المحلية

السبت 04 آب 2018 - 02:00 LD

انقاذ "العهد" من الورطة

انقاذ "العهد" من الورطة

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

يسيّر البعض اتهاماً ملتبساً في الشكل والتوقيت، ويقدم على اطلاقه وترويجه على أكثر من مستوى، مضمونه ان حزب الله بصفته المرشد الأعلى للحلفاء في 8 آذار، يقود فكرة تسويق حكومة من لون أكثري معين، اي حكومة اكثرية من وحي نتائج الانتخابات. وبحسب هذا الادعاء، ان الحزب يتخفى خلف حليفه التيار الوطني الحر في إطلاق الفكرة وتسويقها وعلى تبنيها من خلف الستارة في تبادل واضح للأدوار.

الكلام هذا كان مطلع استفسار ومتابعة من جهات خصمة لحزب الله هدفها استطلاع موقفه الحقيقي عبر اصدقاء مشتركين.

كان هذا الكلام قد تناهى الى اسماع الرئيس المكلف سعد الحريري قبل لقائه بمعاون الرئيس نبيه بري السياسي الوزير علي حسن خليل، فذكر امامه ما يسمع معطوفاً على قرار واضح:" أرفض تشكيل حكومة أكثرية"، فسمع من المعاون نفس الكلام ملفوفاً بموقف واضح للرئيس بري بالرفض، ثم استفسر الحريري ضيفه بالنسبة لموقف حزب الله وإذا كان مختلفاً، ليرده خليل غير خائب: "حزب الله متجانس مع موقف الرئيس بري".

عند هذا الحد، عمّمت اجواء اوحت بأن الخوض في حكومة أكثرية أضحى من الماضي وهو مطلب ليس محل اجماع ومحصور ببنات افكار جهة سياسية واحدة هي التيار الوطني الحر، وان احداً لا يتبنى المشروع، وسط اعتقاد ساد بان أطلق هذا الموقف غايته استفزاز الحريري، فجرى طي الفكرة ثم بدأت مسيرة التراجع المهذّب.

المدهش ان حزب الله الذي يعتبر فائزاً بمجموع الحلفاء في الانتخابات، تنصل من الاتهام، ولم يرد مرة سائليه حول هذا الموضوع خائبين، مجدداً امامهم انه لا يريد حكومة اكثرية لأنها تعني المواجهة، ونحن بعد اتفاق الدوحة والوضع الراهن في لبنان لسنا في وارد المواجهة مع أحد.

وقياساً على تفتت مكونات 14 اذار، يوجه مسؤولي الحزب سؤال محدداً: "حكومة مواجهة مع من؟ يمكن أن تقول لي القوات؟ حسناً. هم ليسوا في وارد المواجهة بدون الحريري وجنبلاط. الاول يريد الاستثمار بحقل رئاسة مجلس الوزراء ولا وقت لديه للتقاتل، والثاني يلحظ التغييرات من حوله ولا يزعل الرئيس بري.. فضلاً عن ذلك، حكومة المواجهة تؤذي وتضر لا تفيد وبعمرها لم تقدم افادة ونحن بأمس الحاجة لإنتاج، فهل نواجه؟

وللدلالة على موقف الحزب، تلفت اوساط معنية، انه وحين رفع الطرح الى مصاف البحث، تحرك على مستوى رئيس الجمهورية ميشال عون، لافتاً عنايته الى عواقب وخيمة تستبطن في هذا الامر قد تسهم في توفير ذريعة مفيدة لإطفاء دفعة لعرقلة العهد مضمونها ان "حكومة اكثرية تعني حكومة حزب الله"، ما جعل بعبدا تتريث ثم تتراجع وتسوق خياراً مختلفاً، ولم يكن باسيل بعيداً عن هذا الجو.

ومما رفع منسوب الاعتقاد باستغلال قضية "الاكثرية" لفرملة عهد عون، هو ما درجت بعض السفارات الغربية على فعله. فقد طلبت احداها وتصنف بارزة، التواصل بشكل مباشر مع قيادة حزب الله عبر قناة موجودة بهدف الاستفسار عن الخطوات المقبلة وطبيعة موقفه من حكومة اكثرية، فأتت الاجابة بـ "رفض الطرح".

وفهم ان اهتمام هذه السفارة باستجلاب الموقف الواضح، غايته البناء في اي تحرك مقبل على وقائع سياسية دامغة لا كلام ينثر في الاعلام.

وعلى نفس المستوى، حركت خطوط التشاور التي يفتحها مقربون من الحريري مع الحزب، وسمع نفس الكلام، اي الرفض، مع رسالة بالغة الدلالات، فحوها "متعاونون ومسهلون لمهمة الحريري ولا خيارات بديلة"، وهو نفس الكلام الذي راج في عين التينة حول ضرورة ان تكون الحكومة "جامعة ووحدة وطنية".

لكن دائماً ما تجد من يبرر اسباب هجومه، كمثل ادعاء ان حزب الله يريد السيطرة على مجلس الوزراء بعدما استحوذ على مجلس النواب، وهو يريد لنفسه تأمين ثلث معطل كي يطبق سيطرته على الدولة.

المثير للجدل، ان اصحاب النظرية اعلاه يوقعون أنفسهم بالعادة في افخاخ من صنع ايديهم. مثلاً يتحدثون عن استحواذ حزب الله على مجلس النواب، لكنهم في قراره أنفسهم يعلمون ان الحزب فاز في الانتخابات لعدة اسباب أولها ضعف خياراتهم، وانه لم يجرِ انقلاباً سياسياً على مبادئ.

علامة اخرى لافتة، ان حزب الله الذي يحال عليه اتهام تطويع الدولة وضمها الى المحور الايراني بذريعة خالية الدليل (تبنيه حكومة اكثرية)، في الحقيقة لا يحتاجها لكونه متحالف مع رأس الدولة اللبنانية اي رئيس الجمهورية، الذي يعتبر وجوده في سدة الرئاسة وتوقيعه اشد قوة من مفاعيل مجموعة اثلاث ضامنة لا ثلث واحد، ووجوده على ذك الكرسي هو بحد عينه ثلثاً ضامناً.

وبالاستناد على ما تقدم، ينظر الى الحزب على انه اكثر مسهل لمهمة الرئيس الحريري وليس في وارد الاطاحة به لأنه يلتزم نتائج الانتخابات وما افرزت، وطبعاً ليس بوارد توكيل مهمة العرقلة إلى فريق حليف.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة