المحلية

الثلاثاء 25 شباط 2020 - 17:29

رياض سلامة رئيس جمهوريّة الليرة

رياض سلامة رئيس جمهوريّة الليرة

"ليبانون ديبايت" - روني ألفا

بالكاد أعرف حاكم مصرف لبنان. ألقيتُ كلمة ترحيب به عندما احتفلت ليبان بوست بإصدار طابع خاص يحمل رسمه منذ سنَتَين. رجلٌ يسجَّل له حماية الليرة على مدى ربع قرن. ربع قرن مدجّج بالعقبات حمى فيها سلامة النقد الوطني. لا بدّ من الإعتراف وسط الغرافيتي المسيء على جدران المركزي بتوقيع الأوباش أن حاكم المصرف المركزي كان رئيس جمهورية الليرة. ذنب الرَّجُل إنه وثق بالدولة. كان يظن أنَّ الدولة لا تشبه ساسَتَها. اتضّح أن ساستها شيطنوها. صارت الدولة بيتاً للّصوص. هذا كل ما في الأمر. عندما انكشف اللصوص ارتدّوا على الحاكم. لدينا أفضل حكام المصارف المركزية في العالم. تتمّ محاكمته ممن جدّدوا له. الحملة عليه تدخل ضمن تجديد كهولتهم السياسية.

عندما كان السياسيون يستجدون الحاكم لتمويل مهرجاناتهم السياحية كان الحاكم منزّهاً عن كل خطيئة أصلية. عندما حان موعد وفائهم طعنوه. حلّ مصرف لبنان مكان سياسة الدولة السكنية. سرق السياسيون أموال صغار المقترضين. عمّروا قصورهم على حساب البيوت الصغيرة. بيوت اللبنانيين الذين لم يحلموا سوى بسقف يحمي رؤوسهم. عندما هندسَ حصصهم في المصارف قدّسوه. وقت الحساب تخلّوا عنه. ماذا لو يكشف الحاكم ما جنته أيديهم. سيكون رياض سلامه قائد ثورة ومُلهِم حِراك وساكِن أهم خيمة في ساحة الشهداء. طبقة سياسية متخمة بالفساد تجرّ معها من تسوّل من العالم لينقذ بلده. بصمت يواجه الحاكم أحقر حملة تُشَنُّ عليه.

المضحك المبكي. سلطة جدّدت لسلامة تتظاهر اليوم ضدّه. ليسقط حكم المصارف. معه ليسقط حكمهم أيضاً. ما زال سلامه يدير أزمة وجوديّة بوسائل مبتكرة. يقف جنديّاً وحيداً على جبهة فيه طعن في الظهر أكثر مما فيها رماية في الصّدر. معه المصارف التي موّلت على مدى ستين سنة أحلام اللبنانيين. موّلت شراء بيوتهم وأعمالهم. موّلت حتّى بوتوكس زوجات السياسيين. مئات المؤسسات الصغيرة عاشت على حساب مصرف لبنان. وظّفت آلاف الموظّفين عندما كان السياسيون يعيشون على الصفقات وعلى التحايل على إدارة المناقصات. تسعون بالمئة من المقاهي التي يتسكع فيها السياسيون اليوم من تمويل المصارف. فيها يكيلون الشتائم لمن عمل بصمت ومن دون بروباغاندا.

نحن أيضاً اللبنانيين البسطاء شركاء في هذه المهزلة. غلَبَنا الدولار. لم نرَ سوى التقنين بالكاش. عندما نحصل على النقد النادر نذهب إلى أقرب صرّاف من فرع مصرفنا ونبيع الدولار مقابل حفنة من الليرات. لو صرفنا الدولار في مشترياتنا اليومية لكنّا أفضل حالاً. نحن شركاء في تهريب الدولار خارج الحدود. مثلنا مثل السياسيين نجهز على المصارف. تعلّمنا من أساتذتنا زعماء الطوائف الذين تصرّفوا وكأن الخزينة العامة خزنة خاصّة. هذا كل ما في الأمر.

عودوا إلى التوظيف العشوائي وسلسلة الرتب والرواتب. كانت ضمن الحملات الإنتخابية. بدل الإهتمام بالقطاعات المنتجة انكبّت الحكومات المتعاقبة على تعزيز سيطرتها على مقاليد السلطة. كل هذا يُترجَم اليوم حملة شعواء على المصارف. يتحدّثون عن فقدان الثقة بالقطاع المصرفي. فرّاعات وبنزين وأسلحة فردية بات يدخل الزبائن إلى المصارف مزوّدين بها. الأجدى أن يتسلّحوا بها أمام بيوت الفاسدين الحقيقيين.

لا مؤامرة خارجية ولا تبعات صفقة قرن. قرون ناطحة داخلية أمعنت فساداً تعمل اليوم بعناية على تحوير الأنظار عن فسادها. تحويل الغضب على المصارف لصرف الأنظار عن كبار الفاسدين. رئيس جمهورية الليرة مدعو للخروج عن صمته الموجِع. علّ الإفصاح عن السرطان المتفشّي يسهم في إيجاد العلاج الناجع. أفصِح إيها الحاكم. بحملِكُم على الخروج من مكتَبِكُم يتخلّصون من حقائق لن يكون للإفصاح عنها بعد خروجكم قوّة التهمة الدامغة. السياسة أفسدت الإقتصاد والنقد. الأموال المفقودة موجودة في خزنات خاصة. هناك يجب أن تُرسَم الغرافيتي. هناك فقط.!

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة