"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
حزم السفير الإيراني محمد فتحعلي حقائبه مستعداً للعودة الى بلاده تاركاً موقعه لسفير جديد جرى تعيينه قبل الانتخابات النيابية يدعى محمد جلال فيروزنيا يتحضر لاستلام منصبه الجديد الذي دشّنه بنيل تفويض من رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني لـ "تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية مع لبنان"، ما يؤشر الى المهمّة الموضوعة على عاتق السفير الجديد.
وعلم "ليبانون ديبايت" من مصادر مواكبة أن "لاريجاني التقى السفير فيروزنيا يوم الاثنين الماضي ووضعه بصورة نيّته زيارة لبنان في موعد اقصاه شهر أيلول المقبل، موعزاً اليه الاعداد للزيارة مع اصحاب الشأن بعدما جرت احاطة السفارة في بيروت بخطوة لاريجاني متكفلةً بإبلاغ الجهات الرسمية بها".
لكن قبل مغادرته، يتوجب على السفير فتحعلي تطبيق البروتوكول الذي يقضي بإجراء زيارات وداعية لعدد من الشخصيات السياسية، رسمية وغير رسمية، ارتبط معها السفير بعلاقات. ووفقاً لمعلومات "ليبانون ديبايت"، فان السفير وضع وزارة خارجيته بصدد القيام بالجولة، واستهلها يوم أمس بزيارة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.
ما يصلح الالتفات اليه في هذا المقام هو ما يجري تناوله بهدوء داخل صالونات سياسية مراقبة من أن زيارات فتحعلي الوداعية يرشح ان تكون خاتمة لأسلوب دبلوماسي اعتمدته الجمهورية الاسلامية في ما يتعلق بدورها في بيروت منذ مدة طويلة، وفاتحة لأسلوب يأخذ طابعاً مختلفاً يتوقع أن تتميّز به في المرحلة المقبلة.
ما يعزّز التنبؤ بهذا الأمر هو خلفيّة السفير المُعيّن، فضلاً عن المنحى السياسي على الصعيد الاقليمي والذي تبّدل جذرياً في السنوات الماضية، إذ أدخل لبنان في عمق مصالح بعض دول الاقليم، ولم تعد معه تقاس الامور كما كانت من ذي قبل.
يتبين من خلال الرصد والتتبع ان السفير المعين حديثاً يتمتّع بخبرات تفوق الدبلوماسية، لكن أكثر ما يجذب المعنيين واستطاعوا جمعه من معلومات، ان هذا السفير متخصص وصاحب خبرة وضليع في قضايا التعامل مع الملفات الخليجية، وقد استمد خبرته هذه، نتيجة لدراساته ولاعتماده سفيراً في عدد من الدول الخليجية، ما أهّله لاحقاً لشغل منصب المدير العام لمكتب الخليج الفارسي (أو العربي) في وزارة الخارجية.
وتكشف المعلومات التي جرى جمعها بدقة، ان السفير فيروزنيا اعتمد سابقاً كسفير في عدد من الدول الخليجية الرئيسية ذات التماس او الارتباط المباشر بالقضايا والاهتمامات الخليجية مثل "الكويت والبحرين"، وفي درجة أقل اليمن الذي يعتبر موضع نفوذ سعودي تاريخي. بالاضافة الى ذلك عُيّن قبل أعوام سفيراً في ماليزيا غير البعيدة عن النفوذ السعودي.
معنى ذلك ان الدبلوماسي الايراني المقبل احتك ببيئات خليجية متعددة واختبر كيفية التعامل معها. لكن ما علاقة هذا بمنصبه الجديد في لبنان؟
من المتعارف عليه ان الدبلوماسية الإيرانية اختارت ان تمارس نموذجاً ناعماً طوال اعتمادها لتمثيل بلدها في بيروت، وهذا محل توافق من قبل خصوم طهران واصدقائها، ولم يثبت لمرة واحد ان رصد تحرّكاً دبلوماسياً قام به اي سفير ايراني صوب اي مسؤول فارضاً عليه املاءات او نصائح تندرج ضمن اهتمام دولته، في وقت كان لبنان يرزح تحت سيل جارف من تدخلات بعض السفراء التي وصلت حد الدخول الى ادق التفاصيل اللبنانية من باب "الصداقة والمونة".
وكنتيجة طبيعية للبرغماتية التي مارستها الدبلوماسية الايرانية في بيروت، لم يكن غريباً على متتبعي احوالها ان يشاهدوا في قاعات السفارة شخصيات محسوبة على المعارضة الشيعية المصنفة ضمن خط الخصومة مع إيران وحزب الله تنتظر مواعيد مع السفير الذي بدوره كان يفرغ مساحة ويخصص لهم دعوات توجهها عادةً السفارة لشخصيات لبنانية لحضور احتفالات ايرانية تقام في بيروت.
لكن يبدو من خلال ما يدقق به بعض الساسة ان القديم لن يبقى على قدمه، إذ ان ايران باتت جاهزة لتدشين مرحلة جديدة من دبلوماسيتها في بيروت لن تكون من النوع المعهود. في المقابل، لن تعتمد نموذج الاشتباك او الدور المشابه كالذي يقوم به سفراء دوليون واقليميون.
وبحسب السائد المتوفر، ليس بالضروري ان تكون النسخة الجديدة من الدبلوماسية الايرانية في بيروت قائمة على مبدأ المواجهة مع دول ترتبط معها بخصومة أو هي بصدد تصدير ازمات او نقل اخرى الى لبنان لكون طهران لا تمارس السياسة المعممة بل تخص كل بلد بأسلوب، بل ستعتمد هامش حركة أكبر ومتوازن يسهم في تعزيز العلاقات معها.
اللافت في مقام آخر، ان السفير الذي يستعد لاستلام مهامه دأبت وزارته على تعيينه في دول تتمتع السعودية فيها بنفوذ قوي ما كان يشكل بالنسبة للأخيرة عامل حساسية، فهل ينسحب تفكيرها هذا على لبنان؟ وهل ستجعل هذه الصفات السفير فيروزنيا بنموذج قريب ــ الى حد ما ــ بوزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان؟، تسأل مصادر متابعة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News