"ليبانون ديبايت" - رياض طوق
بدأت الصورة في الشارع تتوضّح أكثر فأكثر. فبعد أن تنادى الشعب إلى تظاهرات عفوية في عموم الأراضي اللبنانية من دون أيّ برنامج واضح، ها نحن اليوم أمام احتمالات قد تشكّل خارطة طريق تتوضّح أكثر فأكثر في الأيام القادمة.
فبالرغم من عدم وجود قيادة للحراك الشعبي الواسع، إلا أن الخطوط العريضة للمطالب بدأت بالظهور. الناس يتشاورون في ما بينهم، ليس على المستوى المنظّم، بل عبر نقاشات بين المتظاهرين وعبر صفحات التواصل الإجتماعي. وبدأت المطالب تنتقل من الفم إلى الأذن.
إذاً فالمرحلة الأولى التي اتفق عليها الجميع من دون تنسيق مسبق، هي رفض الورقة المسمّاة الإصلاحية التي تقدم بها رئيس الحكومة سعد الحريري. والمرحلة الثانية كانت الإصرار على البقاء في الشارع. أما المرحلة الثالثة التي دخلنا فيها اليوم، فهي بروز المطلب الأساسيّ وهو استقالة الحكومة، حيث يبدو أنه المطلب الآني الأكثر شعبيةً بين المتظاهرين، وتشكيل حكومة جديدة من المستقلين غير التابعين لأي من الأحزاب.
في موازاة ذلك، كان هناك طرح تحاول السلطة تمريره، وهو إجراء تعديل وزاري يطال بعض الأسماء المستفزّة للمتظاهرين، لكنه ما لبث أن سقط تحت وطأة هتافاتهم والتي طالت الحكومة مجتمعة.
وفي الساعات المنصرمة، ظهرت فكرة جديدة وحاول بعض المقرّبين من بيت الوسط تمريرها إلى المتظاهرين عبر قنوات تواصل مع بعض المشاركين في التظاهرات. تقوم هذه الفكرة على تبديل جميع الوزراء الحاليين بوزراء مستقلين برئاسة سعد الحريري، تحت حجّة أن استقالة الحكومة مع رئيسها ستشكّل عائقاً أمام المطالبين بحكومة جديدة مستقلة، لأن هذا الأمر يحتاج إلى استشارات نيابية لكتل نيابية تدور كلها في فلك السلطة الحالية.
إلا ان هذا الطرح لم يلقَ آذاناً صاغية لدى أحد. فالمطلب واضح، وهو التغيير الكامل لوجوه السلطة التنفيذية مع رفض عودة أي منها في المرحلة المقبلة.
القرار الشعبي اتخذ بالبقاء في الشارع، والهدف منه الضغط على السلطة بما يسمّى الإزعاج المدروس، لا سيما مع ارتفاع معنويات المتظاهرين الذين يعتبرون أن تصعيدهم بات يؤثّر على قرارات السلطة، وآخر فصولها هو تراجع وزير التربية ورئيس الجامعة اللبنانية عن قراريهما بفتح المدارس والجامعات. ففور الإعلان عن مباشرة الدروس تحرّكت مجموعات طلابية في الجامعة الأميركية والجامعة اللبنانية بكل فروعها حيث دعت للتظاهر أمام الكليات وتعطيل الدروس.
ملاحظة جديدة سجّلت في اليوم السادس من التظاهرات، وهي الإرتياح العارم لدى الجميع بعد قرار قيادة الجيش بالتصدّي للمخلّين بالأمن. فالمشاهد التي انتشرت لعناصر من الجيش تقوم بإلقاء القبض على الذين حاولوا اختراق التظاهرات بدراجاتهم النارية، تركت انطباعاً بأن الجيش منحاز فقط لسلامة المواطن أيّاً كان موقعه. دور الجيش هذا أظهر أهميته على أكثر من مستوى، وقد ترك انطباعاً بأنّ الدولة انهارت بنظر مواطنيها كمنظومة سياسية حاكمة لا كمؤسسات شرعية.
إلا أن هذا الأمر، لا ينفي أن السلطة قد تلجأ إلى لعبة الشارع المضادّ مجدداً، وتحاول وضع المواطنين في مواجهة بعضهم البعض لإيجاد المبرّرالكافي لقمع التظاهرات وإخلاء الساحات تحت حجّة حفظ الأمن. وهذا ما ألمح اليه الأمين العام ل"حزب الله" في اليوم الثالث للتظاهرات، عندما لوّح بامكانية النزول إلى الشارع، ومثله فعل اليوم "التيار الوطني الحرّ" عبر الحديث عن تحرّكات شعبية مضادّة قد يلجأ إلى تنظيمها. إلا أن أي تحرّك شعبي ل"التيار الوطني الحرّ" من دون حليفه الأساسي "حزب الله"، يبقى دون الجديّة الكافية لخلق توتّر أمني في البلاد، وهنا تطرح علامات استفهام جديدة حول موقف "حزب الله" في الساعات والأيام القادمة.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News