المحلية

ليبانون ديبايت
الاثنين 08 كانون الأول 2025 - 07:08 ليبانون ديبايت
ليبانون ديبايت

جعجع يجري "عملية تجميل" فاشلة

جعجع يجري "عملية تجميل" فاشلة

"ليبانون ديبايت"


لم يكن سهلاً على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع احتواء الصدمة التي أحدثها كلام النائب جورج عقيص حول "المائدة" و"المواصفات" و"من يحقّ له الترشّح" عن الطائفة السنية في البقاع الأوسط.

فالتصريح وقتها لم يُقرأ كخطأ عابر او زلة لسان نائب "قواتي"، بل كإعلان واضح عن ذهنية "قواتية" تعتبر نفسها مخوّلة لتحديد أدوار السنّة ومواقعهم بعد غياب الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل، وكأنّ القوات باتت المرجعية التي تمنح الشرعية أو تحجبها.


هذه المقاربة وحدها كانت كافية لإثارة نقمة واسعة في البقاع وخارجه، لأنها أعادت إلى الساحة السياسية خطاب الوصاية بصيغته الأكثر استفزازاً للغالبية العظمى من الطائفة السنية.


أمام هذا الغضب، لجأت معراب إلى تنظيم لقاء قبّ إلياس في البقاع الأوسط مع النائبين عن القوات اللبنانية جورج عقيص والياس اسطفان، محاولةً إظهاره كـ"تصحيح التباس". لكنّ المشهد بدا أشبه بعملية تجميل عاجلة، لا مراجعة سياسية. فالخطيئة لم تكن في المفردة بل في العقل السياسي الذي أنتجها. واللقاء بشكله ومضمونه لم يقدّم جواباً على سؤال، بأي حقّ يحدّد طرف سياسي مواصفات مرشّحي طائفة ليست طائفته؟


ثم جاءت خطوة الاستعانة بوجوه من تيار المستقبل، من بينهم منسق سابق وعدد من أعضاء المنسقية، رغم أنّ العلاقة بين القوات والمستقبل شبه مقطوعة منذ سنوات. أرادت القوات القول أن العلاقة مع السنّة "سليمة"، وأن الغضب محدود. لكنّ الصورة أظهرت العكس تماماً. فقد رأى كثيرون فيها محاولة استدراك متأخرة، وسعياً للحصول على غطاء سني مفقود، في وقت يدرك الجميع أنّ التمثيل الشعبي السني لا يُستحضر من الماضي ولا يُصنَع باللقطات الجماعية، ليتحوّل الإخراج الإعلامي إلى دليل إضافي على أزمة ثقة أعمق بكثير.


في الجوهر، المشكلة ليست في النائب عقيص وحده، ولا في اللقاء، بل في رؤية سياسية تتعامل مع السنّة باعتبارهم هامشاً يمكن هندسة دوره وفق قواعد لا يشاركون في وضعها. البيئة السنية قرأت الرسالة أن هناك من يريد تحديد موقعهم وتقرير حجمهم، لا مشاركتهم كشركاء في القرار الوطني. والثابت أنّ الشرعية السياسية لا تُمنح كمنّة، والاحترام لا يُبنى بالصور والبيانات، والشراكة لا تُقاس بالمواصفات التي يضعها فريق لطائفة أخرى. والحديث عن "المائدة" و"المواصفات" لم يكن تفصيلاً لغوياً، بل مؤشراً إلى خلل بنيوي في نظرة بعض القوى إلى شريك أساسي في البلد.


وما حصل في قبّ إلياس لم يساهم في تخفيف الأزمة، بل سلّط الضوء على عمقها. إذ كشف التناقض بين خطاب الانفتاح الذي تروّج له القوات وبين ممارسات توحي بعكسه، وأكّد أن معالجة الخطأ تبدأ بإعادة النظر في المقاربة كاملة، لا بتلطيف الصورة أو استعارة وجوه سنية لتغطية جرح لا يندمل. ومع ذلك، لا يمكن فصل هذا الغضب عن أن الطائفة السنية بسوادها الأعظم غاضبة على جعجع نفسه منذ سنوات، وتحديداً بسبب طريقة تعاطيه مع الرئيس سعد الحريري.


فشرائح واسعة من الشارع السني ترى أن جعجع لم يظهر يوماً الاحترام السياسي للحريرية الوطنية، وأنه تعامل مع غياب الحريري باعتباره فرصة لملء الفراغ لا لحماية الشراكة. هذا الشعور المتراكم جعل ردّة الفعل على كلام عقيص مضاعفة، لأنه بدا امتداداً لنهج حاول إضعاف الموقع السني الأول في الدولة، لا التعامل معه كشريك أصيل في المعادلة الوطنية.


إذاً، بقي كلام عقيص، وبقي الجرح الذي كشفه. أما محاولة معراب لاحتواء الأزمة فلم تنجح، لأن المسألة لم تكن يوماً "هفوة" بل أزمة رؤية. فالسنّة لا ينتظرون من يعرّف دورهم، ولا يقبلون أن يُحصر موقعهم على "مائدة" أحد. هم شريك مؤسّس في الدولة، لا تابعاً يُقاس حجمه بمعايير الآخرين.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة