المحلية

السبت 04 نيسان 2020 - 01:30

حسان دياب: Take it or Leave it!

حسان دياب: Take it or Leave it!

"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل

لم تعد القصّة مجرد حَرَد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على الإطاحة بالدفعة الأولى من رجالاته في "الامبراطورية المالية" النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري ورئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود. الحريري وُعِد، وفق المعطيات، بأن لا يمسّ بالرجلين في التعيينات من ضمن رزمة وعود الطمأنة على "رصيده" المتبقي في الإدارات قبيل مغادرته السرايا الحكومية. كانت المقاربة واضحة من جانب الجِهة التي حَمَلت له "الديل": بعاصيري وحمود باقيان طالما رياض سلامة في مكتبه في الحمرا. موقع "الحاكم" لم يمسّ، أما وديعة الحريري فـ "طايرة طايرة" عاجلًا أم آجلًا!

ليست القصة أيضًا غضب سليمان فرنجية على جبران باسيل "الذي لا يشبع". ولا مسألة التماهي بين بنشعي وعين التينة في خوض جولةٍ جديدةٍ من الكباش مع "جبران" ومحاولة تأديب "العنيد" حسان دياب الذي لا يشبه بشيء كمشة العجين، من رؤساء حكومات ووزراء ونواب وسياسيين وموظفين، التي تسلّى رئيس مجلس النواب طوال عقودٍ في تطويعها وفق ما تقتضي مصلحة البلد... ومصلحته.

في كل ما شهدته حكومة حسان دياب منذ عقد أولى جلساتها في 22 كانون الثاني الماضي وإعلان دكتور الجامعة أنها "حكومة إنقاذ وطني في أصعب وأخطر مرحلة في تاريخ لبنان وليس حكومة طرف أو فريق"، لَعب رئيس الحكومة القادم من تجربة وزارية متواضعة جدًا مع من أتوا به الى السرايا على قاعدة "انا هيك". Take it or leave it. خضع الطرفان. رعاة الحكومة بالإتيان بوزراء "من يَمّهم" ويأتمرون بتعليماتهم لكن من خارج النادي التقليدي في التوزير، ودياب بتصديق الكذبة أنها حكومة تكنوقراط. وها هم الرعاة لا يكذبون خبرًا، فيأمرون "ممثليهم" في الحكومة إما بسحب مشروع، أو بمقاطعة جلسة مجلس الوزراء، أو التهديد بالاستقالة.

مع ذلك، ورغم الإحراج المتكرّر الذي يتعرّض له رئيس الحكومة بسقوط أقنعة "المستقلين" عن بعض الوزراء إلا أن دياب يخوض معركة هي الأصعب على الإطلاق لرئيس حكومة بعد الطائف: ترسيم الحدود مع السياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية ومنطق المحاصصة والتنفيعات التي انتهجتها الحكومات على مدى عقودٍ. حتى على مدى ولايتين للحريري، تحت جناح "العهد القوي" الإصلاحي، أقرّت تعيينات تكاد تكون طبق الأصل عن حكومات المحاصصة السابقة. وكان فيها جبران الذي يفرض أزلامه في الادارات من دون أن يقبل المساءلة. فوَجَد وزير الخارجية السابق من يناقشه اليوم في أهلية من يختاره في التعيينات المالية وما سَيليها. وبالمقابل، وُجِد أيضًا من يتّهم دياب بإجراء مقايضة: سدّ بسري مقابل سحب التعيينات!!

في أحرَج أيام التفاوض على تأليف الحكومة لم "ينهزّ" الرئيس المكلّف ولم يخطر الاعتذار على باله. لكن سلسلة التراكمات التي بلغت ذروتها في التعاطي الفوقي للرئيس بري في ملفيّ الكابيتال كونترول والمغتربين وصولًا الى فضيحة التعيينات على طريقة "غازي كنعان ستايل" دفعت دياب الى قلب الطاولة.

مصادر رئاسة الحكومة تؤكد في هذا السياق "لم ولن نكون جزءًا من أي عملية محاصصة لا في هذه التعيينات ولا غيرها، وقرارنا من الأساس كَسر الجرّة مع الممارسات السابقة"، في تلميحٍ الى نفي كل ما سيق، ومن ضمن ذلك موقف فرنجية، عن سَير دياب بداية بمشروع المحاصصة، ثم تراجعه عنه!!

وتشير المصادر الى أنه "تمّ تأجيل البند ليس للمعالجة السياسية بل ريثما يحصل التوافق داخل مجلس الوزراء على آلية جديدة سيخضع لها منذ الآن وصاعدًا كافة الموظفين. مع العلم أن الآلية التي أقرّت عام 2010 غير إلزامية، وبالتالي التعيين من خارجها كما كان يحصل سابقًا لا يشكّل مخالفة للقانون، ونحن نحتاج الى آلية تلزم الجميع".

وتوضح المصادر "لقد شكّلت بالأساس لجنة لإعادة درس آلية التعيينات، وهناك مشروع قانون قيد الدرس سيتضمّن تقليص عدد نواب الحاكم ربما الى نائب فقط أو نائبين"، مؤكدة أن "رواتب بعض الموظفين هي خيالية وبالتأكيد سيصار الى تقليصها من ضمن سياسة وقف الهدر".

قبيل جلسة مجلس الوزراء الأخيرة أكد دياب لرئيس الجمهورية خلال لقائه معه رفضه اللائحة "المُنزَلة"، مؤكدًا "أنا ما بمشي فيها"، ومقترحًا سحب بند التعيينات.

أكثر من ذلك، كرّر دياب على مسامع رئيس الجمهورية ميشال عون ما سبق أن أبلغه لعين التينة، في ذروة الخلاف حول إعادة المغتربين، "الحكومة بكل طاقمها لديها طريقة عمل تتوخى إصلاح ما أفسدته الممارسات السابقة، ولن أكون بشكلٍ من الأشكال إمتدادًا لهذه الممارسات. وإذا كان ثمّة من يرفع السقف مهددًا بالاستقالة، فلا مانع لديّ من أن أقدّم استقالتي إذا لم يكن هناك رغبة بأن تستمرَّ الحكومة في أداء المهمّة التي أتت من أجلها".

وفق أوساط مطلعة، شكّل نموذج التعيينات في الجلسة الأخيرة فضيحة بامتياز لـ٣ أسباب: المحاصصة الفاقعة، مرشّحون اصحاب كفاءة في اختصاصهم لكن ليس للمواقع المرشّحين لأجلها، وهناك عيّنة لا تصلح إطلاقًا لأي موقع مقترح". وتعترف الاوساط قائلة "في الحقيقة يمكن الجزم أن كافة الأسماء التي طرحت في سلّة التعيينات "مش شغلتها"!

وفيما تشير الأوساط الى أن "سحب بند التعيينات مهما كانت خلفيته بدا كشراء وقت للحكومة أو نزع فتيل لغم لا شيء يضمن عدم إنفجاره مجددًا"، توضح قائلة "لا يكفي رئيس الحكومة أن يقول أن هناك مرحلة حسّاسة ودقيقة تتضمّن إعادة هيكلة الدين العام وهيكلية القطاع المصرفي وإعادة هيكلة مصرف لبنان ما يفرض تعيين أشخاص لديهم المعرفة والخبرة المالية، بل يجب أيضًا تحديد عناوين خطة الحكومة وتوجهاتها ومن ثم تعيين فريق العمل في الهيئات واللجان المالية لمواكبة عملية التنفيذ، خصوصًا في ظلّ توجه جدّي نحو حصول تدقيق مالي ومحاسبي في مصرف لبنان".

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة