"ليبانون ديبايت" - علاء الخوري
منذ انتخابه رئيسا للجمهورية، يشدد الرئيس العماد ميشال عون على أولوية مكافحة الفساد كمقدمة لبناء دولة القانون والمؤسسات والتي لا تستقم الا بعملية إصلاحية واسعة تُعيد الثقة الى الإدارات العامة التي تفوح منها رائحة الصفقات أبطالها من الموظفين والمتعهدين "المحنكين" بعقد المناقصات والتلاعب على قوانينها.
يؤكد المعنيون في الدولة ضرورة التكامل بين الأجهزة الرقابية للبدء بحرب استباقية على الفساد المستشري في إدارات الدولة، الا أن بعض الهيئات الرقابية يشكو دائما من الصلاحيات المنوطة به والتي لا تزال مُقيدة ان على مستوى النظام الداخلي أو على مستوى السلطة السياسية المُصرة على التدخل في عمل تلك الأجهزة. كما تبرز الشكوى من نقص الكادر البشري في بعض الهيئات وابرزها إدارة المناقصات، ما يتطلب تدخلا سريعا من قبل السلطات في البلاد لتفعيل دورها.
وفي اطار السعي الى تعزيز صلاحيات تلك الهيئات برز مشروع القانون المعجل المكرر المقدم من النائبين نواف الموسوي وهاني قبيسي لإخضاع الصفقات العمومية في الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات واتحادات البلديات وسائر الهيئات واللجان التي تتولى إدارة مال عام لصلاحيات إدارة المناقصات في التفتيش المركزي بهدف طي مرحلة الفوضى في صرف الأموال العامة.
المشروع يُعَد نقلة نوعية في حال اقراره على مستوى المؤسسات العامة والبلديات والهيئات واللجان التي تتعاطى المال العام وفق ما يؤكد مصدر في ادارة المناقصات لـ "ليبانون ديبايت"، الذي يستند الى نظام المناقصات الحالي في المرسوم 2866/59 ليؤكد ضرورة تطبيق الأسس نفسها المعتمدة في نظام المناقصات، أي المنافسة والشفافية، الا اننا نرى وفق المصدر الصفقات التي تجري اليوم خارج هذه الأطر والضوابط، وهي لا مثيل لها لا بدولة صغيرة أو كبيرة تعتمد على نظام صفقات مركزي.
ويوضح المصدر أن هذا المشروع يُعيد الصفقات التي تجري في تلك المؤسسات كأوجيرو، وبلدية بيروت، مجلس الانماء والاعمار ومؤسسة كهرباء لبنان الى إدارة المناقصات في التفنيش المركزي، فلا يُقل بحسب المصدر أن يكون هناك مؤسسات عامة تنفق بالمليارات وتستنزف المالية العامة عبر سلف خزينة وغيرها وتُجري صفقاتها من دون أي ضوابط، اضافة الى أنها تُقر موازانتها من دون العودة الى السلطة التشريعية ما يشكل ثغرة كبيرة لاسيما وأن لبنان الذي انضم قبل سنوات الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تُركز على معايير موحدة كالعلنية والشفافية.
وفي معرض شرحه عن أهمية الاقتراح يشير المصدر الى انه وللمرة الأولى نضع ضوابط للاتفاقات الرضائية، حيث شهدنا استنسابية كبيرة في تطبيق تلك الاتفاقات. فانطلاقا من المادة 147 من قانون المحاسبة العمومية يمكننا اجراء اتفاق بالتراضي بحسب الظروف الموضوعية والقانونية، فاذا أردنا شراء سلعة موجودة فقط لدى عارض واحد فلماذا نُجري مناقصة، أو في حالة "العجلة" أيضا يمكن تطبيق الاتفاق بالتراضي الذي هو وفق القانون استثناء ولكن تطبيقه اصبح اليوم قاعدة. وجاء المشروع اليوم ليصوب هذا المسار من خلال الدور الذي يجب أن تلعبه إدارة المناقصات بالتدقيق على الاتفاقات بالتراضي وابراز الظروف الموضوعية التي دفعت بالادارة للقيام بها، وفي حال لم توافق الادارة عليها، تُعرض عندئذ على مجلس الوزراء.
وفي حال أصر الوزير على شروطه التي رفضتها ادارة المناقصات ووافق عليها مجلس الوزراء كاسرا بذلك قرار الادارة، عندها يعرض رئيس إدارة المناقصات الامر على السلطة التشريعية.
انطلاقا من كل ما ذُكر تعتبر إدارة المناقصات الذراع الأساسي لمكافحة الفساد في الدولة وأداة رصد للمخالفات، ولكنها أيضا تحتاج الى عملية تطوير لتفعيل العمل المنوط بها، وانطلاقا من هنا لَحَظ الاقتراح ملء الفراغات داخل الادارة، اذ يكشف المصدر أنه ومنذ عهد الرئيس فؤاد شهاب وحتى اليوم كان العدد 19 موظف ووصل عدد العاملين اليوم الى 7 وفي حال صُدق المشروع يمكن ادخال 42 موظفا الى الملاك مع إمكانية الاستعانة بموظفين من كل إدارات الدولة من أهل الاختصاص.
وقيمة المشروع بحسب المصدر أنه يؤمن وفرا لمالية الدولة، من مبدأ المراقبة وتصويب العروض والتجربة دلت على هذا الشيء من مزايدة السوق الحرة الى مناقصة الطاقة والميكانيك وصولا الى بواخر الكهرباء.
يؤكد المصدر أن مشروع القانون يوقف النزف كمرحلة أولى ريثما نعود الى وضع مشاريع مفصلة للصفقات العمومية وهو يصلح لبداية "الإصلاح المالي" في الدولة من خلال ضبط الصفقات العمومية والانفاق وترشيده.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News