المحلية

الاثنين 03 أيلول 2018 - 01:00 LD

إستراتيجية البخاري.. الألسنة التي لا تشترى تُقطع!

إستراتيجية البخاري.. الألسنة التي لا تشترى تُقطع!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

يحلو للسعودية أن تمارس أدوار البراءة. تقتل الاطفال في اليمن وتتذرع من أنهم ماتوا بضربات حوثية. تجتاح بلد بأمه وأبيه وتدعي أنها قادمة لإعادة زرع الشرعية. تنهال عليها الصواريخ فتقوم باستغباء شعبها وتزعم أنها "نيازك!". تفتك برئيس وزراء شرعي لدولة وتحتجزه بغرفة في فندق ثم تعمم انه يقطن بكامل حريته. تفتعل في لبنان أزمة حكومية، تهيّج ادواتها ثم تجلس تتفرج وتلقي باللائمة على الآخرين. يقوم القائم بأعمالها في بيروت بـ "ولدنات" ثم يغيب عن السمع وكأن شيئاً لم يكن.

إذا كانت هذه رؤية عام 2030 التي تتغزل فيها "مملكة الخير" فالصلاة والسلام عليكم! وإذا كانت الاستراتيجية التي تتبعها السعودية في لبنان تنطلق من فلتات هذه الرؤية، فإن الرؤية بمجملها تصبح موضع شك وبحث وتدقيق في مخاطرها وارتداداتها على الشعوب، بحيث تصبح لا تقل ضرراً وخطراً عن ثقافة "التوهيب" التي نشرتها المملكة منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي وثقافة "الدعشنة" التي يتهيّب العالم لمواجهتها.

لم يبقَ بعد سوى أن تعلن السعودية الحرب على لبنان رسمياً. جميع تصرفاتها تدل على انها تضع على الاقل نصف اللبنانيين في موضع عداء وتمارس عليهم بدعة "عاصفة حزم" لكن بأساليب ناعمة. أضحى القائم بأعمالها في بيروت وليد البخاري يوزّع الولاءات على الحاشية، ويوسم هذا وذاك بين وطني وعميل! نعم! الرجل ضرب بقوة منذ أن أطلق حفلات فناجين القهوة التي سكر على كؤوسها.

قبل أيام خرج النائب السابق فارس سعيد متأهباً لشرف المملكة. غرد مطالباً بـ "وضع حدّ لشتيمة السعودية في لبنان.." فعلياً لا يحتاج البخاري لاذن من موظف ليبادر الى حركته. هو سبق سعيد وغيره بأشواط. رتب مسرح الاحداث وهيأ أموراً ووظف أدوات وشكل جيوشاً على أكمل وجه، ولم يبقَ إلا التنفيذ.

منذ دخول البخاري المشهد اللبناني، حاول ابتداع طرق تعامل جديدة في لبنان تنقل عمل الدبلوماسية السعودية من النمط الكلاسيكي الى عهد جديد. يقال انه افتتح ورشة عمل جند فيها العديد من الخياطين، كانت مهمتهم حياكة شكل هذا الاسلوب، على ان لا ينحصر النشاط ضمن مستوى معين (اي سياسي) بل يتوزع على عدة مستويات تتيح للسعودية تنفيذ عملية "كمش" دقيقة في لبنان.

منذ فترة قلنا أن السعودية عبر "بخارها" يواظب على دخول عدة معتركات من خلال إنشاء فرق متعددة الاختصاصات، تفي غرض المملكة في ممارسة عملية ضغط بأسلوبين ناعم وخشن داخل البلاد، ويمكن الاستفادة من "فرق الصدم" هذه في عملية التوغل داخل المجتمع اللبناني، وفرض نمط إرباكي يجري استخدامه كلما ارادت القيام بهزة سياسية ما.

في المرة الاولى، تجلى ذلك عبر نزول عدد من الاشخاص المتلطين خلف قناعٍ أزرق الى الشارع عبر دعوة جاءت بعد يومين على حادث "اهانة" الاعلامي سالم زهران للرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، ليتبين ان هؤلاء النشطاء هم من رواد شرب القهوة "البخاريّة" وافراد مؤسسون في حالة "تويترية" آخذة بالنمو.

في المرة الثانية، انهال القائم بالأعمال على اعلامي وجّه انتقادات الى السعودية وسفيرها، ليتكفل فرع أمني باستدعائه. تزامن ذلك مع تغريدة سعيد، واتضاح رؤية وظفها البخاري، تقوم على تشكيل نواة حقوقية من محامين وقضاة تضعهم السعودية في جيبها. اما مهمتهم اللاحقة هي تنفيذ ضربات قضائية ضد كل منتقدي المملكة.

أمّا الثالثة، لم تمرّ ايام على حادثة استدعاء الاعلامي حتى حل الدور على واحد من أشهر المغردين اللبنانيين، عامر حلال، الذي استيقظ على قيام "تويتر" بأغلاق حسابه بعد ساعات من اطلاقه هاشتاغ يحمل عنوان "#اطردوا_البخاري_رأس_الفتنة" وسط إقرار واضح من ان "قوة الصدم البخارية" تقف وراء الوشاية بالمغرّد.. والحبل على الجرار.

إذاً بات الهجوم الحربي السعودي على نصف الشعب اللبناني يشن على أكثر من مستوى وأكثر من موقع، في وقتٍ لم يترك البخاري وسيلة إلا وحاول من خلالها استخدام ضغط على جهات معلومة في لبنان من أجل إسكات بعض الصحافيين والمغردين الذين "بدأوا يزعجون المملكة" على حد وصف أحد الذي سمعوا الكلام. ما يعد لافتاً ان البخاري لا يهمه طريقة الاسكات بقدر ما يهمه "كمّ الافواه وقطع الالسنة".

أحد الساسة من المعلومين، وسوس بأذن البخاري كي يضع قائمة "غب الطلب" بأسماء بعض الصحافيين والمغردين، في محاولة لاستمالتهم من خلال رش الريالات. سمع البخاري النصيحة وسهر على تطبيقها ثم توجه حاملاً ما لديه الى المملكة خلال عطلة العيد.

في المقابل نشط "المسوس" في محاولات "يائسة" لاستمالة بعض "المزعجين" من خلال وسطاء وعبر اغراءات مالية عرضها عبر على مدراء أو اصحاب تلك الوسائل، تفي بغرض الاسكات، لكنه أيقن بعدم قدرته على اسكات على ذلك.

بالنسبة إليه، لا يريد نيل ولاءاتهم. يكفي إسكاتهم وان يبقوا على ما هم عليه! وهي الثقافة التي يمارسها "البخاري" اليوم من ضمنه استراتيجية وضع اليد على الاعلام اللبناني، بالإكراه والابتزاز والدنانير.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة