رد ئيس تحرير موقع بالعربي نيوز الصحافي والأستاذ الجامعي (د) غسان بو دياب على خطاب حاكم مصرف لبنان الذي ألقاه في المنتدى الإقتصادي الإجتماعي الاول الذي جرى في الصرح البطريركي في بكركي، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.وفند أبو ذياب كلام سلامة بالأرقام والوقائع، فقال:” إطلالة سعادة الحاكم من على منبر بكركي، ومحاولة تصوير أي نقد له ولسياسته كهجوم على الموارنة، هو بالشكل مرفوض أولا، فالنقد علمي وموضوعي، ولا يتعلق بالسياسة بالمعنى السياسي، بقدر ما نراه نقدا لسياسة، نرى بالأدلة العلمية، أنها أودت وستودي بحياة ما تبقى من الإقتصاد اللبناني”.وقال:” إستباقا لأي أبواق، لا علاقة لنقدنا بأي عقوبات قامت أو كانت أو ستأتي، ولا نتحرك على إيقاعات، ولا بأوامر عمليات، لا من الداخل ولا من الخارج، ولكننا نعتقد أن استعمال الإقتصاد اللبناني كفأر مختبر لمدة خمس وعشرين سنة يكفي، وأنه قد آن الأوان لسياسة نقدية حقيقية وجدية، علما أن ألفباء النقد تعلم أن سياسة تثبيت سعر الصرف هي سياسة ظرفية لا بنيوية، ولا يجب أن تكون، لأنها مكلفة جدا على النقد والإقتصاد، وهذه “الظرفية” باتت عند سعادته عمرها 25 سنة.وأضاف:” إن عجز الموازنة يا سعادة الحاكم سببه إرتفاع خدمة الدين العام، وديننا العام هو داخلي بمعظمه وأنت الأعلم، بكونك المساهم الأبرز فيه، عبر بيعك سندات الخزينة للمصارف بفوائد خيالية، جعل من المصارف وأصحابها يستعملون أموالنا نحن الشعب، في تحصيل فوائد فلكية من السندات، بدل إستثمار أموالنا في دورة إنتاجية تؤسس لفرص عمل وتكافح البطالة. والعجز سببه أيضا الكهرباء، الذي يحرص مشغلوك من السياسيين، أو موظفوك على استمراره، لكونه السلة المثقوبة، التي تتسلل منها المليارات. أخبرني يا حضرة الحاكم، هل يوجد بلد في العالم يدفع على قطاع 36 مليار دولار، ولا يزال القطاع لا يعمل؟وأردف: تتكلم يا سعادة الحاكم عن العجز في الحساب الجاري، أخبرني ماذا فعلتم لتصنيع بدائل الإستيراد، وخاصة أنك تتحمل المسؤولية إلى جانب الطبقة السياسية، التي سلمتك مع النقد، الدورة الإقتصادية، فالبلد يتحرك على إيقاعك، وأي تلويح بأي تغيير في الحاكمية، يشعل نيران جهنم من التخويف والإرعاب والتخويف والتهديد. ألا يكفي 25 سنة؟وأضاف: تتكلم عن معدلات الفائدة وإرتفاعها عالميا، هل لي أن أسأل، وأنت العالم، عن معدل الفائدة في بلد شقيق، يشبه بواقعه الإقتصادي الصعب لبنان، هو الأردن، هل تخبرنا لماذا الفوائد على الودائع بين 3 و 4 بالمئة؟ بالمقابل، ما مبرر الفائدة الخيالية (قاربت 15 بالمئة في بعض الأحيان) على الودائع في لبنان؟ وأسألك، أليست معدلات الفائدة في وطن الأرز “توافقية” بين العائلات مالكة المصارف وحاكمة لبنان الفعلية، والتي تشكل الدولة العميقة فيه؟ واستطرادا، أي مجنون سيقدم على إستثمار، مهما كان نوعه، طالما يستطيع أن يحظى بهذه النسبة الفلكية وماله في أمان في المصارف؟وقال: تفضلت بالحديث عن أننا نستورد بعشرين مليار دولار، ونصدر بمليارين، والحقيقة أننا لن نبلغ المليار هذه السنة، أخبرني يا حضرة الحاكم، ماذا فعلتم لتشجيع الإنتاج، إلا التفرج على إنهيار وإقفال المعامل والمصانع، وهجرة المزارعين، والخروج يوميا وأسبوعيا، لطمأنتنا أن “الليرة بخير”، ماذا أستفيد إذا كان الليرة “بخير” والإقتصاد مفلس؟وما مصير “الودائع” التي تتغنى بأنها قادرة على تغطية كل الطلب على الدولار” بعد أربع سنوات أو خمس، مع إستهلاك المخزون لتمويل متطلبات الاستيراد، هل لديك خطة، أم أن هناك “هندسات” لا تخبر عنها “الشعب الغبي” أمثالنا، وتحتفظ بها للنخب “التي تفهم” عقلك النير وسياستك الحكيمة، كيف لا وأنت ” أفضل حاكم وقارع الجرس في وول ستريت و…”وتستطيع أن تضيف إلى سيل ألقابك، أفضل مدير تفليسة بلد كان يوما ما يعتبر “سويسرا الشرق”…وعن قول سلامة “هذه الوقائع تتطلب ان تكون هناك حركة اصلاحية تسهم في تصغير حجم القطاع العام الذي بات عبئا كبيرا على الاقتصاد، وتخلق ثقة من خلال هذه الاصلاحات لجذب الاستثمارات” قال بو ذياب:” أسهل الأمور، تصغير حجم القطاع العام، هذا أمر أساسي ومحوري، لكن هل أبقيت بسياستك على قطاع خاص؟ وكيف للعالم أن تعمل، ونحن نقذف إلى سوق العمل، بل سوق البطالة، حوالي 30 ألف خريج سنويا، أين يتوظف هؤلاء؟ وأموال الإستثمارات في مصارف شركائك؟ هل لديك أجوبة؟ أنت عطلت الدورة الإقتصادية يا سعادة الحاكم، وتضافرت مواقف سياسيينا العظام لتدمر علاقتنا مع الجوار، والنتيجة ما ترى. هل سمعت أن المتقدمين لدورة الدرك المطلوب تطويع 700 عنصر فيها وصلوا إلى 70 ألف شخص؟ من بينهم حملة ماجستير، لوظيفة مطلوب الشهادة المتوسطة فيها؟”وأضاف:” هل نسألك أين ضخيت المليارات الأربع؟ هل قمت بمشروع مترو، ينهي الجلجلة اليومية للناس على مداخل بيروت؟ هل تعلم يا عزيزي أن المطلوب فقط 2 مليار دولار لإنشاء هذا المترو، الكفيل بخفظ فاتورة المحروقات بنسبة 8-12 بالمئة؟ السؤال هل ضخخت أم هدرت 4 مليار دولار؟ لأننا صراحة لم نشاهدها في أي مشروع حيوي.وردا على قول سلامة “ان مصرف لبنان، ومن ضمن ما يسمح به القانون، اتخذ خيارات واضحة للمحافظة على الاستقرار النقدي بحيث يبقى لدينا مخزون من المال نحركه بشكل حر وطلق من خلال احترام القوانين الدولية وذلك ريثما نصل الى مكان تصبح هناك امكانية للاستثمار” سأل أبو ذياب:” هل تعميمك الأخير، القاضي بسحب الدولار بأي ثمن من المواطنين، والإجراءات التي تقوم بها بعض المصارف، بفرض دفع أقساط قروض الدولار بالدولار الأميركي حصرا، ضمن هذه المندرجات؟ وهل أنت متأكد أنه سيبقى لديك هذا الترف؟ وأي مشروع ستستثمر فيه يعطيك 40 بالمئة فائدة لتمول فوائد سنداتك ذات الفائدة الأسطورية؟وأضاف:”أنت نعترف ان الاقتصاد اللبناني مدولر، وتقول إن الاولوية في سياستنا النقدية ستكون استقطاب الدولارات نحو لبنان، فاذا لم تكن هناك كميات وافرة من الدولارات في لبنان لن يكون هناك اقتصاد في لبنان”، هل تعلم يا عزيزي خطورة دولرة الإقتصاد؟ هل درست نموذج زيمبابوي؟ ولماذا لا يمنع المصرف المركزي تداول غير الليرة في المعاملات المحلية التي تشكل أساس التعاقد الوطني؟ وهل لي أن أسألك، لماذ تسعر فاتورة الخليوي بالدولار؟ والوحدات بالسنتات؟ وهل فعلا أنت مضطر لإحترام توجه السوق في أسعار الفائدة؟ ولماذا؟ وهل هو فعلا رأيك العلمي؟ أم أن البعض من جمعية المصارف وحيتان المال قد فرض هذا الخيار المنهك والخطير عليك وعلى لبنان؟وإنه وحي يوحى؟ علما أنك في قولك إن تأثر الإقتصاد بالفوائد يبقى محدودا تصفع الحقيقة ثم تخنقها، لأنك تعلم أن لمعدلات الفائدة الأثر الأقوى في تحديد السيولة ومعها الميل للإستثمار وللإدخار. وأستميحك عذرا، النمو في لبنان هذه السنة نأمل ألا يكون سلبيا دون الصفر، وليس 2 بالمئة كما قلت أنت.وعن قول سلامة “بما ان الاقتصاد اللبناني مدولر، فهو لا يستفيد ابدا من خفض قيمة الليرة، لذلك نحن متمسكون بهذا الاستقرار” قال أبو ذياب: تخفيض سعر الصرف لن يكون خيارا تختاره أو لا تفعل، خاصة مع استنفاذ مدخرات مصرف لبنان، واستعمال النموذج التركي كدليل في غير مكانه، فقد حافظت تركيا على الرخاء الإقتصادي لشعبها، واستطاعت استقطاب مليارات الدولارات عبر بيع معظم الشقق السكنية والوحدات لمستثمرين أجانب بالليرة التركية، كما استفادت من إنخفاض سعر الصرف لبيع الملابس التركية العالية الجودة بأسعار مناسبة، استطاعت منافسة عمالقة التصنيع كالصين والهند. فنرجو عدم إستعمال نماذج بدون التدقيق فيها، لأن العالم تحول إلى قرية صغيرة، والمعلومات متاحة للجميع. وعذرا سعادة الحاكم، عن أي ثقة تتكلم، وعن أي ركود أكثر من الركود القائم؟ وعن أي عواقب؟وقال أبو ذياب:” للأسف كثر يقرأون ما تقوله يا سعادة الحاكم وكأنه آيات محكمات، وجلهم لا يفهموه، ولكنه إن جاز على الرعية لا يجوز على الخورية، فأهل الإختصاص يعلمون الفارق بين الوقائع والحقائق وبين الأمنيات والأشعار. والكل يعلم أنك مرتاح في جلوسك على راس الحاكمية منذ 25 سنة، وبدون أن تتعب نفسك بإيجاد أي سياسة نقدية غير “تثبيت سعر الصرف”، واستقرار الليرة، غير آبه بما تجره هذه السياسة على الإقتصاد، وأي مصير أسود للبنان واقتصاده بسببها.وأضاف:” يا حضرة الحاكم، كلامك عن أن قطاع المصارف بات يشكل أربع مرات حجم الاقتصاد هو إدانة لك، وبحد ذاته معيب، لأنه يعني تحويل لبنان تماما إلى إقتصاد ريعي كليا لا ينتج شيئا! ويعني أن المال اللبناني يأكل نفسه، وأننا سائرون إلى التوقف عن الدفع بخطى حثيثة، كما يعطل هذا الموضوع آليات إعادة توزيع المداخيل، خاصة مع إدراكك وأنت الأعلم، أن 0.8% فقط من المودعين لدى المصارف يمتلكون 51.96% من الودائع فيها، بينما يمتلك 8.15% منهم أكثر من 85% من الودائع!وختم بالقول:” سيدي الحاكم، مشكور على آمالك العريضة، ولكن على هذه الآمال أن تتواضع لتحتمل آلامنا، فقد بلغ السيل الزبى، وعذرا، لم يعد معسول الكلام ينطلي علينا، فنحن نسمع، ونرى… وللحديث تتمة…
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News