ذكرت وسائل إعلام، اليوم السبت، أن اتفاقية تم توقيعها رسميًا في العاصمة الفرنسية باريس، بين القوى السياسية المتنافسة في كاليدونيا الجديدة، تمهد الطريق لإنشاء دولة جديدة تتمتع بحكم ذاتي جزئي، مع الاحتفاظ بارتباط مؤسسي وسيادي مع فرنسا.
ونقلت صحيفة "بوليتيكو" عن مصادر سياسية أن الحركات السياسية المتعارضة في الأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ، أعلنت صباح السبت التوصل إلى اتفاق نهائي، بعد أشهر من المفاوضات المعقدة، بشأن مستقبل الوضع الدستوري للإقليم.
ويقضي الاتفاق بمنح كاليدونيا الجديدة جنسية محلية خاصة بها، إلى جانب صلاحيات جزئية في العلاقات الدولية، في خطوة تفتح الباب أمام مزيد من الاستقلالية، دون الانفصال الكامل عن الجمهورية الفرنسية.
ومن المقرر أن يُعرض هذا الاتفاق على البرلمان الفرنسي للتصويت، قبل أن يُطرح لاحقًا في استفتاء شعبي داخل الأرخبيل.
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عبر منشور على منصة "إكس"، توقيع الاتفاق، واصفًا إياه بأنه "تاريخي"، مشيرًا إلى أنه يمثل "خطوة مؤسساتية مهمة نحو بناء مستقبل مستقر ومتوازن لكاليدونيا الجديدة، يُراعي تطلعات الجميع".
وكان ماكرون قد لعب دورًا محوريًا في رعاية المفاوضات منذ صيف العام الماضي، حيث استقبل ممثلي التيارات المؤيدة والمعارضة للاستقلال في قصر الإليزيه، في محاولة لتقريب وجهات النظر بعد سنوات من التوتر السياسي والانقسامات العرقية والاجتماعية.
يُذكر أن كاليدونيا الجديدة، المصنفة كإقليم ما وراء البحار الفرنسي، شهدت ثلاث استفتاءات سابقة حول الاستقلال، كان آخرها في كانون الاول 2021، وأسفرت جميعها عن فوز التيار المؤيد للبقاء تحت السيادة الفرنسية، وإن شابها جدل واسع، خاصة بعد مقاطعة الاستفتاء الأخير من قبل أنصار الاستقلال.
وفي أيار 2024، اندلعت احتجاجات عنيفة في الإقليم، بعد مقترح فرنسي لتعديل قانون الانتخابات المحلية، والذي نصّ على منح حق التصويت للمقيمين في الأرخبيل لأكثر من عشر سنوات. واعتبره شعب الكاناك، وهم السكان الأصليون المؤيدون للاستقلال، تهديدًا ديموغرافيًا يكرّس التهميش، ويحوّلهم إلى أقلية داخل وطنهم.
أسفرت تلك الاحتجاجات عن مقتل 14 شخصًا وتسببت في أضرار مادية تجاوزت المليار يورو، مما دفع الحكومة الفرنسية إلى تجميد المشروع الدستوري مؤقتًا، والدعوة إلى حوار وطني برعاية مباشرة من الإليزيه.
الاتفاق الحالي يُعد أول اختراق فعلي في هذا المسار، إذ يمنح الأرخبيل وضعًا خاصًا دون التوجّه الفوري نحو الاستقلال الكامل، في محاولة لإيجاد صيغة توافقيّة تُنهي الانقسام السياسي العميق.