"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
ما زالت تفاصيل محاولة دخول العميل الاسرائيلي عامر الياس الفاخوري غير معلومة.
الثابت، أنّ قائد سرية الحماية السابق في معتقل الخيام، حاول دخول مطار بيروت الدولي بجواز سفره الأميركي، فوقعَ في قبضة الأمن العام.
لغاية الساعة، البحث جارٍ عن مقدار حصوله على مساعدة من الداخل، بالاضافة إلى المهمة التي حضرَ من أجلها.
كثرٌ يشبِّهون عملية توقيف العميل الإسرائيلي بواقعة أسر المقاومة لضابط في الموساد يدعى "ألحنان تننباوم" فجر الخامس عشر من شهر تشرين الأول من العام 2000.
بصرف النظر عن الاختلافات الجوهرية بين تنفيذ عملية امنية مخطط ومجهز لها بإمتياز تمكنت المقاومة فيها من إستدراج ضابط صهيوني كبير الى داخل لبنان ثم أسره وبين محاولة دخول عميل سابق لبنان وتوقيفه.. يبدو أن القاسم المشترك بين الواقعتين هو المطار.
قبل 19 عاماً، أي عام 2000 وعقب أشهر قليلة على اندحار جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، تمكن حزب الله ومن خلال عملية امنية حساسة، من استدراج عقيد احتياط في سلاح الجو و"مستشار" في شركتين تعدان من كبريات شركات التجهيزات الالكترونية والتسلح الإسرائيلية وأسره داخل لبنان والإبقاء عليه فترة من الزمن ثم استخدامه لاحقاً في عملية تبادل اسرى مع إسرائيل.
مثل العقيد "ألحنان" يومها اخفاقاً امنياً اسرائيلياً ونجاحًا باهراً للمقاومة ترجمته كأداة من أجل الايفاء بوعودها في مسألة تحرير الاسرى من سجون العدو، فهل يتكرر المشهد اليوم من بوابة جزّار معتقل الخيام ولو بطريقة مختلفة؟
هناك اعتقاد لبناني راسخ يقف خلفه أكثر من مرجع، يدور حول ان توقيف العميل المذكور لا يمكن جعله مسألة هامشية لا يجب على لبنان تجاهل التدقيق والتحقيق فيها أو استثمارها كأداة استراتيجية تفيد في مسائل حيوية يحتاجها لبنان اليوم.
بل أن جزءاً يصنف ضمن دائرة المخضرمين، يعتقد بناءً على طريقة رد فعل العميل الفاخوري وتعاطيه في المسألة داخل المطار، انه قد يكون حضر إلى "بلاد الارز" أكثر من مرة في السابق، وهذه بحد ذاتها موضع تدقيق!
وقد تكوّن إنطباع لدى هذا الجانب، محوره يدور حول أنّ العميل الفاخوري، لا يمكن اعتبار دخوله إلى لبنان "صدفة" أو منفصل عن واقع سياسي راهن يجتاح لبنان ككل، أو أنه أتى بشكل فردي ومنفصل عن هذا الواقع، بل لربما كانت محاولة الدخول موظفة في خدمة عمل أمني ما أو اقله هدف "غير منظور" ليس بالضرورة أن يكون مرتبطاً بالشوق الى زيارة الوطن الأهل والرفاق!
من هذا المنطلق، يبيح البعض إسقاط نموذج "تننباوم" على العميل الفاخوري، والتعامل معه من المنطلق نفسه، ولما لا، محاولة استثماره في نفس السياق الذي استثمرَ من قبله العقيد الإسرائيلي.
لم يعد سراً، اقله داخل الجانب الأمني - السياسي، أن توقيف الفاخوري حرّك السفارة الاميركية في بيروت. وتبين الوقائع انها تعاطت مع المسألة كما وأن الرجل "مواطن أميركي من الدرجة الأولى".
تحت هذه الحجة، حاولت التدخل لدى الجانب السياسي من أجل الحصول على معلومات حول توقيفه، ولما لا، محاولة مواجهته!
يظن بعض الساسة، أن تحرّك السفارة الاميركية قد لا يكون منطلقًا من أن الفاخوري حائز بركة الجنسية الأميركية. وفي اعتقادها أن التحرك بالشكل الذي اتى به، ينم عن تساؤلات حول درجة الاهتمام العالية التي يحظى بها، وهل هي مرتبطة بعلاقات الفاخوري الأميركية ومع اللوبيات، أم علاقته بالدائرة المقربة من الرئيس الاميركي دونالد ترمب، المكلفة النظر بأمور الشرق الاوسط ومنها لبنان.
إن صح ذلك، فليس على لبنان حرج إستخدام الفاخوري كما جرى استخدام "ألحنان"، أي عرضه على المحكمة العسكرية و نيل جزاءه العادل، ثم توظيفها على خط التبادل مع الدولة التي تسعى الى "اخلاء سبيله"، أي الأميركية، لقاء "تحريرها" معتقلين لبنانيين في سجونها أمثال رجل الأعمال قاسم تاج الدين أو غيره، أو فرض معادلة عليها تجبرها على التوقف عن ملاحقة اللبنانيين واختطافهم وتوقيفهم في الدول الأجنبية.
المعنى، أن توقيف الفاخوري يجب أن يتحوّل إلى "مادة هجومية ذات مخزون استراتيجي" يُستخدم في عملية رد الابتزاز التي تمارسها الإدارة الأميركية، وحماية الأصول اللبنانية من التطاول الأميركي عليها وعلى سيادتها، كما برر ديفيد شينكر لنفسه أن يفعل قبل أيّام!
الثابت الآن، بحسب القضاء، أن العميل الفاخوري اعترفَ أنه غادرَ الأراضي المحتلة عام 1998 نحو الاراضي الأميركية مستخدماً هوية وجواز سفرٍ إسرائيليين.
وبصرف النظر عن احتمال حصول "جزّار الخيام" على جنسية إسرائيلية لقاء أتعابه وخدماته من عدمه، فإن استخدامه وثائق مواطنة تابعة لدولة عدوة يعد جرماً مصنفاً درجة أولى في لبنان، وبالتالي تبيح هذه الجريمة توقيفه حتى ولو كانت عقوبة عمالته قانوناً قد سقطت بمرور الزمن!
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News