ليبانون ديبايت - عبدالله قمح
نجاح «وساطات التّبريد» التي شُنّت على أكثرِ من محور ومنصة إختلاف بين القوى السّياسية الشّريكة في «جبنة الحُكومة»، أثمرَ في السّاعاتِ الماضية توقيع إخلاءات سبيل مُتعدّدة وعلى أكثر من مِلف، بدءً من إنتخاب حصّة مجلس النوّاب في «المجلس الدستوري»، وصولاً إلى ملف خلاف الحريري - جنبلاط المتوقّع أن يوضع على «المشرحة» في غضون السّاعاتِ القادمة.
وقد ظهر أن الطابع الذي ساد عمليّة التبريد، اعتمدَ سيناريو إخراج تسووي تصالحي مصلحي، أتى على شكل تنفيعات موزّعة بين الكُتل الكبرى، وقسم خُصّصَ بالتساوي بين الشُركاء في التسوية، بحيث أكّدت الوقائع سارية المفعول قبل وبعد الجلسة التّشريعية وتلك السّائدة حالياً، أنه ومهما تعاظمت الخلافات بين الأفرقاء وبلغت من الحماوة دركاً، إنما تبقى المصلحة هي الأعز شئناً ولها قدرة المتحّكم في الأمور، ولها انّ تُعيدَ التوازن إلى العلاقاتِ متى عادَ المعنيّون إلى رشدهم، أما هامش العودة إلى العقلِ فمقرونة بمدى وجود المصلحة ذاتها في هذا الملف أو ذاك، وتبعاً لذلك تُصبح الحصّة محفوظة للجميع!
ومع سلوك ملف «المجلس الدّستوري» بنجاح، ثمّة إعلان ترقّب إلى مدى سرعة إنجاز الجزء المتبقّي من الصفقة، والمتضمن حصّة مجلس الوزراء البالغة ٥ أعضاء آخرين، خاصّة وإن الإشارات تُظهر وبوضوح أن مبدأ المُقايضة الذي اعتمد في إختيار الأعضاء من قِبَل مجلس النوّاب، ستُعمّم بنوده على مجلس الوزراء، ولو بنسبة أقل ولكن بحجم تصارع أكبر، لكن بعيداً عن «الشوشرات»، وفي النهاية سيجري الركون إلى نفس قاعدة «تسريح الخلاف» التي اعتُمدت في ساحةِ النجمة.
وعلى ذلك، متوقّع أن يأتي الدور في التّسويات على ملف خلاف رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، الذي يبدو أنه عادَ إلى نغمة «التغريد» مُجدّداً ولو في الملفات الخارجيّة فقط.
يُفصح أكثر من مصدر متابع لآليّة حلّ الخلاف بين الرجلين التي يقودها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، أن الأخير دعا رئيس الحكومة سعد الحريري قُبيل انعقاد الجلسة التشريعيّة في مجلس النواب، إلى «قعدة» في مكتبه، بحثا خلالها جملة أمور ومنها هواجس وليد جنبلاط تحديداً وأسباب الخلاف الناشب بينهما.
وفي المعلومات أن جنبلاط وضعَ في عهدة برّي مجموعة أسئلة طالباً طرحها على الحريري، فاختار رئيس المجلس أن يُطلع رئيس مجلس الوزراء عليها في جلسةٍ خاصّة حين عودته من السفر، ويناقشها معه.
وعلى ذمّة مصادر المعلومات، ارتكزت أسئلة جنبلاط حول مدى إستمرار الرئيس الحريري في قبول مدرجات «إتفاق الطائف»، وهل ما زالَ ساري المفعول بالنسبة إليه، أم أنهُ يرى بديلاً آخر عنه، وهنا يبدو واضحاً أن جنبلاط يستهدف بسؤاله معرفة مدى حدود العلاقة بين الحريري ووزير الخارجيّة جبران باسيل.
وكان هناك سؤال حول إحتمال وجود دور للحريري في ما يعتبرهُ جنبلاط «الحملة التي يتعرَض لها»، لكن الأجوبة التي قدّمها رئيس مجلس الوزراء وتيّار المستقبل، اندرجت وِفقَ نفس المعزوفة القديمة: نفي وجود حملة على جنبلاط والتّشديد على المحافظة على إتفاق الطائف.
في نظرِ المشتغلين على خط الحل، فإن جنبلاط يحتاجُ في هذه المرحلة إلى نماذج تطمين لا إعتماد طُرقات ملتوية قد يفسرّها على أنها اشتراك في الحملات المقامة ضدّه، وبالتالي، يعمل الرئيس برّي على تفكيك هذه المشاعر، والتّمهيد لأجواء تؤسّس لإتمام معالجة جذريّة لهواجس جنبلاط ومطالبه، والتّأسيس إلى حل مُستدام يحصر العلاقة، في الإتفاق أو الخلاف، بين الرجلين، ويفرض عليهما معادلة وتعهد بعدم الركون إلى «نشر الغسيل» على السّطوحِ أو اللّجوء إلى التّراشقِ عبر المنصّات الإعلاميّة.
ولهذه الغاية، يؤسّسُ الفريق العامل على الحل، إلى بلورة جو إيجابي يكون مقدّمة للحل، وذلك عبر دعوة يوجهّها برّي لكل من الحريري وجنبلاط إلى «جلسة تصفية قلوب ومصالحة» على طاولة غداء أو عشاء، تتم برعايته وإحاطته الشّخصية، خلال الفترة القليلة المقبلة، والتّوقعات أن يتم ذلك خلال فترة نهاية الإسبوع، أو عقب إنتهاء جلسة الثلاثاء الحكوميّة المرتقبة.
وثمّة إعتقاد ينمو بشكلٍ بالغ لدى مستويات سياسيّة، أن بلوغ الخلاف بين الحريري وجنبلاط إلى هذا الدرك، خاصةً وأنهما يمثلان عماداً لإتفاق الطائف نسبةً إلى موقعهما فيه، أتاحَ للبعض البدء بإحصاء نسب «الهشاشة» الموجودة في هيكل التّحالفات السّياسية التي بُنيت على وهجِ الإتفاق ومثّل بالنسبة لها محركاً وغطاءاً، وهذا يرمي، من وجهةِ نظرها، إلى التّصويب على هذه الهيكليّة وربما يكون المقصود بشكلٍ أبعد التصويب على الإتفاق نفسه.. وهو أمرٌ يُعاكس رغبة المستويات التي تعتبر نفسها «حارسة الإتفاق»، لذا قدّم جنبلاط هذا النوع من الأسئلة وتكفل برّي بعرضها وإبداءِ نوع من الإحاطة لها.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News