استغرب عضو المكتب السياسي في "تيار المستقبل" جورج بكاسيني وصف البعض لموقف رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية أمس بأنه "تنازل". وسأل ما معنى "التنازل"؟ وما هو مقياس "التنازل"؟.
وقال بكاسيني، في حديث الى برنامج نهاركم سعيد عبر محطة الـ"LBC" إن "يسعى الحريري الى تنازلات جماعية من أجل فتح الطريق أمام تشكيل حكومة هو تنازل، أم أن سعيَه مثل قوى سياسية أخرى الى مزيد من المكاسب بما يمنع تشكيل الحكومة هو التنازل بعينه؟ اذا كان السعي لتشكيل حكومة تنازلاً والمشاركة في عرقلة تشكيلها هو انتصار، فبئس هذا الانتصار، لأن مقياس الانتصار هو العمل من أجل تشكيل حكومة هي المّمر الالزامي للانجاز، أما الدخول في صراع الاحجام الى ما لا نهاية ما يمنع تشكيل الحكومة لثلاثين عاماً هو التنازل بعينه.
وأضاف: "هناك أزمة مفاهيم في البلد وتشويه متعمّد لها لاظهار الرئيس الحريري "ضعيفاً" والآخرين "أقوياء". ألم نتعلّم أن شعارات تمجيد القوة والانتصارات الدائمة التي اعتمدتها الأنظمة العربية العسكرية قادتنا الى هزائم وخيبات؟ ألم تكن نتيجة خطاب أحمد سعيد الذي أعلن وصول الطيران المصري الى مشارف تل أبيب في 1967 رغم تدميره على أرض المطار من سلاح الجو الاسرائيلي هزيمة وخيبة ما زالت آثارهما حاضرة الى اليوم. ألم يؤدّ اعلان وزير الاعلام العراقي محمد سعيد الصحاف في 2003 ان "العلوج الاميركيين لن يستطيعوا الوصول الى بغداد قبل نصف ساعة فقط من وصولهم الى المكان الذي كان يقف فيه الى مزيد من الخيبة لدى العراقيين والعرب؟ واليوم ألا تتبجّح ايران بالانتصار والقوّة رغم الحصار الدولي عليها وتوافق المجتمع الدولي على اخراجها والميليشيات التابعة لها من سوريا؟".
وتابع بكاسيني: "ثقافة تمجيد القوة هذه أو ادعاء الانتصارات الوهمية أكل الدهر عليها وشرب وأثبتت عدم صوابيتها لأنها كلّفت الشعوب أثماناً باهظة. أما ثقافة التواضع والسعي الى تنازلات هي عبارة عن تسويات تضمن الوصول الى انجازات هي السبيل الوحيد لتقدّم الشعوب. فالحكومة ليست مجلساً للنواب يحددّ أحجام القوى السياسية، أو ينتخب رئيساً للجمهورية. الحكومة لها وظيفة أخرى هي تأمين الكهرباء والمياه ومعالجة أزمة النفايات وتنفيذ مشاريع "سيدر" لتحريك الاقتصاد وتأمين فرص عمل. هذا هو هدف الرئيس المكلّف من تشكيل الحكومة. أما من يعرقل التشكيل فهو سياسة تصفية بعض القوى حسابات سياسية في ضوء نتائج الانتخابات النيابية، رغم مرور أربعة شهور على انتهائها، ومحاولة هذا البعض فتح معركة رئاسة الجمهورية قبل أربع سنوات من موعدها".
ومضى قائلا إن "القواعد التي يعتمدها الرئيس المكلّف لتشكيل الحكومة ليست تنازلاً على الاطلاق، خصوصاً أنه تحدّث عن تنازلات من الجميع وليس من جانبه وحسب. أما "نغمة" التنازل التي تلاحقه من سنوات فلا صلة لها بالواقع لا بل أثبتت الوقائع عدم صوابيتها. كلنا يتذكّر منذ سنوات، مع اندلاع الحرب السورية، كيف روّج البعض لفكرة أن اعتدال الرئيس الحريري هو ضعف وأن حمايته للسلم الاهلي هو تنازل، ذاهباً الى حدّ الدعوة الى حمل السلاح واللجوء الى التطرّف في وجه السلاح والتطرّف معاً، وقد أثبتت الوقائع المتلاحقة أن لجوء المعارضة السورية الى السلاح قادها الى الهلاك لصالح النظام، وأن خيار التطرّف سقط هو الآخر مع سقوط تنظيم "داعش" الارهابي الذي جسّد ذروة هذا التطرف وأصبح في خبر كان. ألم يثبت فشل هذين الخيارين صوابية خيار الاعتدال وحماية السلم الاهلي اللذين قادهما الحريري؟.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News