المحلية

الثلاثاء 22 تشرين الأول 2019 - 07:51 LD

يهربون إلى قائد الجيش

يهربون إلى قائد الجيش

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

لم يحدث في تاريخ لبنان أن هتفَ الشعبُ بإسم قائدِ الجيش جوزاف عون كما يهتف اليوم. هتافٌ يمكن أن نسمع فيه بحَّتَين من حنجرةٍ شعبيةٍ مصابةٍ بوعكةٍ وطنية: بحّةُ الخيبة من طبقة سياسية صارَت أشبَه بصنجٍ يطنّ ، وبحّةُ رجاءٍ شعبيٍ تمرّد أخيراً على أوجاعه المزمنة.

بلى. نستذكر هتافاً شبيهاً في ثمانينيات القرن الماضي عندما كنا نرزحُ تحت إحتلالٍ ووصاية. احتلالٌ إسرائيليٌ ووصايةٌ سورية. يومَها وتَدنا عميقاً لمن هتفنا له خِيَماً في حديقَةِ القصر واحتضناه بكلِّ جَوارِح أحلامِنا . وَتَدنا له خيماً فَوَتَد له قدماً في الوَطَن .

وفي خضمّ القصف العنيف والمركّز الذي يتعرّض له العهدُ هذه الأيام من مرابضَ سياسيّةٍ منصوبةٍ هنا وهناك، يغيبُ عنّا إنجازُ تعيين قائدٍ للجيش من طراز جوزاف عون. رجلٌ يتقن معالجةَ مصدر النيران الصديقة بالخلّبي وغير الصديقة بالدمدم.

يهرب الثوارُ من قياداتهم القديمة الى قائد الجيش. من ربطات عنق زعمائهم الى بزّته. من لغة السياسيين الخشبية الى معدنه ومن غموضهم الى وضوحه. يكفي أن يصرخَ متظاهرٌ واحِدٌ من طرابلس أنه في حماية الجيش وقائده حتى يستشعرَ مليونُ ثائرٍ بالأمان في صور وعكار والشوف والبقاع وبيروت. الأمان مع الجيش عابرٌ للمناطق والطوائف.

هناك سحرٌ مصنوعٌ من بخورٍ غريبٍ عجيب يجذبُ الناس الى الجيش. خليطٌ من مسحوق الوفاء وغبار التضحية وبودرة الشرف.
يأتي جوزاف عون من هذا الخليط الساحر.

على تقاطعٍ بين السياسة والطائفة والمذهب والحزب ونزقِ السلطة وكلِّ أثقال النظام اللبناني لمعت نجومُ هذا القائد في ليلٍ دامس.

وسطَ هذه الظلمة الدامسة تشرقُ ثورةٌ شعبيةٌ عارمةٌ تجتاحُ الوَجَع اللبناني المزمن وتعبرُ الطوائف تطالبُ العماد قائد الجيش بأن يجمعَ أجزاءً مكسورة لبلادٍ مقهورة فتحوَّلَ القائدُ بسرعةٍ قياسية من موظّف رفيعِ المستوى الى رمز.

يستعجلُ خصومُه من عدّائي ماراتونات الإستحقاقات الكبرى إلباسَه الحذاء الرياضي الخاص بالرّكض. يصرّ العمادُ على الحذاء العسكري. الى جانبه اليوم أكثر من مليون لبناني يفترشون الثورة. في علم السياسة يتمنى السياسيون ضمّهم الى أحزابهم الصغيرة. في علم الوَطَن يضمهم القائد الى همّ حمايتهم من أهل السياسة ومكائدها.

مليون ثائر في لبنان سيبحث جميع صيارفة العملة السياسية على شرائهم بأسعار زهيدة وبيعهم أسهماً في أرصدة طموحاتهم الصغيرة. مليون ثائر في عرف قائد الجيش هم شعبٌ من الأحلام مهمته ألا يجهضها.

تتجه الثورة الشعبية الى منعطفاتٍ جديدةٍ منها الأمني ومنها التنظيمي ومنها السياسي. ستكون بِحاجةٍ الى إعادة تموضع في نقاط تمركزها. من طريق عام الى ساحة. من أوتستراد دولي الى وسط المدينة. أقل عرضةً وأكثر فاعلية. سيكونُ على الثوار الأبطال أن يكسبوا عطف الناس فيفتحون الطرقات العامة ويصبون ديناميتهم في الساحات العامة. هناك سيكون الجيش وقائده سياجاً حامياً ودرعاً واقياً. قريباً ويكون لها ناطقون رسميون. سيكون هؤلاء حتماً بنك أهداف لذئاب السياسة. هنا أيضاً سيكون الجيش اللبناني في مواجهة الذئاب.

المرحلة تحتاج الى المرقّط الحَكِيْم. قائد قادر على جمع التناقضات كما تجتمع أجزاء المرايا الملونة في موزاييك الكنائس. يجمعها قائد الجيش ويرصفها بتؤدة. كثيرٌ من النور سيدخل عبرها فتنقشعَ الرؤية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة