ما قل ودل

placeholder

LD
الثلاثاء 26 آذار 2019 - 15:54 LD
placeholder

LD

في معنى الترجمة

في معنى الترجمة

د. رهام محمد الايوبي

تركز الترجمة على نقل المعنى من لغة المصدر إلى لغة الهدف مع الحفاظ على روح النص. تقع على عاتق المترجم مهام عدّة: أنّ تتسّم ترجمته بالامانة والصدق والموضوعيّة. يصدف أحياناً أن يترجم بعض النصوص او الافكار أو الآراء التي لا تتناسب مع شخصيّته ولا ومع آرائه، وعلى الرغم من هذا عليه ان يحافظ على الموضوعيّة والاستقلاليّة والحياديّة.

هذا العمل ليس بالامر اليسير كما يُخوَّل للبعض، فمنهم من يعتقد أن عمل المترجم سهل يقتصر على الاستعانة بقاموس ثنائي اللّغة لإيجاد مقابل لبعض الكلمات والمفردات. بيد أنّ عمل المترجم أعمق وأصعب من ذلك بأشواط وتعترضه الكثير من الصعوبات التي لا تعدّ ولا تحصى ولن ينتبه لها إلّا من يملك الماماً عميقاً في اللّغات والترجمة. حين تقتصر الترجمة على انتقاء ما يقابل هذه الكلمة او غيرها في قاموس معيّن ومن ثمّ وضعها في جملةٍ معيّنة تفتقد الجملة إلى المعنى، نكون قد وقعنا في المحظور أو ما يسمّى الترجمة الحرفيّة التّي تشوّه النص في حال اعتمد عليها المترجم بدلاً من نقل المعنى الكامل والعامّ.

لا يمكنننا ان نغفل دور القاموس أو ان ننكر فضله في تسهيل عمليّة المترجم ولكن لن يستطيع أن يؤدي عمله أو ان يحلّ مكانه. لطالما كانت الترجمة عمليّة صعبة ودقيقة في أنواعها كافّة، فالترجمة الادبيّة والدينيّة والطبيّة والسياسيّة وغيرها كلّها ترجمات تتطلّب الكثير من الوقت والجهد.
يضطرّ المترجم في كثيرٍ من الأحيان إلى البحث عن بعض الكلمات والتعابير لفهم معناها الحقيقي، ليرى إن كان المقابل الذي سيختاره مناسباً لسياق النص أم لا من جهة، وهل يتناسب هذا المقابل مع الحقبة الزمنيّة الحاليّة، خصوصاً أن الترجمة واللّغة في حركةٍ وتطوّر دائميْن.

ففي الترجمة الأدبيّة مثلاَ ترد العبارة التاليّة: "When pigs fly" هذه العبارة هي إصطللاح لغوي أو ما يُعرف بالـ Idiom؛ لا يمكن للمترجم أن يعتمد على القاموس من أجل الوصول إلى ترجمتها، لأن ترجمتها حرفياً لا تسمن ولا تغني من جوع ولن تفيد القارئ بشيء، لذا على المترجم أن يبحث في الكتب وبعض المواقع الالكترونيّة للوصول إلى الترجمة الصحيحة. فالمعنى المقصود من هذه العبارة هي استحالة القيام بهذا الامر أو استحالة وقوعه، ولها عدّة ترجمات أذكر منها:
1- حتّى يلج الجملُ في سمّ الخياط (القرآن الكريم)
2- إذا اشرقت الشمس من المغرب
3- حتّى يشيب الغراب
4- هيهات
لا يمكن التوصّل إلى هذه الترجمات إذا لجأ المترجم إلى قاموس أحادي أو ثنائي اللّغة، بل عليه أن يجري أبحاثاً كثيرة وأن يمتلك بنيّة ثقافيّة واسعة تمكنّه من قراءة ما بين السطور ومعرفة المقصود والمعنى المراد ايصاله للقرّاء.
ننتقل الآن إلى نوعٍ أخر من الترجمة وهي الترجمة الدينيّة التي تعتبر أيضاً من أصعب أنواع الترجمات، ولا يمكن للمترجم الّا الاعتماد على سياق النص من أجل إيصال المعنى خصوصاً عند نقل النص الديني من العربيّة إلى اللّغات الاجنبيّة التي لا تتسّع اتساع اللّغة العربيّة فيما يتعلّق بالمصطلحات والتعابير، فكلمة سيف مثلاً لها أكثر من مقابل في اللّغة العربيّة في حين أنّ لها معنىً واحداً في اللّغة الفرنسيّة أو الإنكليزيّة.
غالباً ما يصادف المترجم كغيره من الناس شرائح متنوّعة ومتعدّدة في المجتمع الواحد، وعند سؤالهم عن مهنته، يرفقون هذا السؤال بآخر "كم عدد اللّغات التي تتقنها"؟ في الغالب يكون الجواب لغتيْن أو ثلاث، "فقط"؟
ما زال يعتقد بعض النّاس أنّ على المترجم اتقان الكثير من اللّغات لكي يصبح مترجماً ناجحاً، مع العلم أن التيّارات الحديثة في الترجمّة تفضّل ان يتخصّص المترجم بنوعٍ واحد مع درايةٍ وإلمامٍ بالأنواع الأخرى أيّ يفضّل أن يكون المترجم متخصّصاً بالترجمة القانونيّة أو الطبيّة إلخ...

قائمة المصادر والمراجع:
1- BENVENISTE Emile, Problèmes de Linguistique Générale, (1996), Paris : Gallimard
2- قاموس الكامل الوسيط، تأليف محمد يوسف رضا، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت.

3- المنهل (قاموس ) تأليف سهيل ادريس وجبورعبدالنور، دار الآداب بيروت.
4- ABOUHATAB Wafa (2004), Quality Of Translation and Challenges of the New Millenium : Facts and Ethics, Consulté en ligne http://abacus.universidadeuropea.es/bitstream/handle/11268/6347/11_ABU_ART.pdf?sequence=2

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة