"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
في كواليس الترتيبات حول اعادة النازحين السوريين الى بلادهم وصلت رسالة الى رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري أن عليه التحرّك ووضع قدم في البوسطة قبل ان تسير ويصبح من الصعب اللحاق بها، لكنه فضل وقتذاك التمهل قليلاً لان دخول البوسطة يرتب عليه موجبات سياسية لا يستطيع حملها فصرف النظر عن الموضوع.
عاد الرئيس الحريري وأدرك متأخراً أن عليه اللحاق بالبوسطة بعدما ظهر ان طريقها سالكة ومكفولة النتائج والضمانات، فعاد وبحث بين اوراق نقاشاته القديمة في العاصمة الروسية موسكو عله يجد الباب الذي يعيده الى الاجواء واحياء النصائح الروسية من اجل الحظي بدور في المشروع، فعثر على ما كان يسعى اليه.
وعليه قرّر ارسال احد مستشاريه الى موسكو بنية اجراء لقاءات مع المسؤولين الروس حول الملف وطلب وتنسيق التعاون معهم، لكن المضمون الحقيقي هو تأمين موقع للحريري كممثل للدولة اللبنانية في البوسطة.
قبل ذلك، راجت مواقف تحسب على دائرة الحريري، كان ابرزها الكلام الذي ورد على لسان وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، طالبت الدولة بفتح باب التنسيق مع روسيا بصفتها تلعب دوراً اساسياً في الملف.
يتردّد في بيروت ان خطوة المرعبي لها اسبابها الخاصة وتهدف الى امرين، تسجيل هدف في مرمى رئيس تياره السياسي سعد الحريري في ظل المقاطعة التي باتت واضحة بين الجانبين، وعرقلة خارطة الطريق التي وضعها حزب الله كسياق اجرائي يعمل على اعادة النازحين.
وانطلاقاً من هنا اوعز الى مستشاره تسريب معلومات عن خطة روسية موضوعة لمعالجة ملفات النازحين السوريين في كل من لبنان والاردن وتركيا مستنداً على مقررات قمة هلسكني التي جمعت في 16 تموز الفائت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاميركي دونالد ترامب، كاشفاً ان روسيا تعمل على تطبيق خطة لانشاء مركز تجميع عند الحدود.
لقد سقط سهواً ربما من دفتر مستشار المرعبي ان السلطات الروسية كانت قبل القمة بوقت طويل يصل الى عام تقريباً بدأت اجراءات تأمين المراحل اللوجستية التي تكفل اعادة النازحين السوريين، كان "ليبانون ديبايت" اول من كشف عنها في تقرير حمل عنوان "حميميم روسي في لبنان"، اي ان المسار الروسي بدأ قبل قمة هلسكني وليس بعدها.
وتقضي الخطة الروسية التي تتولى وزارة الدفاع التي انتقلت من دائرة الحرب الى دائرة السلم تنفيذها، انشاء مراكز تجميع كبرى بالتعاون مع الاجهزة الرسمية اللبنانية تحت قيادة مركز اساسي على الحدود يستلم مهام العودة.
تتوقف مصادر دبلوماسية معنية في بيروت عند تقاطع الاسباب التي تحرك على اثرها الحريري في هذا الوقت، علماً انها أتت وفي وقتٍ كانت الترتيبات اللوجستية بين موسكو ووزارة الخارجية اللبنانية والامن العام بحكم المنجزة بفعل مسار طويل من التنسيق بدأ منذ أشهر وقاده كل من الوزير جبران باسيل واللواء عباس ابراهيم وحزب الله، ولم يبق الا المباشرة بالاجتماعات الرسمية.
وتأسيساً على ما تقدم، تطرح علامات استفهام حول اسباب استيفاقة الحريري المتأخرة. فاما ان له مصلحة من وراء الدخول في المسار الجدي لاعادة النازحين أو يستغلهم، واما انه "يضحك" على الروسي كي تتبين له الاهداف من وراء ما يطرح، وإما انه "يقوطب" على آلية العمل التي بدأ حزب الله تنفيذها.
ويتردّد أن احياء الحريري لمساره أتى بعد أيام قليلة على انتهاء قمة هلسكني ما يدلل على نيله رضى اميركي لم يكن موجوداً قبل القمة، فتحرك متظللاً بالتفاهمات الروسية - الاميركية التي لها ان تكفل حريته بعيداً عن الضغوطات التي قد يمارسها عليه حلفاؤه الاقليميون.
والابرز ان التحرك اتى بعدما لمس دخول تطور على خط التنفيذ وكذلك في اعقاب خطوات سعت اليها وزارة شؤون النازحين، ما يدل على ان اراد الاستثمار مع الجانب الروسي وفي نفس الوقت قطع الطريق على غيره، وقد ارسل احد مستشاريه الى موسكو كي يضع الملف بين يديه، وهذا ما يفسر غياب الوزارة المعنية عن اي دور في الزيارة.
لكن قبل التفكير بدخول المسار على الرئيس سعد الحريري بصفته الحالية ممثلاً رسمياً للدولة اللبنانية امام روسيا ان يحدد خياراته كي يصلح دوره في الملف، واولها فتح باب التنسيق مع سوريا الذي سبقه اليه وزير الخارجية والمدير العام للامن العام.
تكشف معلومات مستقاة عن مصادر متابعة للملف حصل عليها "ليبانون ديبايت"، ان روسيا ابلغت الحريري منذ فترة ان المسار المتبع في الحل هو ثلاثي ويتخذ صفة رسمية، اي بين روسيا وسوريا والدولة المعنية، لذا على لبنان تكليف شخصية تمثله من ضمن لجنة روسية لبنانية - سورية - روسية يجري انشاؤها خصيصاً للغرض.
حاول الحريري المواربة في هذه النقطة على اعتبار ان رئيس الجمهورية كلف المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم رسمياً التنسيق مع السلطات السورية في الملف، لكن روسيا طلبت ان يكون التكليف رسمي كامل، اي يحظى ببركة قرار حكومي صريح من الحريري بصفة ما يمثل.
ووفق معلومات مصادر دبلوماسية، سمع الرئيس الحريري قبل فترة كلاماً واضحاً ان لا بديل عن الدور السوري في الملف، وهو ما اعيد تكراره على مسمع مستشاره الذي حمل نصيحة بضرورة اتخاذ قرار بالتعاون المباشر مع دمشق.
كان قد سبق ذلك، قيام دمشق بوضع رسالة واضحة في بيروت استلمها المعنيين، مفادها ان لا تنسيق حول اي ملف يرتبط بتنفيذ مطالب لبنانية من سوريا من دون تنسيق رسمي ومباشر معها، معنى ذلك ان الملفات متكاملة ولا فصل بين المسارات.
وفي كلام واضح ولا يحمل التأويل، تذكر المصادر أن موسكو ابلغت الجميع ان دورها تسهيلي ويبدأ بعد فتح قناة التنسيق المباشر مع الدولة السورية -أي النظام-، اي عبر اللجنة الثلاثية كي يسهل على روسيا بدء تنفيذ المسار المخطط له. لذا على الرئيس الحريري المفاضلة بين مواقفه الشخصية ومصلحة الدولة اللبنانية التي امامها اليوم مساراً مؤمناً لاعادة النازحين.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News
