"ليبانون ديبايت" - المحرر الأمني
أججت حادثة اكتشاف أدوار مشبوهة لرئيس مكتب مكافحة جرائم الآداب على خلفية شبهات لها علاقة بالدعارة، الغضب لدى "القيادة الحكيمة" التي بدا وكأنها منزعجة من تداول الخبر في الاعلام الى حدٍ بلغ بمديرها لمطالبة البعض بـ "الصمت" في سابقة تحصل للمرة الأولى.
لكن في الحقيقة يثبت ان الامور ابعد من مسألة غضب، نسبة لأن المؤسسة نفسها متهمة بتسريب المعلومات المرتبطة بخطواتها التأديبية التي تشهر سيف تطبيقها منذ مدة. نذكر مثلاً، كيف ان الحملة قد جرى تسريب تفاصيلها من خلال احدى الصحف وذلك عند بدايتها، في خروج واضح عن طبيعة العمل السري الذي يحتم حسن تطبيقه ان يبقى طي الكتمان وتجري الملاحقات بشكل خفي.
السياق الذي اتبع لاحقاً، كان يظهر بشكل واضح ان الضباط الذين يجري توقيفهم، يتقصد نشر غسيلهم بالتفاصيل والوقائع، مما اوحى بالوجه الشرعي ان البعض يتقصد افعاله ويرمي من وراء التسريبات المنظمة إما للانتقام أو الانقضاض على ضابط ما، علماً ان التسريب يحصل عادةً عبر اعلاميين مشهود لهم بعلاقاتهم مع المؤسسة، مع يعطي تلك التسريبات بعداً رسمياً واضحاً.
بالنسبة الى حادثة العقيد ج.ح وما سبقها من حوادث مماثلة جرى كشفها، تندرج عادةً تحت خانة الامور المرشحة للحدوث لدى أي جهاز أمني مماثل في العالم، بحيث يصعب ان يكون عداد مؤسسة مؤلف من 30 ألف فراداً وألا يخرج منها ضابط أو أكثر يسير خلف شهواته، ودائماً ما يكون الضباط عرضةً لتلقي اغراءات قد يسقط بعضهم أمامها.
المشكلة مع المؤسسة ليست في أنها تجهد من أجل اجتثاث الفاسدين المرتشين او تنظيف جسدها منهم، بل في غياب المعيار الواحد للمحاسبة وفق قاعدة واضحة تسري على الجميع، ودائماً ما نجد ان المحاسبة تتم بشكل استنسابي - انتقائي تغيب عنه المعايير التي يجب ان يخضع الجميع أمامها، وليس انتقاء اشخاص محددين للمحاسبة والتعميم وصرف ذلك عن غيرهم.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، درجت العادة ان يجري توقيف ضابط بناءً على ادلة واثباتات بالفساد. وقبل ان تباشر التحقيقات معهم، تدخل التسريبات الاعلامية على الخط، ثم وبعد يوم نقرأ في بعض الصحف روايات عن ارتكابات الضابط فلان حتى قبل ختم التحقيق معه، في خلاصات تصل في بعض الاحيان الى مستوى التشهير وكشف اوراق وارتكابات امام الراي العام، بيد من المفيد ان يجري التحقيق معه بتكتم شديد لا يعرض هيبة قوى الامن للاهتزاز.
الغريب في الموضوع، ان بعض الروايات المماثلة والتي تصنف على انها "هتك لحرمات ضباط" تمر مرور الكرام ولا تخصص لها "القيادة الحكيمة" موقفاً واحداً يعكس اهتمام المؤسسة بصورتها، بعكس تسريبات أخرى كان يقام الحد على الجهات التي تنشرها، مما اعطى انطباعاً عن وجود استنسابية في مكان معين، يظهر ان "القيادة" لها مصلحة في تسريبات وليس لها مصلحة في تسريبات مقابلة.
مما لا شك فيه ان التسريبات تحصل عادة من داخل المؤسسة وليس من مجال لإنكار ذلك، أي ان "دود الخل منه وفيه"، وقبل ان تنبري القيادة لإطلاق التهم بحق بعض المؤسسات الاعلامية، عليها أولاً ضبط عناصرها وكم افواه المسربين ثم وضع حد لتسريباتها الرسمية "المقوننة" كي تستتب الامور وتتوقف حالة "هتك الحرمات والانتقام" من خلال تسريب بنود قضية بنية ادعاء بطولات امام الراي العام لا تطال أذيتها سوى المؤسسة.
كان الاجدر من أجل حماية هيبة المديرية ابقاء أمور المحاسبة ضمن الدوائر المغلقة المعنية، لا تقصد تمريرها الى الخارج وممارسة عملية سطو على بعض الضباط بغض النظر عن ذنوبهم. أما وإذا كانت القيادة تصبو من وراء ذلك الى تأديب المخالفين، يجدر بها إذاً الالتفات إلى انها تضرب هيبتها في مقتل ويصبح بعده من الصعب على المواطن تصديق مؤسسة!
اللافت في كل القضية، ان الخطوات التأديبية تلاحق حصراً ضباطاً في المكاتب الوصية عليها الشرطة القضائية، وهذه تحديداً يجري دوماً انتقائها من بين كل الملاحقات وتخصيص صفحات من المعلومات المسربة عنها عبر الصحف.
في قضية المقدم سوزان الحاج التي مورس بحقها اسلوب تسريبي منظم، جرى عزلها عن منصبها وتعيين ضابط مكانها جرى انتدابه من فرع المعلومات. المسألة تكررت في قضية العقيد ج.ح، بحيث جرى عزله وإنتداب ضابط من فرع المعلومات ايضاً، وهو امر يبدو مرشحاً ليطال جميع المكاتب الاخرى، ما جعل البعض يفكر في احتمال ان تكون هناك تدبير منظم خلفه نية في تمكين فرع المعلومات من وضع اليد على كافة مكاتب المديرية.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News