تواجه ألمانيا أزمة حادة في تجنيد الجنود في صفوف جيشها، إذ تسعى إلى استقطاب 80 ألف مجند جديد بحلول عام 2035، في ظل تصاعد التهديد الروسي وتزايد الضغوط داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتعزيز الجاهزية العسكرية. ويهدف هذا المسعى إلى بلوغ هدف الحلف بتشكيل قوة قوامها 260 ألف جندي نشط، وهو رقم يفوق بكثير حجم الجيش الألماني الحالي.
قائد القوات المسلحة الألمانية، الجنرال كارستن بروير، رفض فكرة إجراء "قرعة تجنيد عشوائية"، مؤكداً في تصريحات لشبكة DW أن من الضروري فحص جميع الفئات العمرية الشابة لتحديد من يمكنه الخدمة، مشيراً إلى أن النظام العشوائي قد يضرّ بالحافز وجودة التدريب. ودعا إلى التركيز على استقطاب الشباب المؤهلين في مجالات تكنولوجية مثل الأمن السيبراني.
وزير الدفاع الألماني بوريس بيستريوس أعلن أن كل شاب يبلغ 18 عاماً سيُطلب منه اعتباراً من كانون الثاني المقبل تعبئة استمارة لتقييم استعداده للخدمة العسكرية، على أن يبقى التجنيد طوعياً، لكن مع إمكانية إخضاع جميع الشباب لفحوصات إلزامية بحلول منتصف 2027. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن هذه الإجراءات لن توفر العدد المطلوب، إذ لا يتجاوز عدد المتطوعين حالياً عشرة آلاف سنوياً.
وبحسب استطلاع لمؤسسة "فورسا"، يؤيد أكثر من نصف الألمان إعادة العمل بالتجنيد الإجباري، بينما يعارضه 63% من فئة الشباب، معتبرين أنه لا يمكن "إجبار أحد على قتل إنسان آخر". كما رفض 76% من المشاركين فكرة "القرعة العسكرية"، ما دفع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) إلى سحب دعمه لأي مقترح من هذا النوع.
وفي المقابل، دعت أحزاب كحزب الخضر إلى بديل مدني يتمثل في "سنة خدمة اجتماعية إلزامية" تشمل الجنسين، وهو ما يتطلب تعديلاً دستورياً معقداً. كما حثت منظمات شبابية الحكومة على تقديم حوافز وتوسيع النقاش العام، محذّرة من فرض التجنيد دون إشراك صوت الجيل الشاب.
ويحاول الجيش الألماني جعل الخدمة أكثر جاذبية عبر زيادة الرواتب وتمويل رخص القيادة العسكرية، فيما غيّرت الحرب في أوكرانيا نظرة الكثيرين في ألمانيا تجاه الحاجة إلى الدفاع الوطني، ما أعاد الجدل حول الدور العسكري لبرلين في أوروبا بعد عقود من التردد.