"ليبانون ديبايت" - كريستل خليل:
بعد نقل "بحر العيد" من مكانه المعهود بمحيط خان الإفرنج والمدخل الجنوبي الغربي لصيدا القديمة حيث مكث أكثر من 80 عاما، الى رصيف ميناء الصيادين على بولفارد رفيق الحريري في صيدا، تجري الاستعدادات للاستغناء عن هذا "المعلم التاريخي" الذي يحكي قصة اطفال المدينة. اكتسب هذا الموقع المخصص للألعاب والمراجيح والباعة المتجولين اسمه بسبب شهرته في المدينة منذ عشرات السنين، اذ كانت هذه الملاهي المتنفس الوحيد للعائلات لا سيما الطبقات المتوسطة والفقيرة خصوصا ايام الأعياد.
يودع اهالي المدينة هذا المكان وما تبقى من ذكرياتهم فيه، وابنة الـ 17 عاما التي ترعرعت منذ نعومة أظافرها في جوار هذا المعلم نتالي كنعان روت بحسرة لـ"ليبانون ديبايت" حجم الخسارة المعنوية التي تسبب بها تغيير موقع بحر العيد. وازالته نهائيا يمس بذكريات المدينة وأهلها وأطفالها وحتى بأبنائها الذين لن يتمكنوا من التعرّف على مكان تجمع ولهو الأطفال منذ عشرات السنين.
"في ناس فقراء ما قادرة تاخد ولادها عالملاهي ويدفعوا لي فوقن ولي تحتن، بينزلو مع ولادن عبحر العيد بـ 1000 ليرة بيقدرو يلعبو وينبسطو. طعام ومرح وأجواء مميّزة، تطبع ذكريات ليس فقط في أذهان الصغار بل الكبار أيضاً"، قالت كنعان. وانتقدت نقل بحر العيد الى الكورنيش هذا العام، لما يشكل موقعه من خطورة على الأولاد، وعدم توفُّر الأمان والأجواء التي كانت سائدة في موقعه السابق. وكأن نقله مجرد تمهيد للأهالي للقول انه "العيد الأخير في بحر العيد، فودعوه!".
وتحدّثت ابنة الـ17 عاما عن حزن الأهالي "زعلانين، ما الن غير بحر العيد. والحديقة الموجودة بالجوار ليست بديلا، لأنها لا تحتوي على العاب للأطفال، ولا تفتح ابوابها الا نهاية الأسبوع. ومهما غيروا فيها لن تصبح بجمال بحر العيد وما يحمله المكان من قيمة معنوية لدى اهل صيدا. للأسف لن أتمكن من تعريف أولادي على مكان اللهو الذي ترعرعت فيه، والذي عرفتني والدتي الخمسينية عليه لأنه طبع في طفولتها ذكريات قديمة ايام العيد ايضا".
الجزء الشعبي الأشهر من واجهة صيدا البحرية الذي خصص فيه الأهالي ساحة رملية مجاورة للميناء وجعلوا منها مكانا للاحتفالات بالعيد تبخّر. وستفتقد زوايا المكان لبسطات المأكولات والمشروبات ولمشهد الفرح العارم الذي تلخصه الأراجيح وصوت ضجيج الأطفال، مثلما سيفتقدها الأهالي. لكن رئيس بلدية صيدا محمد السعودي يرفض تصوير عملية ازالة "بحر العيد" بالخطوة السلبية، لما في المشروع من خطة تأهيلية وتجميلية للمدينة وأهلها.
ولفت السعودي لـ"ليبانون ديبايت" ان المشروع البديل يتضمن تنظيف المنطقة وتحويلها الى حدائق وساحات عامة مخصصة لألعاب الاطفال مجانيا، وتنظيم الحركة في الجوار لما يتماشى مع صورة المنطقة الحضارية. واشار الى ان هذا المشروع ليس الأول ولا الأخير في المنطقة ويقع ذلك ضمن ورشة اصلاحية شاملة لمشروع التأهيل والتجميل لواجهة صيدا البحرية ومداخلها وحول مواقعها الأثرية التي باتت تعج بالفوضى والنفايات والاهمال.
رئيس البلدية الثمانيني لم ينكر قيمة بحر العيد وما طبعه من ذكريات في طفولة أهل المدينة التي هو منها، لكنه وعدهم بالمقابل انه سيعيد للأهالي والأطفال بهجة العيد التي أطفأت النفايات والفوضى وهجها. ومثلما تحوّلت المساحة في جوار مدرسة المقاصد التي اعتادت ان تكون خربة تستخدم مرآباً للشاحنات ومستودعاً للمعدات والخردوات ومكباً للنفايات الى حديقة كاملة المواصفات ومجانية هكذا سيسترجع الأهالي بعد الانتهاء من المشروع موقعهم الشعبي والمجاني الذي يحوي على العاب وخيم ومأكولات.
الحديقة المقرر استحداثها بدلا من "بحر العيد" مسقوفة اسوة بتعرض الأطفال والأهالي لأشعة الشمس او الامطار، وتتضمن ألعاباً ترفيهية ومقاعداً. ولن تنقص عن الأهالي او الأطفال اي من حقوق الترفيه المجاني الذي حظوا به. أما في ما يتعلّق بالعقارات ذات الملكيات الخاصة التي تقع ضمن المساحة التي سيشملها المشروع، دعا السعودي أصحاب العقارات الخاصة التوجه الى البلدية لبيع سند ملكيته بالسعر المناسب الى البلدية.
وعمل البلدية لن يقف عند انتهاء هذا المشروع بل الحملة تستكمل في المستقبل لتشمل شمال المنطقة وكافة مدينة صيدا حرصا على تأمين الصورة الأفضل والأكثر حضارة لهذه المدينة التاريخية العريقة، التي باتت مقصدا للسياح. فهل تبدد هذه الوعود خوف الصيداويين على هذا المعلم وخشيتهم من محو ذاكرة معمرة منذ أكثر من 80 عاما وايام جميلة طبعت في حياتهم، موقعها "بحر العيد"!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News