نظمت سفارة دولة الامارات العربية المتحدة، بالتعاون مع اللجنة الوطنية المسيحية الاسلامية للحوار "اللقاء الحواري المسيحي الاسلامي" بعنوان: "التعارف والاعتراف: نحو دولة المواطنة"، ضمن مبادرات "عام زايد"، في فندق هيلتون حبتور- سن الفيل، شارك فيه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، السفير البابوي في لبنان جوزف سبيتاري، سفير دولة الإمارات حمد سعيد الشامسي، سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري.
بعد النشيدين اللبناني والإماراتي، القى السفير الشامسي كلمة قال فيها:"يطيب اللقاء دائما مع هذه القامات الوطنية وفي أوقات البحث عن ملاذ آمن وسط كل ما يجري من حولنا. يكتسب هذا الجمع دلالات ومعان عميقة لا يعيها إلا من يدرك أهمية الفرادة التي يتمتع بها لبنان وضرورة الحفاظ عليه كما رآه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله".
اضاف: "الفكرة ذاتها عبر عنها قداسة بابا الفاتيكان الراحل يوحنا بولس الثاني، الذي قال إن "لبنان أكثر من بلد.. هو رسالة حرية ومثال تعددية للشرق كما للغرب".
وتابع: "رسالتنا اليوم هي رسالة محبة وتسامح مبنية على التعارف والاعتراف ليكون لبنان محصنا من كل الأحقاد والفخاخ التي تستهدف وحدته الوطنية، وتسعى لأخذه إلى مواقع ليست على صورته. فالفكر المتطرف وما ينتج عنه من أعمال، وخطاب الكراهية والغلو وما يفرزه من شقاق في الصف الواحد، أمور لا يمكن علاجها إلا بالعودة الى هوية المواطنة والانتماء الى الوطن الذي يتقدم على كل ما عداه من جماعات".
وقال: "تعرفون أن دولة الإمارات العربية المتحدة حاضنة لقيم التسامح والسلم، والأمان، والتعددية الثقافية، حيث تضم أكثر من 200 جنسية تنعم بالحياة الكريمة والاحترام. كما تكفل قوانينها العدل والمساواة، وتجرم الكراهية والعصبية وازدراء الأديان، وأسباب الفرقة والاختلاف. في الوقت ذاته، فإن بلادي شريك أساسي في اتفاقات ومعاهدات دولية لنبذ العنف والتطرف والتمييز، وأصبحت عاصمة عالمية تلتقي فيها حضارات الشرق والغرب، لتعزيز السلام والتقارب بين الشعوب كافة".
وأعلن انه "في هذا الاطار وجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، بإعلان العام المقبل 2019 في الامارات عاما للتسامح بهدف تعزيز الدور العالمي الذي تلعبه الدولة كعاصمة للتعايش والتلاقي الحضاري، وترسيخ هذه القيمة التي أرادها القائد المؤسس سمة ملازمة للمجتمع".
وأشار الى ان "الامارات تحتضن المساجد وأكثر من 45 كنيسة ومعبدا تتيح للأفراد ممارسة شعائرهم الدينية، ومن بينها كاتدرائية النبي الياس في ابوظبي وهي أكبر كنيسة للروم الأرثوذكس في الشرق الأوسط. وتتبنى الدولة مبادرات دولية، كالتي نحن في صددها اليوم، لترسيخ السلم العالمي". وقال: "من أبرز الجوائز في هذا المجال جائزة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي للسلام العالمية، التي تنطلق من التعاليم الإسلامية السمحة، وتتجلى فيها معاني الاعتدال، إذ يشدد سموه على ضرورة إرساء قيم التسامح ونبذ التطرف والانفتاح على الثقافات والشعوب كتوجه مجتمعي عام تنخرط فيه فئات المجتمع كافة بما فيها القطاعين الحكومي والخاص".
وأعلن عن "مثال عملي آخر على روح التسامح، توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بإطلاق اسم مريم أم عيسى (عليهما السلام) على مسجد الشيخ محمد بن زايد في أبوظبي، وذلك ترسيخا للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات. ويرى سموه أن المجتمعات التي تؤسس على قيم ومبادئ التسامح والمحبة والتعايش هي التي تستطيع تحقيق السلام والأمن والاستقرار والتنمية بكل جوانبها وترتقي بطموحات وانجازات أوطانها في مسيرتها نحو المستقبل".
واكد الشامسي "ان النشاط الإماراتي في نشر رؤية الشيخ زايد (طيب الله ثراه) لا ينحصر في استضافة القمم الروحية، التي شارك معظمكم فيها، وآخرها "القمة العالمية للتسامح"، و"منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" بدورته الخامسة. بل هي سلسلة طويلة من المبادرات التي تصب في سياق ترجمة هذه الرؤية الى حقيقة يشهد عليها العالم ففي العام 2012 أقامت الدولة مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف "هداية"، كما أسست في 2014 "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة"، وأتبعته في العام ذاته بإنشاء "مجلس حكماء المسلمين" كهيئة دولية مستقلة لتعزيز قيم التسامح".
وقال: "في العام 2015 كان إطلاق مركز "صواب" لدعم جهود التحالف الدولي في مواجهة التطرف، وأتى إنشاء وزارة التسامح تتويجا لهذه المبادرات، إضافة الى اعتماد "البرنامج الوطني للتسامح" في العام ذاته. إحدى الخطوات المهمة في هذا السياق كان تأسيس "المعهد الدولي للتسامح" في 2017 ومن ثم تدشين "المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة" العام الحالي".
اضاف: "القائمة أيها السادة تطول وقد لا يتسع المجال لذكرها، ونحن أيضا على موعد مع حدث توليه القيادة الإماراتية الحكيمة أهمية قصوى، أعني به زيارة قداسة الحبر الأعظم البابا فرانسيس إلى أبوظبي بين 3 و5 فبراير/ شباط المقبل، وهي زيارة تاريخية بأبعادها كافة، وتعد بأن تكون حديث العالم".
وختم متمنيا "لأعمال هذا اللقاء الحواري النجاح، وأشكركم على تلبية دعوتنا لما فيه الخير للبنان الشقيق. بالسلام بدأت وبالسلام عليكم أختم، لأن السلام رسالتنا الى العالم".
ثم القى البطريرك الراعي كلمة، فقال:"يسعدني أن أوجه تحية خاصة إلى سعادة سفير دولة الإمارات العربية المتحدة، السيد حمد الشامسي، وأشكره على الدعوة للمشاركة في هذا اللقاء الحواري، من ضمن مبادرات "عام زايد"، الذي يجمعنا للتباحث معا في موضوع: "التعارف والاعتراف... نحو دولة المواطنة"، من أجل "نشر ثقافة قبول الآخر، ونبذ خطاب الكراهية والغلو وازدراء الأديان".
اضاف: "في اعتقادي إن المواطنة هي المدخل. فهي بمثابة الروح بالنسبة إلى الانتماء إلى دولة، وإلى الجنسية. كلنا بالولادة ننتمي إلى دولة، ونكتسب جنسيتها وهويتها. وكذلك في حركة الهجرة، المهاجر ينتمي إلى الدولة المضيفة، ويحصل على جنسيتها ويحمل هويتها. تبقى الحاجة إلى روح المواطنة التي تعطي النكهة والحس الوطني، والتي نكتسبها بالتربية".
وختم بالقول: "لا بد من وقفة وطنية مسؤولة، يستعيد بها اللبنانيون هويتهم الحقيقية، والأسس التي بني عليها لبنان كدولة مدنية تميزت بالمواطنة كانتماء، وبالعيش المشترك الإسلامي - المسيحي على أساس المساواة، كهوية شبهته بنسر ذي جناحين. هذا هو العقد الاجتماعي الذي قام عليه لبنان، وصانه الميثاق الوطني والدستور، والذي يوجب تجديده، ونحن على مشارف الاحتفال بمئوية تأسيس دولة لبنان في أول أيلول 2020".
وألقى المفتي دريان كلمة بالمناسبة، قال فيها "يهمني هنا، أن أشير إلى أنه لا توجد طائفة من الطوائف المسيحية الشقيقة في لبنان، إلا ولها كنيسة في دولة الإمارات، أقيمت على أرض منحتها الدولة لها. ولعل أول كنيسة شيدت في هذه الدولة الشقيقة، كانت بمبادرة من رئيسها الشيخ زايد يرحمه الله، في مدينة العين، وفي بيت كانت تقيم فيه عائلته. لقد أردت من وراء الإشارة إلى هذا الأمر، أن أؤكد أن إيمان دولة الإمارات بفلسفة التعايش، واحترام التعدد الديني، هي فلسفة متأصلة في قيادتها، ومتجذرة في مجتمعها. وهو ما يفسر تنظيم هذا اللقاء، بمناسبة إحياء ذكرى مؤسسها، الشيخ زايد يرحمه الله. إن هذه المبادرة، تلقى هوى في نفوسنا جميعا نحن اللبنانيين، وتتماهى مع صيغة عيشنا، ومع الأسس التي يقوم عليها وفاقنا الوطني، الذي يشكل العمود الفقري لأمننا واستقرارنا. بل وأستطيع أن أقول: لوجودنا ولمستقبلنا".
وقال الشيخ نعيم حسن:"آن الأوان للوقوف أمام المشهد الشامل لما يمكن أن نسميه اليوم "الاستجابة الحضارية" للأمة في وجه التحديات الكبرى التي تواجهها، لا سيما في مسألة تشويه المعاني والمقاصد الحقيقية للدين الحنيف، وإلصاق صورة مجتمعاته بالتطرف والغلو وصولا إلى الإرهاب".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News