المحلية

الاثنين 06 أيار 2019 - 01:00 LD

متى تُطرح الثقة بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى؟

متى تُطرح الثقة بالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى؟

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

تتناسلُ الفضائح التي تطال «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى»، ليس جديدها ما نُشر عبرَ الإعلام مؤخّراً، بل يعود كل ذلك إلى سلسلةٍ زمنيّة بعيدة متراصة من العوامل التي أدّت إلى ما أدت إليه اليوم.

يشهدُ المجلس على تحكّم عائلة واحدة بالجزء الأكبر من مفاصلهِ الوظيفية حتّى لا نقول كلّها، ما حوّلها إلى متحكم رئيس في مسار نفوذه، مستفيدةً من جو سياسي معيّن، وهذا الأمر لا يغدو إتهاماً في حال جرى التدقيق بالمناصب الرفيعة في المجلس التي تذهب إلى هذه العائلة وبالتحديد إلى أقارب رئيسه الحالي والمقربين منهم من أبناء وأحفاد ومستفيدين، على نحوٍ جعل من المجلس أشبه بـ«مجلس أميين» بإمتياز.

حتّى أن الإتهامات إلى المجلس ارتفعت وتيرتها في المرحلة الأخيرة مع إقدام البعض على ممارسات مختلفة، وانتقلت من إتهاماتٍ ذات طابع التهكّمات من تولّي أفراد من العائلة زمامه، إلى فضائحٍ طالت بعض المشايخ من الأعضاء، أخلاقيّة و مسلكيّة ذات علاقة بأحكام تَصدر عن قضاة في المجلس، هذا ناهيك عن الإشارات حول وجود «سماسرة» يتحرّكون بحرّية داخله و يحتكرون أو يستغلون وفق أشكالٍ مُتعدّدة.

تراكم كل هذه الأمور دفعة واحدة ثمّ تسريبها إلى الإعلام، حوّلَ البيئة الشيعيّة إلى بيئة تحاول التنصّل من المجلس، بل ويذهب بعض أتباعها، بخاصة رجال الدين، إلى سحب صفة التمثيل الشيعي عمه، وحصره ضمن خانة «المجلس العائلي الموروث» أو في أفضل الأحوال، تصويره كمؤسّسة رعاية للوحدة السياسيّة الشيعيّة التي تتجسّد في تكوينه الداخلي الموزّع بين حزب الله وحركة أمل.

الطرفان الشيعيّان الرئيسيّان داخل الطائفة، كلٌ منهما يتعامل بطريقة مختلفة مع المجلس، ففي حين تعتبرهُ حركة أمل أحد المراكز التي جرى سحبها من فم الدولة وتحقّقت بعد نضالٍ طويل، بالإضافة إلى وجودِ صفة رمزيّة تتصل بالإمام المغيب السيد موسى الصدر، يعتبرهُ حزب الله مجلس أمر واقع ممثّل للطائفة الشيعيّة أمامَ الدولة اللبنانيّة، وهو يتعامل معه كإطار موجود من دون التدخّل في تفاصيله المملة.

ولحزب الله مثلاً أسبابه في ترك أمور المجلس الشّيعي متفلّتة على هذا النحو الفاقع، منها الفقهية المرتبطة بنظرة حزب الله إلى الإطار التمثيلي الشيعي العام، ويصل إلى مستوى نظرته إلى مبدأ التقليد وولاية الفقيه، وحرصهُ الدائم على لف العلاقة مع حركة أمل بمظلة كبيرة من الحماية منعاً لدخول أي شوائب عليها، وهذه الامور مجتمعة تجعله خارج دائرة نقاش دور المجلس الشيعي في المدى المنظور.

أمّا حركة أمل فلها أسبابها في لفِ المجلس بدائرة حماية كبيرة، وفضلاً عن الأسباب المشار اليها اعلاه، ليس سراً أن الحركة تعتبر المجلس امتداداً لنفوذها، وبالتالي يمثل أركانه الأصليّون الحركة عضويّاً وهم يتبعون لها تنظيمياً، امّا غياب نهج الإصلاح والتغيير عن خطاب الحركة تجاه المجلس، فيعود إلى قرارها الواضح في تثبيت الحالة العائلية المتمثلة الآن في المجلس. من هنا، ثمّة واجبات تترتّب على الحركة تجاه المجلس إستناداً إلى مشروع «مكافحة الفساد» التي يتحدث أركانها عنه.

لكن ممّا لا لبث فيه ويجب الإضاءة عليه، أن دور المجلس الشّيعي يتقلّص دوريّاً كلّما دخلَ اتّهام جديد عليه، وباتَ الشيعيّة عامةً يرون بالمجلس «دخيلاً على ثقافتهم، وأداة ربحيّة أكثر من كونها دينيّة»، وهذا طبعاً يؤسّس إلى ضرر بالغ بصورة المجلس وينزع عنه هويّته التمثيليّة ويفقد أعيانه ورعيّته من حوله، إلى جانبِ الأذى المعنوي الذي تُسبّبه كل تلك التصرّفات.

انطلاقاً من كُلّ ذلك، ثمّة من بدأ يطرحُ فرضيّات مبنيّة على عصفِ أفكار، تُعيد الدور إلى المَجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وتجري اصلاحاً حقيقيّاً داخله، أو بالحد الأدنى طرح الثّقة به تمهيداً لإجراء إعادة هيكلة شاملة تعيد إلى المجلس دوره السّابق.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة