ليبانون ديبايت - عبدالله قمح
عبارة «لا إفلاس» أضحت معزوفة تتردّد نغمتها على كل شفّة ولسان سياسي منذ دخول البلاد مدار التخبّط الاقتصادي الأخير، على الرغم من أن ّأوّل من أشارَ إلى «طبائع الإفلاس» كانوا اركاناً رئيسيّون في الدّولة، لوّحوا جهاراً باقتراب رياح «النموذج اليوناني»، وتحدّثوا عن «صعاب ماليّة» غدت أكثر من واضحة، ثم عدلوا عن ذلك وراحوا يبرّرون أقوالهم!
لكن المياه عادة تكذّب الغطّاس، بحيث توحي أكثر من علامة، وجود إشارات اقتصاديّة «غير مريحة» تدلّ إليها تصرّفات أكثر من مصرف محلي، ما يوحي أنّ الإقتصاد يتحرّك في مدارٍ خطر، وأن هناك ما يجب الالتفات إليه، أو أنّ ثمّة هناك من يقوم باستغلال هذه الحالة لتنفيذ اجراءات ماليّة «مشبوهة» أو «طائشة» لا يجب أنّ يعتمدها في وضع اقتصادي مماثل، ويمكن لأي تصرف أنّ يؤسّس إلى اقاويل تضرّ لا تنفع وتزيد من نسبة الخوف الذي يعتري المواطنين.
قبل أيّام شَهِدَ اللبنانيّون على ارتفاع ملحوظ في سعر بيع الدولار تراوح بين 1525 و 1530 ليرة لكل دولار، في رقم تجاوزَ المعدّلات الموسميّة المعهودة التي لم تكن تتجاوز 1507.5 ليرة عن كل دولار، ما ارخى عن تأثيرات سلبيّة شهدها السوق والبورصات على نحوٍ واضح، وفتح الباب أمام التأويلات.
البعض ممن يهتمون بعالم الأرقام، يعتقدون أنّ ما حصل أواخر الأسبوع الماضي يُعد «علامة خطيرة» لا يجب المرور عنها من دون إجراء تمحيص وتدقيق، كما وأنّه اُعِدَ الانكشاف العلني الأوّل على ما كان يجري في السوق بشكلٍ مستتر، ولم يكن أحد يجرؤ على البوح به، تحت عنوان الخوف على الليرة والاقتصاد.
فخلال الفترة الماضية، شهد بعض المصارف على تصرّفات لم يعهدها العملاء، كانت عبارة عن اهتمام لدى أكثر من مصرف في سحب الدولار من السوق، لاسبابٍ شتى، من دون تبرير أي فعل إلى العميل.
وعلى سبيل الاشارة، عمدت مصارف معروفة قبل مدّة وجيزة وبشكلٍ مفاجئ، إلى وقف قبض مستحقات القروض على أنواعها المسجّلة تحت خانة الدولار الأميركي، بالليرة اللبنانيّة، علماً أنه وفي ما مضى، كان المقترض يستطيع الدفع بالليرة في حال لم يتسنَ له الصرف إلى العملة الصعبة، على أن يلتزم دفع الفرق.
وفيما فضل أكثر من مصرف عدم تبرير الأسباب من وراء هذا الإجراء، بقي الأمر مجهولاً عند العملاء الذين اجبروا على تحويل تلك المبالغ إلى الدولار من محلّات الصيرفة ثم دفعها مجدداً إلى المصرف.
علامة اخرى شهدتها بعض المصارف، بحيث رفضت في معظم الأوقات ولفترات محدودة، صرف شيكات بالدولار الأميركي لصالح تجار وعملاء، واقتصار الصرف على الليرة اللبنانيّة فقط، من دون تقديم أي تبرير مقنع على الرّغم من مطالبة العملاء بتفسيرات، وحاجة البعض الآخر إلى العملة الصعبة.
وفي تفسير خبراء بعالم الأرقام، تبيّن لهم أنّ مصارفاً كان ترمي من وراء هذا التحرك إلى سحب الدولار من السوق و تكديسه في خزاناتها، وقد اعتمدت في سبيل تحقيق ذلك على العملاء والزبائن، وكان من جملة ما أداه هذا الإجراء، رفع في نسبة احتياطي العملات الصعبة لديها، وهذا النوع يمكن تفسيره في اعتماد سياسة تحكّم في السوق وتأمينه من خلال حصر التعامل بالدولار في جهاتٍ محدّدة.
لكن ما أعدَ عملاً مستغرباً، قيام بعض المصارف بعمليّة انتقاء لزبائن من أجل بيعهم الدولار نزولاً عند طلبهم وإلحاح الحاجة، بقيمة تجاوزت ما كان معمولٌ به، بحيث بلغت القيمة 1516 ليرة عن كل دولار، في حين كان البيع بالسابق لا يتعدى الـ 1507! ما اعدَ من قبل خبراء استغلالاً غير مشروع من قبل بعض المصارف التي راكمت ربحاً بطرق غير شرعيّة!
تراكم هذه الأفعال دفعة واحدة أدّى إلى تكوّن أنماط من الخوف في نفوس المودعين، خاصة اولئك المصنّفين من «الفرقة الصغيرة» الذين ادخروا جنى عمرهم في المصارف، بحيث تلقّت بعض المصارف، كما يؤكّد الخبراء، طلبات بسحوبات إلى حدود تصفير بعض الحسابات، والتفسير المنطقي هو تكوّن خشية لدى بعض هؤلاء المودعين من الإبقاء على أموالهم لدى المصارف، وتفضيل ادخارها في خزائن منازلهم، أقله خلال هذه الفترة!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News