المحلية

الثلاثاء 09 تموز 2019 - 01:00 LD

"طبخة برّي" في بعبدا

"طبخة برّي" في بعبدا

ليبانون ديبايت - عبدالله قمح

كُلّ الطرقات، الطويلة أم المختصرة، تقودُ إلى نفس ِالنتيجة: لا حكومة «خرج» أن تنعقد أقلّه هذا الأسبوع. وبينما كان يجدر أن يقفَ رئيس الحُكومة سعد الحريري عند مجرى «مؤسّسته» التي يعتز بأنّه «يُحامي عن صلاحيّاتها»، ظهرَ أن الرجل وحين وصل «الموس إلى اللّحية»، قررَ عمليّاً تكرار إعتماد «تقنيّة النعامة» ذاتها في كل مرّة تَطرق الأزمة بابه، أي الإعتكاف في الخارج.

بالنسبة إلى الحريري، أضحى منطق الهروب إلى الأمام تحت ذريعة «الزيارات الخاصّة» التي لا يمرّ إسبوع إلّا ويُتمّم واجبات واحدة منها، أمراً عادياً، بل أصبحَ يناوب على آدائها عند كل مطب أو ظرف سياسي قاهر، ما ينقض الفرضيّة التي يُكرّر معزوفتها في كُلّ مناسبة، «حماية صلاحيّات رئيس مجلس الوزراء».

والغريب، أنّ المُماطلة الحكوميّة، مستمرّة منذ عيد الفطر، أي قبل أكثر من شهر. وترصد رادارات الفرق السياسيّة على تنوّعها، أنّه ومنذ ذلك الحين، لم تلتئم الحُكومة إلّا في ثلاث مناسبات كانت ثمرتها «صفراً»، علماً أن البلاد تمرّ في قطوعٍ إقتصاديٍ غير سليم يوجب تظافر الجهود من أجلِ الشّروع في عمليّة إنقاذ، يبدو أن الجميع يسعى إلى تقرشيها فقط من بوابة «سيدر».

على ذلك، تبيّن أن كل الإتصالات السياسيّة التي دارت بين مختلف القوى في السّاعاتِ الماضيّة من أجل تمرير قطوع الحُكومة، والسّاعية إلى تجنيب طرح مطلب الحزب الديمقراطي والتيّار الوطني الحرّ إحالة ملف «قبرشمون» على المجلسِ العدلي خشية لانقسامها، وصلت إلى حائطٍ مسدود، بدليل عدم تأمين توافق على عقد جلسة للحكومة اليوم، والأمر ذاته قد ينسحب على نهار الخميس.

وعند ضفاف هذه الجلبة يتولّد فريقان يتقاسمان الأجواء المحيطة بالوضع الحكومي:

طرف ينظر إلى أن «القطيعة الحكوميّة» المبنيّة على تداعيات حادثة «قبرشمون»، قد تنحصر ضمن هذا الاسبوع فقط، إستكمالاً لمساعي التبريد الجارية على قدم وساق، على أن تتوفّر ظروف انعقادها الأسبوع الطالع مع تبلور رؤية شاملة حول شكل الحل الذي أدرَ محرّكاته رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، وطرف آخر يميل إلى التشاؤم، مع تكوّن ظنون لديه، ملؤها خشية، تقول أن الحكومة كما انعقادها، دخلا في مهب الريح، في ظلِ الآراء القائلة أن لا حكومة إلا بعد العبور نحو المجلس العدلي.

وثمّة رأيٌ جاري التدقيق به، يدعي أن حزب الله تموضعَ خلف طروحات حليفيه، التيّار الوطني الحرّ والحزب الديمقراطي، القائلان بوجوب إحالة ملف أحداث «قبرشمون» على المجلس العدلي، وخلفه تتكتّل كافة عناصر ٨ آذار ما عدا برّي المتقمّص دور «شيخ الصلح».

وعلى الهامش، نمت خلال السّاعاتِ المنصرمة، معلومات كثيفة دلَّت إلى إحتمالِ إتساع «بيكار» المؤيدين للإحالة على المجلس العدلي، ليشمل وزير «المردة»، ولو أنّ رئيسه سليمان فرنجية مضى في الهجوم على الوزير جبران باسيل غداة وقوع الحادثة، لكن مدلولات زيارة المعاون السّياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل وتمضيته وقتاً بجوار فرنجية وفنيانوس، تكاد تكون أكثر عمقاً، إنما موقف «الوزير» بحال حصل، فيندرج تحت خانة «الإقرار بحصول خطأ يجب محاسبة الذين وقفوا خلفه أمام القضاء»، والفكرة أن لا تنحصر المحاسبة على محازبي جنبلاط فقط.

وعلى طرفِ نقيض، يبدو أن الرّئيس نبيه برّي يُسارع إلى نجدة القوم، وبالتالي الحكومة، من خلال حراك شرع به يوم أمس من قصر بعبدا، يقوم على فكرة الدعوة إلى انعقاد الحكومة في جلسةٍ عاديّة في القصر يوم الخميس المقبل، هذا من جانب، ومن جانب آخر، قدّمَ على بساط «الرئيس» فكرة «ناشئة» تقوم على رعايةِ «بي الكل» لـ«مصالحة» بين المختلفين الثلاثة، الإشتراكي الديمقراطي والتيّار.

وبحسب ما يُسرّب، تقوم وساطة برّي على «رعاية تسوية سياسيّة كاملة العناصر»، تبدأ بالحكومة وتنتهي بقصر بعبدا، مع مصالحة الاطراف المتصارعة، وتوقيع ما يشبه «إعلان نوايا»، و المبادرة تتضمّن سحب المطالبة بالإحالة إلى المجلس العدلي في مقابل قبول الجميع بمعالجة أمنيّة، يُعتمد فيها القضاء المدني وليس العسكري.

وعلى صعيدِ الحكومة، يُسرّب أن برّي، يربط في ما خص انعقادها، بتسلّمها «صيغة أوليّة» عن التحقيقات التي تقومُ بها الجهات الأمنيّة حول الحادث، واستعراض رؤيتها الأوليّة على الطاولة، ومن ثم مناقشة ما إذا كانت خُلاصات التحقيق تستحق أن يُحال الملف إلى المجلسِ العدلي أم لا، مع تقديم ضمانة حول السير في الإحالة متى كان الملف يحوز على الأدلّة التي تُوجب تلك الإحالة، وهي رؤية برّي نفسها التي أبلغها سابقاً إلى الوزير صالح الغريب الذي زاره قبل أيّام في عين التينة.

ومن هذا القبيل، تركَ المشتغلون على الخطِ الرّئيس برّي يُتمّم واجبات وساطته، علّها تُخفّف من التشنّج القائم وتفتح باب المعالجة في قصر بعبدا.

لكن يبدو، أن درب برّي ذات شوك، بحيث يتبيّن أن ثمّة من لا يريد، أقله في الظاهر، أن تتم «الصلحة» في بعبدا، بل يريدها درزيّة صافية كما بدأت درزية - درزية. وهنا، تخرجُ إلى العلن مبادرة رئيس تيّار التوحيد الوزير السّابق وئام وهّاب، الذي دعا إلى أن تنعقد الصلحة برعاية المشايخ الدروز وحضورهم، وهو ما يناقض مسعى برّي.

خطوة «وهّاب»، تزيدُ من عمق التساؤلات حول الدور الذي يطلع به رئيس «التوحيد» مؤخّراً، بحيث ظهرَ في أكثر من مناسبة، متمايزاً عن مواقف حلفائه، معطياً لنفسه موقعاً ليس رمادي، لكنّه مختلف، كإقدامه مثلاً على الدفاعِ عن دور الجيش وضُبّاط الجيش ساعة كان النّائب طلال أرسلان يشيرُ بإتهامات إلى بعضهم، ثم الدّعوة إلى صلحة بين المختلفين الثلاث، ويسجّل أنه كان أوّل من شهر سيفها.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة