كتب وسام أبو حرفوش في صحيفة "الراي الكويتية":
رغم هشاشةِ الديموقراطية اللبنانية والمحاولاتِ المُمَنْهَجَةِ لتهشيمها، ما زال في الإمكان، كما كان، ركوب السيارة في بيروت والتوجّه لزيارة رئيسٍ سابقٍ للجمهورية يتقاعد في منزله، لا في سجنه مخلوعاً بالدبابة أو الشارع، حياً يُرزق لا في مثواه الأخير بعد انتقاله من القصر الى القبر مُصارِعاً في الكرسي حتى يصْرعه العمر.
تُعانِدُ ديموقراطية لبنان، على عوراتها، عملياتٍ هائلة لتدميرها بالتعطيلِ المتمادي لـ "تداول السلطة" وعن سابقٍ إصرار وتصميم، بالقتْل حيناً والفراغ أحياناً... الانتخاباتُ الرئاسية عُلِّقت مرّتيْن، في الثانية لـ30 شهراً، وتشكيلُ الحكومات صار يحتاج لأشهر مديدة، وكأن ثمة مَن يريد تحطيم النظام.
"الراي" زارت ميشال سليمان في بيته في منطقة اليرزة، المطلّة على بيروت، بين مقرّ قيادة الجيش الذي قاده لتسعة أعوام والقصر الجمهوري الذي سَكَنَه لستة أعوام. ورئاسته بين مايو 2008 ومايو 2014 قد تكون مثالاً حياً عما هو عليه لبنان من "صراعِ بقاء". تَسَلَّمَ الكرسي من الفراغ وسلّمه إلى... فراغ.
كثيرةٌ هي المفارقاتُ التي ميّزتْ العهد الرئاسي لميشال سليمان، الذي انتخبَه العالم في الدوحة وتَوَّجَهُ البرلمان في بيروت، وشهِد أول انقلابٍ دستوري على حكومةٍ حين أطيح بسعد الحريري (كانون الثاني 2011) لحظة دخوله البيت الأبيض، وحَطَّم تشكيلُ آخر الحكوماتِ في ولايته الرقم القياسي (أكثر من عشرة أشهر) قبل ان يحلّ "الفراغ الرئاسي" لسنتين ونصف السنة.
ورغم أن سليمان يفاخر بأنه أنجز نصاً مرجعياً خلال ولايته يعرف بـ "إعلان بعبدا" الذي يوصي بتحييد لبنان وأصبح مرتكزاً للشرعيتيْن العربية والدولية، فإنه يراقب من موقعه كرئيسٍ سابق، حاضر في الحياة السياسية، أحوال الجمهورية وأهوالها، وهي تقيم بنظامها وتوازناتها ومؤسساتها واقتصادها في... عيْن العاصفة.
هذه الأحوال البائسة التي يشكّل رأسَ جبلِ أهوالها العجزُ المتمادي عن تشكيل حكومةٍ جديدة منذ أكثر من 8 أشهر، كانت أخيراً على الطاولة في اجتماعٍ ماروني دعت إليه الكنيسة في بكركي، وقال فيه البطريرك مار بشاره بطرس الراعي كلاماً بالغ الخطورة عندما تحدّث عن محاولاتٍ لتغيير النظام والانتقال من المناصفة إلى المثالثة.
رغم أن الرئيس سليمان لا يحبّذ لقاءاتٍ ذات طابع مذهبي في السياسة إلا أنه يقدّر دور بكركي وما يصدر عنها كالنداء الشهير لمجلس المطارنة في العام 2000 (الدعوة لانسحاب الجيش السوري من لبنان). أما كلام البطريرك الراعي "فكان صادقاً وجريئاً ولم يَرْقَ إليه البيانُ الذي صدر عن المجتمعين الذين لكلٍّ منهم موقفه".
ولأن الرئيس "الماروني"، الذي قرّر الخروج من القصر وهو يُعْلي الدستور على أحلام التمديد التي راودتْ سواه، يعرف "الداء" تمنّى لو أن المجتمعين في بكركي تبنّوا الدواء "وأقْسموا على عدم التمديد لأنفسهم ولأيّ سلطةٍ وعدم تعطيل نصاب انتخاب رئيس الجمهورية وإقرار إستراتيجيةٍ وطنية للدفاع بإمرة الجيش والإصرار على تحييد لبنان أو أقلّه النأي بالنفس".
ويتوقّف عند "جانب مهمّ جداً تحدّث عنه البطريرك وهو حياد لبنان كضمانةٍ للمستقبل "لكن المجْتمعين لم يناقشوه"، لافتاً إلى أنه كان مدْرِكاً للهواجس التي عبّرتْ عنها بكركي يوم دعا خلال ولايته لجلستيْ حوارٍ في القصر الرئاسي، كاشفاً عن توصيةٍ أدرجتْها محاضر الحوار قبل أيام من مغادرته سدة الرئاسة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News