعتبارهم محالين للمحاكمة، وهم كل من سركيس أبو زيد، وايلي الغصان، ونصير الرماح، وتموز قنيزح، وربيع زين الدين، ونبيلة غصن، ليصدر الحكم بطرد الرماح اولاً. فتوجه الناشف إلى المجلس الأعلى لطرح الامر وعدم ابرام القرار، لكن أكثرية المجلس سارعت إلى التصويت على القرار وأبرمته، باستثناء أربعة من أعضائه هم كل من محمود عبد الخالق، وغسان الأشقر، وأنطون خليل، وتوفيق مهنا.
هذا القرار دفع المعارضة (المنضوية في إطار ما بات يعرف بتيار النهضة) إلى ابلاغ الناشف بوقف الحوار مع قيادة الحزب، كردة فعل على الممارسة الكيدية والانتقامية التي يمارسها حردان وقانصوه وبعض القياديين المحسوبين عليهما في الحزب، في ما يبدو انهم لا يريدون نجاح عملية لمّ الشمل بقيادة الناشف، ويضعون العصي بالدواليب عبر جرّ المعارضين الذين أصبح عددهم بالآلاف إلى المحكمة الحزبية عبر استدعاءات أحبطت مساعي رئيس الحزب الجديد، وتُنبئ باستقالات جماعية تهدّد وحدة الحزب.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News