المحلية

الثلاثاء 07 آب 2018 - 12:03 LD

ماذا ينتظر القوات من بعبدا؟

ماذا ينتظر القوات من بعبدا؟

"ليبانون ديبايت" ــ فيفيان الخولي

يدرك حزب القوات اللبنانية تماماً أنه عينٌ تختلف عن الأخرى الخاصة بالتيار الوطني الحرّ. ويعلم رئيس الحزب سمير جعجع أنّ هذه الخلاصة التي خرج بها من قصر بعبدا، خلال زيارته الرئيس ميشال عون لمناقشة "تحجيم" القوات في الحكومة المقبلة، علميّة لا منطقية، ولا تشبه الواقع، وإلا لما أصبح وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي موفداً إلى القصر.

والأهم أنّ مع كل زيارة قواتية إلى بعبدا، تُصطحب "المرونة" الرئاسية بوجوب مناقشة الأمر مع رئيس التيار جبران باسيل، وهذا "الأمر" يختلف طبعاً بين موعد وآخر. فأحياناً يكمن في العدد والوزن، وأحياناً أخرى بنوع الوزارات، وكأنّ التعجيز يتلطّى خلف "المرونة" ليبدو بهيئة "اللطيف"، باعتبار أن لا لقاء بين جعجع وباسيل. كما أن الأخير لا يكلّ في كل مناسبة عن التذكير بحجمه الشعبي وكتلته النيابية، وما أفرزته الانتخابات النيابية.

أضف إلى فرض شروطه على الأحزاب كافة، في طليعتها القوات، ليعود ويؤكد ألا مشكلة لديه بحصول القوات على ما يريده، لكنه في المقابل لن يتنازل عن حصته نوعاً وكمّاً. لا وضوح أكثر من ذلك في إيصال الرسائل إلى العنوان الأساسي في بيت الوسط ومنه إلى معراب والمختارة، مع الأخذ بعين الاعتبار تهميش بقية الأفرقاء.

وصول القوات إلى التفاوض مع الرئيس على 4 وزراء ضمنهم حقيبة سيادية، وهو القرار المتداول حالياً في المجالس، على الرغم من أنّ "القديس شربل وحده يستحق التنازل له"، على حد قول جعجع، الذي شدّد على تمسّكه بحصة وزارية وازنة تعادل خمسة وزراء على الأقل، يدلّ على أنّ العين القواتيّة معصوبة. أمّا العين البرتقالية مزوّدة بأشعة ليزر للقضاء على كل ما يعيق دربها، وآخر ما صدر عن باسيل أنه يريد افهام الجميع اننا "لم ولن نتنازل عن حقوقكم، لأننا إن لم نحصل على حكومة متوازنة اليوم، لا نستطيع أن نعدكم بالمستقبل الذي نريد"، خير دليل.

وعلى الرغم من تخفيض القوات لعدد حقائبه مكتفياً بالسيادية، في ظل اقتناعه بعدم صلاحيات نيابة رئاسة الحكومة، تحت قاعدة مجبر أخاك لا بطل، يخرج من الفريق العوني مَن يقول إن لا تفاوض حول وزارة الخارجية التي هي من حصة الوطني الحرّ. تبقى إذاً وزارة الدفاع التي ستطلق النيران من كل حدب وصوب تجاه القوات لاستبعاده عنها.

وللقصر أسلوب آخر تجسّد بالطلب من القوات التحدث إلى رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري في ما يخصّ الحقيبة السيادية. عون يدرك أن الأخير على وفاق مع القوات، كما أن الحريري لا يتماهى مع الحزب من باب الحليف وعودة الصديق فقط، بل هي استراتيجية رئيس تيار المستقبل الجديدة، التي تفرض عليه لملمة الفريق السيادي، في الوقت الذي تغلل فيه الخصم في مفاصل الدولة، والإنذارات كثُرت.

وما يعلمه الرئيس حق المعرفة أنّ حتى الحريري يواجه عناد باسيل، والمطلوب أن تذهبوا جميعكم إلى باسيل. وما كان مدفوناً في بعبدا ومعلوماً لدى اللبنانيين في الداخل والمهجر، وحتى في أروقة السفارات الأجنبية والعربية، جاهر به الرئيس، أخيراً، مبشراً بمرشحه للرئاسة المقبلة وهو باسيل ذاته. والسؤال هنا، لماذا يصرّ القوات على فتح قنوات التفاوض الحكومي مع الرئيس، وماذا ينتظر من عون، وهو الحزب الذي تمكّن من إحداث خرق على مستوى الوطن، ويحق له التمسّك بحقوقه المنطقية والتي أقرّ بها الرئيس المكلّف؟

تعيد مصادر تعمل على خط تشكيل الحكومة تعاطي القوات في ما يخص حقائبه مع الرئيس، على الرغم من إدراكه حقيقة الحبكة، إلى أن الأخير يولي أهمية لموقع الرئاسة بغض النظر عن التلاحم بين عون وباسيل.

أحد القواتيين يقول، بعقلانية، "هل المطلوب فتح متاريس؟ لا يمكن بناء الدولة إلا بدبلوماسية ووعي بمعزل عما يحصل". ويشير إلى أن مراحل تأليف الحكومات المتعاقبة مرت بعقبات مشابهة، لكن الأمور تختلف هذه المرّة تبعاً للظروف باعتبار أن الأشخاص ذاتهم، إذ لا يمكن إلغاء أحجام القوى السياسية الآنية، والمطلوب تقديم التنازلات من الجميع لأن وضع شروط تعجيزية لانتزاع ما توفّر لن يمرّ.

ويعود القواتي إلى التأكيد أننا "لا نزال داعمين للتسوية وللعهد، ولن نسمح لا لباسيل ولا لغيره إعطاء حجج للخروج من التفاهم لاعتبارات مصلحية سياسية. وما يشاع عن أننا نتقصد ضرب العهد لا أساس له، كل ما في الأمر أننا ضد ملفات بعينها، ومن قال إنه لا يحق لنا الاعتراض!".

لكن للمصدر الأول رأي بموقع الرئاسة، مشيراً إلى أن لا أحد يأتي إلى الحكم من دون ارتباطات وتكبيل. عملياً لا شيء مخفياً في لبنان، وكلام الرئيس عن أن باسيل مرشحه للرئاسة المقبلة لا يمكن ترجمته إلا من خلال الحروب القائمة على بقية القوى اليوم، لإيصاله مرفقاً بفريق وازن.

ويلمّح إلى الدعم الذي يتلقاه عون من حزب الله، وهنا يكمن مغز التكبيل، باعتبار أن ما بين الرئيس وحزب الله ديون وايفاء، وإلا لما جاهر الرئيس بترشيح باسيل مبكراً في الوقت الذي يتوجب عليه الانصراف إلى حلّ المشاكل الحالية. لذلك فلا القوات ولا غيره من القوى يمكنهم الخروج عن العقلانية في ظل حكم مكبّل تفرض عليه المتغيرات بالمنطقة التفكير مرتين تزامناً مع غرق السفينة اللبنانية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة