المحلية

عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت
الخميس 25 كانون الثاني 2018 - 02:00 ليبانون ديبايت
عبدالله قمح

عبدالله قمح

ليبانون ديبايت

"شَتمنا ومشي.. لا مين شاف ولا مين دِري!"

"شَتمنا ومشي.. لا مين شاف ولا مين دِري!"

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

جلسَ ركن من فريق الثامن من آذار على كرسيّه ليأخذ قسطاً من التحليل لزيارة مساعد وزير الخزانة الأميركيّة لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب، مارشال بيلينغسلي، إلى بيروت على رأس وفد، وما أفرغهُ من مواقف "حادة الطابع" خلال لقائه مع اعلاميين.

وبعد تناوله أوّل رَشفة من فنجان القهوة الموجود أمامه، قال: "لنفترض أن مساعداً لوزير الخارجيّة اللبنانيّة لشؤون القارة الأميركيّة قد زارَ واشنطن والتقى الصحافيين فيها، ثم عرّج على شؤون الداخل الأميركي، وصرّح بأن الحزب الجمهوري مثلاً –أو سواه- اعضاؤه هم ثُلّة من المرتزقة المرضى بداء التكبّر، واصحاب نوايا شيطانيّة، وهذا الحزب ليس هو إلّا سرطان في قلب أميركا"، فماذا تتوقّع أن يحصل؟

الصورة تتبلور أمامكَ سريعاً، حيث أن هذا المسؤول، واقلّه، لن يخرج على قديميه من واشنطن وإن خرج فيكون قد كتب له عمراً جديداً! هذا إن لم يحرّك "البانتاغون" الاسطول السادس ويبدأ بدك لبنان من شماله إلى جنوبه!، لماذا؟ لأن الولايات المّتحدة كمعظم الدول، تحفظ حق شؤونها لنفسها، وتمنع على الذين يزوروها أن يدلوا برأي على ارضيها في ما خصّ سياستها او احزابها أو مجتمعها أو غير ذلك، وهو عكس واقع الحال السائد في لبنان.

المثير للسخط، أن الذين يتداعون دائماً لمهاجمة الساسة الأميركيين والرّد عليهم من على المنابر الخطابيّة بعباراتٍ من العيار الثقيل، اختفى حسُّهُم فجأةً في ما له صلة بمسألة الرّد على التدخّل الأميركي السافر بالشؤون اللبنانيّة، إذ يبدو أن وصف حزب ممثّل في مجلسي النواب والوزراء، ويمثلّ شريحة يبلغ عددها ما يقارب المليون نسمة وأكثر بأنه "سرطان وشيطان" لم يَخدش مشاعرهم بل مرّت العبارات مرور الكرام.

يلمح الركن إلى مادة قانونيّة موجودة في أنظمة مختلف الدول، ترعى زيارات الوفود الخارجيّة إليها، وتعطيها الحق بممارسة فعل رقابي عليها. إذ يفترض أن يتواجد برفقة كل ضيف سياسي أجنبي في لقاءاته، مسؤول تنتَدِبه وزارة خارجيّة أي بلد، وهذا يأتي من ضمن إطار الحرص على عدم التدخّل بالشؤون الداخليّة أو إملاء أفكار على المضيفين، وهو فعل مغيّب عن لبنان منذ زمنٍ بَعيد، إذ يتحرّك سفراء الدول كافة، شرقيين وغربيين، عرباً واجانب، في جولات سياسيّة في الداخل اللبناني بحرّية ودون مساءلةٍ من أحد.

ويفترض أن تكون وزارة خارجيّة لبنان حريصة على عدم التدخّل بشؤون بلدها كونها الوصيّة على حفظ سياسيات هذا البلد وتمثيله، وفي مثل حالة بيلينغسلي وآخرين، يسجلّ أنها الغائب الابرز عما يجري، بل تمارس سياسة غير متوازنة تُلخّص بوضع أجر في البور وأجر بالفلاحة وغَرس الرأس في الرّمل.

فهي تقيم افضل العلاقات مع حزب الله الذي يتهمه الضيف الأميركي بالإرهاب والقتل والإغتيال والتدمير، وفي نفس الوقت تحرص على متانة العلاقات مع البلد الذي يمثله الضيف، لا بل تدعوا للتعاون معه في ما يُطلب من لبنان، علماً أن المطالب هي بمثابة سكاكين توجّه إلى عمق الخاصرة اللبنانيّة.

كنّا نظن أنه وفي صباح اليوم التالي على اطروحة المسؤول الضيف، أن تتوجّه وزارة الخارجية، اقله بسؤال للسفيرة الأميركيّة في بيروت، عن فحو ومضمون ما جاءَ في خطاب المساعد بيلينغسلي، وبالحد الادنى تقديم ولو احتجاج شفهي على وصف حزب ممثل لشريحة لبنانيّة طويلة عريضة بالسرطان والشيطنة، لكنها آثرت كما ركّاب المنابر من خطباء "مسّاحي الجوخ – غب الطَلب" في محور المقاومة، الصمت وعدم التعليق.

وبينما يعتبر الصمت شكلاً من أشكال القبول، يتحدث الرّكن بواقعيّة عن حال لبنان بعيداً من الدفاع عن أحد، أي في ما له علاقة بما جاء الأميركي به، ليشرح أنه وفي ما يتعلق بالنظام المصرفي اللبناني، هو مع الاسف مرتبط جوهرياً بالنظام المالي الأميركي.

وعليه يصبح لبنان مجبراً على التعاون مع الجهات الدوليّة والأميركيّة منها تحديداً في المجال المالي، ولا قدرة له على الرفض حتى لا تشن واشنطن حروبها الضروس على اقتصاده، لكنه ليس مجبراً على قبول التصريحات والمواقف الأميركيّة أبداً.

وفي ظل الصمت المريب الذي هو ادانة لوسط كبير من الساسة اللبنانيين، لم يبرح الرؤساء الثلاثة من تسميع الوفد الأميركي موقفاً واضحاً وموحّداً في مسألة تبييض الأموال والاتجار بالمخدرات، ولفت عناية الضيف أن لبنان كان من أوائل الدول التي كافحة الارهاب وتمويله، مقدمةً شواهد على ذلك.

وإن لم يقلل هذا الموقف من حديّة ما تناوله المسؤول الأميركي، لكن يسجل للبعض انهم لم يجاروا هذا الموقف إطلاقاً.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة