المحلية

الاثنين 27 أيار 2019 - 02:54 LD

نداء الى كنيسة إنطاكية وسائر المشرق

نداء الى كنيسة إنطاكية وسائر المشرق

"ليبانون ديبايت" - ربيع الشاعر

بعدما بردت الخواطر ورضخ القضاء الى إرادة "الجماعة" في معاقبة "وقاحة" نقابي "سابق" أرى أنه من المفيد الإضاءة على بعض الوقائع بتجرد الذي لا يناصر إلاّ الحق ولا مصلحة له سوى الدفاع عن الحرية:

١- من المعيب جدا أن يكون "العامل الأول" في لبنان على هذا المستوى من الانحطاط الأخلاقي والذي كان همّه، قبل الدفاع عن حقوق العمّال، التعليق على حدث جلّ كوفاة بطريرك طائفة عريقة بعبارات تعكس انحطاطه الأخلاقي وإفلاس منطقه الخالي من أي حجة فلسفية أو لاهوتية أو علمية. وهذا ليس فقط إهانة لمقامات روحية ولإيمان شريحة من اللبنانيين، بل إهانة للطبقة العاملة الذي تبين أن من يدافع عن قضاياها ليس إلا سخيفاً خفيفاً سمجاً وجباناً. وليست مجاراة زملائه على المنصة له سوى الدليل على مساواتهم به في الحقارة وافتقارهم لأي عمق فكري يطمئن على أن قضايا العمال هي بأيادٍ أمينة. فالذين يضحكون بسبب سخرية "رئيسهم" من تكريم شريحة من اللبنانيين لبطركهم الراحل، ودعوته لشفائه، من همّه الأوّل في الحياة، وهو عجزه الجنسي، هم فعلياً يضحكون على العمال الذين يمثلونهم أو قل يمثلون عليهم، ودليل على عجزهم فكرياً عن خدمة القضايا العمالية.

٢- طبيعية هي ردة فعل المؤمنين الذين هالهم هذا التعدي الرخيص على معتقداتهم، إلا أنه من المقلق أن ينصاع قادة الرأي العام لأهواءات "الجماعة" وكأن السيد المسيح قد انصاع لأهواءات "بطرس" الذي أراد مقاومة السيف بالسيف مهدداً مصير المسيحية وحافلة شهدائها وفكرها الفلسفي-الروحي المسالم القائم على قوة المحبة بدلاً من سلطة العنف! فما هي الرسالة التي أرادها مسيحيو لبنان من الانهيال على هذا "الخاطئ" بهذه الكمية من الكراهية والعنف غير المبرر حجمه؟ لقد انتصر المسيحيون لكرامتهم وخسرت المسيحية! فهل هذا "العاجز جنسياً" هو الذي يهدد مصيرها في لبنان؟ وهل هذه الطريقة المثلى لتلقين درس لكل متطاول على المسيحيين؟ أم أننا بذلك أوثقنا الخناق على عنقنا ووقعنا في فخ التكابر وفائق القوة الزائف؟ فبسجن هذا " الأرعن" سجنا معه بعضاً من حرية التعبير وخدمنا كهنة "الإرهاب الفكري" على حساب كهنة "المحبة والعقل الراجح". وإذا كانت حجتنا أن "الآخرين" لا يسمحون بالتطاول على مقاماتهم الروحية فقد أعطينا لهؤلاء "الآخرين" حجة لتضييق الحبس على "رعاياهم" وترهيبهم فكرياً بدلاً من أن نكون مثال تحرر من كل "ظلامية". وما خوفنا من كل متطاول على معتقدات "الجماعة" إلا تبريراً لكل متطاول على حقوق الأفراد، أي تشريعاً للقمع باسم "الجماعة" مما يعدم أي فرصة للتحرر من قيود التعتيم باسم الدين ودعوة للبقاء في سجون العصور الوسطى بدلاً من التحلي بشجاعة العبور الى عصور التنوير! وتضييق خناق الحريات سوف يطال ليس فقط حقوق كل فرد منا، بل حقوق الجماعات الأضعف لأننا استسلمنا لمنطق القوة بدلاً من منطق الحق والعدالة. وإذا كان خوف "الجماعة" من رأيٍ "شاذ" هو خطأ تاريخي فإن انصياع "السلطة الثالثة" لمنطق القوة بدلاً من الدفاع عن العدالة حتى لأحقر المجرمين هو الخطيئة الكبرى والخطر الأعظم. فما فضل الدين إذا كان الدفاع عنه لا يصلح إلا بالقوة؟ وما فضل القضاء إذا جبن أمام التدخلات السياسية والشعبية؟

٣- إن الكثير من الممارسات السياسية مخيف جداً حيث لا يلتزم بعض السياسيين بجوهر دياناتهم وينحرفون عنها لخدمة أطماعهم السلطوية ونشر الفساد. ومن ثم يستثيرون الغرائز الدينية لتغطية عجزهم. والأدهى أنهم يغضون النظر عن فساد "أتباعهم" فلا يعاقبونهم على الفساد إلا عندما يتطاول هؤلاء على نعمة "أسيادهم" أو على "الشعائر". وكأن هذه "الشعائر" ترضى أصلاً بفسادهم وفساد هؤلاء "الاتباع". لذا فَقَدَ سلاح محاربة الفساد فعاليته ومصداقيته طالما أنه في يد "أرباب الفساد" يستخدمونه فقط لإرهاب كل من يفكر بالانشقاق عنهم أو لتقديم "أضاحٍ" بما يسكّن من روع "العباد" وأوجاعهم ولا يقضي على المرض.

في الختام، لا مدينة فاضلة وخاصة في هذا الشرق ولكن ما قيمة لبنان إذا لم تكن دولته دولة حق لا ظلم، وما قيمة الإيمان إذا لم تكن الطوائف منابراً للدفاع عن الحريات؟ ارموا حجارة الكره والخوف من أيديكم وأسقطوا الدعاوى عن رجل هو اعترف بأنه ليس برجل كي لا نبكي على وطن لم نستطع أن ندافع عنه كالمؤمنين الأحرار!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة