"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:
من المؤسف أن تعود مظاهر اشعال الفتن بين أفرقاء سياسيين عن طريق الفن. الجدل يدور حول فيلم "The post", الذي صدر قرار من لجنة الرقابة التابعة لمديرية الأمن العام لمنع عرضه في صالات السينما كون اسم مخرجه ستيفن سبيلبرغ اليهودي مُدرج على قائمة الجامعة العربية السوداء للأفراد المحظورين بعدما تبرّعت مؤسسته بمليون دولار لجهود الإغاثة في إسرائيل بعد حربها مع حزب الله عام 2006.
من هنا، جاء الاعتراض على الفيلم بحجة التطبيع مع اسرائيل نسبة لمخرجه, ليأتي قرار وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بالسماح بعرض فيلم The Post بعد الاطلاع عليه والتأكد ان مضمون احداثه تتعلق حصراً بالحرب في فييتنام خلال الستينات ولا علاقة لها أبدا بلبنان أو بالنزاع مع إسرائيل. القرار الذي شكل صدمة للطرف المعارض الذي قرر استعمال طريقة "مبتكرة" في الاعتراض هذه المرّة الا وهي الاستعداد لدعوة الى تظاهرات في الشوارع لممارسة ضغوط على السلطة لاعادة منع العرض.
حملات على مواقع التواصل الاجتماعي, وخطابات سياسية, ودعوات لتظاهرات, شكّلت سابقة في تاريخ التعاطي مع فيلم في لبنان, وخصوصا ان المخرج الذي شكل محطة الاعتراض الاساسية لدى المنتقدين كان قد دخل اكثر من مرّة في السنوات الأخيرة الى صالات السينما اللبنانية عبر اكثر من فيلم سينمائي مثل The BFG العام 2016 وBridge Of Spies العام 2015، وIndiana jones 4 العام 2008, وغيرها من الأفلام, فلماذا صحوة الضمير المفاجئة هذه؟
المحتجون على عرض الفيلم يعيدون السبب الى كون المخرج نفسه, قد اخرج فيلما منذ اكثر من 10 اعوام باسم "Schindler’s List" عن اليهود تضمن مشاهد في مدينة القدس, ليقول احد محبي السينما لـ "ليبانون ديبايت" صحيح ان فيلم schinder's list لم يكن من تاريخ سبيلبرغ الجيّد, لكني شاهدت له حوالي الخمسة افلام بعدها في الصالات اللبنانية, فكيف لهم ان يمنعوا هذا الاخير؟
شهد لبنان العديد من الاعتراضات في السابق على افلام اثارت جدلا, ومن ثم اتخذت الرقابة قرارا بشأنها امثال The jungle للمخرج الأسترالي غريغ ماكلين، التزاماً بسياسة مقاطعة إسرائيل وتجنباً لحدوث "ردات فعل". وشهدنا على حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي, لكن ان تصل الأمور الى تظاهرات شعبية في الشوارع, و تحركات احتجاجية أمام مداخل صالات السينما التي ستعرض الفيلم هو الأمر غير الاعتيادي. كيف للبنان الذي يعد نفسه بلد الثقافة والانفتاح ان يصل الى هذه المرحلة من اجل فيلم, في الوقت الذي يستطيع الفرد بكل بساطة مقاطعته, وله حرّية الاختيار بمشاهدة الفيلم او عدمها.
وصل الأمر الى ذروة التعاطي مع بعضنا من اجل فيلم, وكأن الهدف من كل هذه البلبلة هي سياسية بحت, لتعود اوجهة الصراعات بين تيار المستقبل وحزب الله، اذ تناول الأمين العام للحزب حسن نصرالله الفيلم وهاجم المخرج، باعتبار أن الامر شخصي بينهما.
على الطرف الآخر، علت صرخة النقاد السينمائيين الذين طالما نادوا بحرّية الفن وتحريره من اي ضوابط, قال احدهم لـ"ليبانون ديبايت" حرروا فننا من هذه السخافات, وخصوصا تلك السياسية منها, كل البلدان الى تقدم, حتى السعودية باتت تحترم الفن وتنفتح عليه ونحن الى الوراء, وفي كل مرة اسوأ مما سبقها, للأسف."
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News