"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
ما إن وَضع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المسودّة الحُكوميّة التي قَدَّمها إليه الرَّئيس المُكلَّف سعد الحريري على المشرحة واسماً عليها صِفة "الصّيغة المبدئيّة"، حتى انبَرى البَعض لفتح اشتباكات بالوكالة أو بالواسطة أخذت طابع الصّلاحيات المُتَضاربة بين الرئاستين الأولى والثّالثة، ما أوحى أنّ المُشكلة في الأساس لَيست مُشكلة حقائب أو عدالة تمثيل، بَل ان وراء الأكمّة ما وراءها.
طَواحين الصَّلاحيات لَيست إلّا الوَجه العِملاني لنثر الغُبار أمام المَشهد الحُكومي سَعياً وراء إخفاء معالم أساسيّة تجعل من الإستحقاق صَعب المنال في هذا التّوقيت بالذات الذي تتشابكُ فيه الأيدي الإقليمية على مسرح الشّمال السُّوري، القادم على تحوّلات يردّد من هم على مُتابعة وإطلاع، انها ستفرُض واقعاً جَديداً في المِنطقة يغلق الصّفحة على مرحلة ليفتحها على أُخرى.
كلامٌ دفع ببعض المُشتغلين على خط التأليف لاعتبار أن محاولة استيلاد الحكومة ولو بعملية قيصرية أمر صعب المنال ، في ظِلِّ غيابِ الإهتمام الإقليمي عن الملف الحُكومي اللبناني، ليؤسسوا لاعتقاد أنَّ التلطي في الأزمةِ الحكومية وراءَ أسبابٍ داخلية يُخفي أزمةٍ أعْمَق مِحوَرها الإقليم ؛ يسعى البعض لإخفاء تأثيراتها.
يُردّد مرجع في مجالسهِ الخاصّةِ حينَ يسأل عن الشأن الحكومي أنّه ليس في وارد الدَّعوة لإلتماس الهلال، وَ أنّهُ ماضٍ على رأيه حتى يقضيَ الله أمراً كانَ مفعولاً. وَفي حالِ إلتُقطَ ذبذبات إيجابية ، سيقوم بالإستهلال !
وَ يُنقَل عنه، أنّ المناخ الإقليمي مُلتهب، فَـوصول التّفاوض في المَلف اليمني الى الحائط المسدود مُضاف إليه تَعثُّر تَشكيل الحكومة العراقية فضلاً عن إنتظار واقعة إدلب، كلّها أمور يمكن ربطُها ببَعْضِها وعكسها على لُبنان واستخلاص أنّ المَعنيون الرئيسيون في إحاطة الأزمة، ليسوا في واردِ نقاش المَلَف اللُّبناني من زاوية احادية بل ضُمن "حقيبة كاملة"، لِذَا هَذا المناخ لا يَسمح أو على الأقل لا يُساعد في تأمينِ ولادة حُكومة.
ما يُعَد لافِتاً في كلامه، أنّهُ لفّ مسألة إدلب على وجه الخصوص بكثيرٍ من الحذر، إذ نقل معلومات وردت إليه من جهاتٍ مَعنيّة ، تَقوم على إرتفاع مُعدلات التَّهديد العسكري، متكهناً من أنّ عملية إدلب سَيسبِقُها بإحتمالٍ كبيرٍ أنْ تَقوم الولايات المُتحدة بضربةٍ "مجهولة القياس" في ُسوريا.
أمرٌ آخر يَعطي إنطباعاً أنّ إهتمام بعض المسؤولين لا يوحي ، وأنَّ الحُكومة قَريبةُ التَّشكيل أو هيَ في مَكانٍ آخر. فمثلاً يتردّد أنَ الأمين العام لحزب الله السَّيد حسن نصرالله أجرى لقاءاً داخلياً تطرّق فيه الى مسألة الظُّروف الإقليمية وَمنها معركة إدلب على نحوٍ خاص ، وشملَ الملف اللُّبناني من ضُمن الإطار العام، كذلك إطلع من قيادات ميدانية في المُقاومة على تَفاصيل مُرتبطة بالواقع العسكري في إدلب، ما يعني أنّ حزب الله سيتمتع بدور ما خلال المعركة المُتوقعة.
وَإنْ دلّ هذا، فيدُل على أنّ الحزب يرتِّب أوراقه في إدلب، وأنّه يُحيط ما سيجري هناك بإهتمام شديد، وَ أنّ إهتمامه في إدلب بهذا القدر لا يعود لأسباب لها علاقة بإنهاء "وضعية شاذة" بقدر ما هو سباق يقود في نهاية المطاف لرسم افق جديد، يستدل اليه أكثر من التأهب الاميركي الذي لا يمكن الى وضعه تحت خانة "الحدث الاستثنائي".
لكن يبدو أنّ الّضربة الأميركية التي يخشاها المرجع لا تقاس فقط على موضع عسكري بل ثمّة مواضِع أُخرى يَعمل على تعميمها على بعض الأطراف في لُبنان، إستلحاقاً بعملية " الضّغط الأميركية " ذات السَّقف المُرتفع في المِنطقة.
ويُسرب أنّ قيادات لُبنانية أبلغت عبر قنوات أميركية ، أنَّ واشنطن لا تَقبل إجراء أَي تَعديل على دور حزب الله في الحُكومة. وَيُنقَل أنَّ البَلاغ الأميركي لف بتحذيرٍ واضح قوامه " إحتمال إدراج وزارات ضُمن قائمة العُقوبات المؤقتة "، في إعلانٍ صريحٍ وَ واضح عن ذهاب واشنطن الى حدودِ المواجهةِ في حالِ تمثل حزب الله في حقيبة كالصِّحة مثلاً.
أمرٌ آخر مُثيرٌ للإهتمام ويَصلُح ربطه بمسار الأحداث ، هو تقصّد تمرير التقرير النُّصفي الذي تَعُدُّه الدَّائرة القُنصلية في الوزارة الخارجية الأميركية وتوزّعه كل 6 أشهر وَ يتضمَّن التَّصنيف الأمني لِبعض الدّول ومنها لُبنان ، بحيث أبقى على تصنيفهِ للبنان ضُمن المُستوى الثّالث الذي يدعو المواطنين الاميركيين الى إعادة النَّظر بالسّفر دونَ أنْ تغيير، رُغم أنّ تطورات مُهمة حصلت على الصّعيد الأمني، مما انطوى على إرتيابٍ لَدى جهاتٍ أمنية وسياسية معاً، صَنَّفت التّقرير ضمن قائمة "الحذر".
وتأسيساً على ما تقدم ، يتوقع المُشتغلين على خط التأليف أنّه وفي حال لم يحصل خرق جدّي ما في شهر أيلول، قد يطول احتمال تشكيل الحُكومة الى شهرين إضافيين أو أكثر.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News