"ليبانون ديبايت" - رماح الهاشم
انتهت الانتخابات النيابية إلا أن مجريات هذه العملية وذيولها لم تنته بعد. فما إنْ ظهرت النتائج حتى بدأت مرحلة تقييم ما جرى، وجاءت مخيبة للبعض. على المستوى المسيحي، أوجدت هذه الانتخابات شراكة سياسية فعلية من حزب القوات اللبنانية الذي خاض الانتخابات بتحالفات سياسية منسجمة، ليُظهر ألا إمكانية لتفويض التيار الوطني الحر الواقع المسيحي، بل أفرزت ديمقراطياً شراكة مسيحية تبدو شكلاً على غرار الثنائية الشيعية.
على المستوى الشيعي، تمكن الثنائي الشيعي من حصد الغالبية الشيعية الساحقة بنحو واضح وحاسم، بالإضافة الى نحو 5 مقاعد سنية وكتلة مسيحية. إلا أن حجم الكتلة الشيعية ظل ما دون الثلث زائداً واحداً، ما يعني ألا قدرة لأيّ طرف على التعطيل.
أما الحصة الأكبر من الانتقادات وُجّهت لتيار المستقبل، فبعدما كان يمتلك كتلة نيابية قوامها حوالي 30 نائباً، باتت اليوم مكوّنة من 21 نائباً فقط. البعض ذهب إلى وصف ما جرى بمثابة "نكسة كبيرة" لرئيس الحكومة سعد الحريري. وعليه وجهت له دعوات لضرورة معالجة تداعيات ما حدث قبل أن تُصبح نكبة لمشروعه السياسي ولزعامته. إلا أن أوساط مراقبة لم تر فيها أية خسارة بل فوزاً على مفاعيل القانون الحالي الذي لم يكن ليعطي المستقبل أكثر من 15 نائباً منذ اللحظة الأولى لإقراره.
أسئلة كثيرة طُرحت عن العوامل التي أدت الى هذه النتيجة. البعض عزا نتائجها إلى سياسة المستقبل "الخاطئة" من انتخاب رئيس الجمهورية ميشال عون إضافة إلى بعض التحالفات، وتململ جمهوره، مما أدى إلى تدني مستوى المشاركة.
في السياق، يؤكد عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل الصحفي راشد فايد أن نتائج الانتخابات كانت متوقعة إلى حد كبير منذ اللحظة الأولى لإقرار القانون. وأعاد تدني نسبة المشاركة في حديث لـ"ليبانون ديبايت" إلى أن هناك "ضعف ايمان لدى الناخب بأهمية الانتخابات ودورها في تحديد مصير البلد. إلا أن العامل الأبرز تمثل بغياب قضية على غرار ما حصل عامي 2005 و2009، إبان اغتيال رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري.
وعن تحميل مسؤولية ما حصل لأهالي بيروت بسبب ضعف المشاركة البيروتية، دعا فايد إلى الكف عن ذلك، وأشار إلى أن كل القوى السياسية جنت ما زرعت خلال الاعوام التسعة التي انقضت من دون اجراء انتخابات نيابية. وبالتالي يجب الكف عن تحميل الناس مسؤولية ضعف نسبة الاقتراع، وتوجيه سؤال إلى هذه القوى عما فعلت لتقنع الناس بأهمية الاقتراع.
ويشرح أسباباً عدّة قد تكون أدت إلى عدم تحقيق نتائج أفضل في الانتخابات، أبرزها؛ تركيبة القانون الانتخابي الذي يسعى إلى تكريس الطائفية والمذهبية وتغليبها على المصلحة الوطنية ويُسهِم في تقطيع الدوائر الانتخابية على غرار ما حصل في العاصمة بتقسيمها الطائفي العامودي، وهو ما أثّر سلباً على صورة المستقبل.
وفي ما خص تململ جمهور المستقبل من تحالفاته، لفت فايد إلى أن هناك تحالفات قد تثير غضب البعض إلا أن هناك ضرورة أحياناً لعقدها من أجل حصد أكبر عدد ممكن من المقاعد النيابية. ويرى أن التقصير قد يكون نتيجة عدم توضيح هذه السياسات للرأي العام الذي بقي رافضاً لها، وعكسته إلى حد ما صناديق الاقتراع.
وفي ضوء ما أعلنه الحريري أنه سيتم العمل لتحقيق نتائج أفضل في الانتخابات المقبلة، يقول الصحفي ذاته: "لا يمنع من أن يكون هناك إعادة نظر في المنهجية العامة والسياسة التي اتبعت منذ ما قبل الانتخابات لتدوين كل ما حصل وقراءته بموضوعية لمعرفة الأخطاء وتجنبها في وقت لاحق". وأوضح أن "المرحلة المقبلة ستشهد مراجعة عامة لسياسة التيار".
وعن تسمية شخصية غير الحريري لرئاسة الحكومة، أشار عضو المكتب السياسي إلى أنه يحق لأي شخصية الترشح، لكنه في المقابل دعا إلى النظر والتدقيق في الأرقام، متسائلاً، من يقود كتلة نيابية مؤلفة من 21 نائباً، وهل من المنطق أن يكون منافسه مرشحاً فائزاً بمفرده؟ واستطرد "وهذا ما عودنا عليه حزب الله بأنه إذا كانت الاكثرية بالطائفة المعنية بالمركز غير راضية عنها معنى ذلك أن الامر لا يسير. واستشهد بحادثة استقالة الوزراء الشيعة من حكومة فؤاد السنيورة ما حال دون وصول أي شخص آخر ليكون وزير في حينها، على الرغم من أن شخصيات عدة أعلنت رغبتها خوض المغامرة الى جانب 14 أذار، مذكراً بـ "حفلة القمصان السود" حينها. وبناء عليه، لن يكون هناك تكليف لأي شخصية لتشكيل الحكومة ما لم يُحترم الاوزان النيابية للكتل المعنية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News