باسيل... "الحاكم بأمر الله"

"ليبانون ديبايت" - نهلا ناصر الدين

"نريد الاحتفاظ بحقائبنا الحالية ونريد ايضاً حقيبتي الأشغال والشؤون الاجتماعية، وإن كان هذا الطرح لا يعجب القوات والمردة فليبقوا خارج الحكومة". قالها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، بحسب تسريباتٍ نشرتها إحدى المحطات المحلية، خلال لقائه برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في باريس.

استفزت الأخبار المسربة من اللقاء الباريسي الطويل، والتي تزامنت مع ما نقلته إحدى الصحف عن مصادر بعبدا "ألا حكومة من دون المير، وإما أن يوزّر النائب طلال إرسلان أو من يسميه أو فليبقَ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي خارج الحكومة وبذلك يكون منسجما مع مواقفه المعارضة للعهد"، الجهات المعنيّة. الأمر الذي زاد طين الامتعاض من التيار البرتقالي بلّة لا يبدو أنها ستجف في القريب العاجل، ما له أن يؤثر سلباً على تشكيل الحكومة.

لا يخفى على أحد الحراك الحكومي المكوكي الذي يقوم به "الرجل الذي لا ينام"، والذي يؤسس بمطالبه لعلاقة سلبية مع عدد كبير من القوى السياسية الموجودة على الساحة اللبنانية السياسية. ويرى متابعون في أداء باسيل الأخير "قوطبة" على الرئيس المكلف، وتفرّد واستئثار في القرار الحكومي تحت غطاء العهد. علماً أن القانون يمنح الحق الحصري للتأليف للرئيس المكلف، حتى أن الاستشارات النيابية التي يقف فيها عند خاطر الكتل النيابية ما هي إلا استشارات غير ملزمة لا يجبره القانون الالتزام بها.

وعلى الرغم من نفي مكتب باسيل هذه التسريبات وأكد أن أجواء لقاء باريس كانت ايجابية، لم تنفِ ولم تؤكد مصادر الحريري ذلك. وترفض الأخيرة في حديث لـ"ليبانون ديبايت" الرد "طالما أن العنوان هو تسريبات وليس هناك من تصريح رسمي واضح". وتكتفي بالقول إن "باسيل يتصرف على أنه ابن العهد الذي يؤمن له الغطاء". وتؤكد أن "رئيس الحكومة المكلف يعرف صلاحياته وواجباته بغض النظر عن الكلام الذي يسمعه من أي طرف سياسي، وهو يدرك جيداً ما يجب القيام به".

وفي الوقت الذي رفضت فيه مصادر "الاشتراكي" التعليق، قال عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب عماد واكيم إن أداء باسيل "كلّه غير مفهوم ويتخطى كل الأصول". ويؤكد في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أن الوزير باسيل ليس برئيس مكلف ليشكل الحكومة، ودوره ينتهي عند نقل مطالبه للرئيس المكلف. ولا يحق له أن يفرض شروطاً على أحد لا هو ولا أي رئيس حزب ثانٍ. هناك رئيس مكلف أخذ ثقة المجلس النيابي وسمّته الأكثرية، له فقط الحق بتشكيل الحكومة".

وعن مطالب القوات يقول واكيم "لا يطالب الحزب بما هو خارج إطار الحقيقة والمنطق. أُجريت انتخابات نيابية بيّنت التأييد الشعبي للقوات وحجمه الحقيقي. وأظهرت توازناً في الأصوات التفضيلية بيننا وبين الوطني الحر بالأصوات التفضيلية. بالإضافة إلى أن هناك اتفاق معراب الذي ينقلب عليه باسيل اليوم، والذي ينص على وجوب المساواة بين وزراء التيار والقوات طوال فترة العهد".

ورأى أن أداء باسيل الأخير فيه محاولة تفرد واستئثار بالقرار، وله أن يؤخر تشكيل الحكومة في الوقت الذي لا يحتمل فيه الوضع الاقتصادي كل هذه المماطلة. وتساءل النائب القواتي "هل كلما تضاربت مصالح باسيل مع مصالح فريق سياسي سيقول اخرج من الحكومة، وكأنه الحاكم بأمر الله؟ وهل هذا المبدأ سينطبق على الحريري في حال لم ينفذ مطالب باسيل؟".

من جهتها، سألت عضو لجنة الشؤون السياسية في المردة ميرنا زخريا السؤال ذاته في ردها على ما نُقل من تسريبات لقاء باريس، وقالت "هل إذا اختلف التيار والمستقبل سيكون الجواب نفسه الذي وُجّه للمردة والقوات".

ورأت زخريا أن في هذا الأسلوب، تبعاً لعلم السياسة، ازدواجية في الأسس في التعامل مع كل طرف سياسي على حدة، وهو أسلوب قوامه افتعال الأزمات، ومن ثم طرح الحلول "ما يجعلنا نعيش في دوامة من الأزمات المتلاحقة تحت وطأة اتخاذ قرارات سريعة، وهو ما نعيشه من يوم ترأس العماد عون رئاسة الجمهورية".

وتؤكد زخريا لـ"ليبانون ديبايت" أن هذا الأسلوب ليس بجديد بل استعملته اسرائيل مع المقاومة، وأميركا مع العرب، وهدفه إحداث تعديلات لصالح الطرف الذي يختلق الأزمات، وبين الأزمة والأزمة يُلحظ التغيير ما يسمح بفرض شروط معينة تخدم قوى معينة. وتمنت زخريا عدم استمرار التيار بهذا الأسلوب الذي يأخذ البلد وأهله إلى مالا تُحمد عقباه.