"ليبانون ديبايت"- ملاك عقيل
قاطَعَ رئيس كتلة المستقبل النيابية سعد الحريري الجلسة التشريعية الأولى في الأونيسكو. لا يبدو ان "الشيخ" في وارد تغيير رأيه في حضور جلسات يجلس خلالها على مقاعد النواب وجهًا لوجه مع حكومة حسان دياب. لكن "عن بُعد" أدارَ الحريري معركة إقرار قانون العفو العام الذي يبدو أنه خَسر الجولة الأولى فيها حيث ظَهر توجّه تبلورت معالمه بشكل أوضح عشية الجلسة وعكسته القوى السياسية المسيحية التي رفضت لبّ المشروع الذي تقدّمت به النائب بهية الحريري: لا تخفيض عقوبات يستفيد منه الموقوفون الإسلاميون!
وفي تغريدته بعيد إنطلاق الجلسة التشريعية عَكس الحريري جوهر الخلاف مع الفريق المعارض لتوجّه كتلته: "منذ اللحظة الاولى كنا واضحين بإصدار قانون عفو يستثني كل من على يده دماء. أما وقوف البعض ضده اليوم طمعًا بتطييف المسألة أو ظنًا أنه سيستعيد شعبية خسِرها في طائفته وجميع الطوائف فهو موقف غير أخلاقي وغير إنساني، وسيرتدّ على أصحابه".
همروجة السجال حول العفو العام يوم أمس انتهت بتأليف لجنة مُصغرة للجَمع بين اقتراحات القوانين التي توخّت جميعها تخفيف الاكتظاظ في السجون وتسجيل نقاط في رصيد كل كتلة سياسية مع وضع خطوط حمر حول غير المشمولين بالعفو. أدى ذلك الى ارتفاع المتاريس السياسية مجددًا وتكريس التباعد بين الحريري و"القوات" والعونيين.
في الجلسة عُرض اقتراحان للعفو العام الأول مقدّم من النائبين ياسين جابر وميشال موسى، وهو يستند بشكل أساس الى مسودة اللجنة الوزارية التي كانت مكلّفة إعداد الاقتراح قبل استقالة حكومة الحريري.
والثاني مقدّم من النائب بهية الحريري ويقع في شقين. الفقرة الأولى منه تحدّد الجرائم المشمولة بالعفو. وفي الفقرة الثانية الجرائم المستثناة من العفو، ومنها الجرائم الواقعة على أمن الدولة والجرائم الارهابية وقتل العسكريين والجرائم المُحالة على المجلس العدلي، وجرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والمتعلقة بالآثار، وجرائم التعدّي على الأموال والأملاك العمومية أو الأملاك الخصوصية العائدة للدولة أو البلديات، وعلى أموال المؤسّسات العامة وأملاكها، وتلك المتعلقة بقانون الجمارك وقوانين البناء وقانون إحتكار التبغ و التنباك، وقانون النقد والتسليف و المؤسّسات المالية والصيرفة وسائر القوانين و الأنظمة المتعلقة بالمصارف، قانون الضمان الإجتماعي، قانون الإثراء غير المشروع....
ويبدو أن الفقرة التاسعة التي تضمّنها اقتراح القانون هي التي أثارت سجالًا واسعًا وجاء فيها "تخفّض العقوبات في سائر الجرائم المرتكبة قبل تاريخ نفاذ هذا القانون الداخلة في اختصاص المحاكم العادية او الإستثنائية، والتي لم يشملها العفو، وفق الآتي:
- تستبدل عقوبة الإعدام بالأشغال الشاقة لمدّة عشرين سنة.
- تستبدل الأشغال الشاقة المؤبّدة بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشرة سنة.
- تخفّض العقوبات الجنائية والجنحية الأخرى بمقدار الثلثين على أن لا يشمل التخفيض الغرامات.
وبمقياس معدّي القانون فإن الاقتراح بالتخفيض طال جميع الجرائم المرتبطة بالجرائم المستثناة من العفو.
وعشية الجلسة أجرى أحد نواب تيار المستقبل اتصالات مع كافة القوى السياسة حول الاقتراح، خصوصًا في ما يتعلّق بالتخفيض. فسجّلت "القوات" و"التيار الوطني الحر" تحفظهما، على اعتبار أن هذا التخفيض من شأنه أن يمنح حكمًا تخفيفًا للمحكومين والملاحقين بتهم إرهابية تطال أمن الدولة والجيش، وهي الشريحة التي تطال الموقوفين الاسلاميين.
وتفيد مصادر نيابية أن المداولات التي سبقت جلسة أمس شهِدت اقتراحًا من الطرفين العوني والقواتي بأن يٌستثنى من التخفيض الذي أشار اليه اقتراح القانون جميع الموقوفين المُدانين بجرائم إرهابية وقتل عسكر.
وكانت النائب الحريري معدّة الاقتراح قد تواصلت مع قوى سياسية بالمباشر وغير المباشر قبل تقديم اقتراح القانون. وقد ظهرت موافقة قواتية ضمنية على مضمونه، لكن "القوات" ما لبثت ان انقلبت على موقفها، ما ذكّر البعض بواقعة إبلاغ "القوات" قبل ساعات من تسمية رئيس الحكومة بتمّنعها عن تسمية الحريري رئيسًا للحكومة.
وقد طلب النائب بيار بو عاصي صراحة إعادة درسه في اللجان. أما النائب جورج عدوان فقد اعتبر "القوات" غير معنية بتغريدة الرئيس الحريري، مؤكّدا "أن موقف القوات واضح وهو إقرار قانون عفو يكون مدروسًا ويراعي الاستثناءات المطلوبة التي تمسّ السلم الأهلي والاجتماعي، ويكون هناك حدود واضحة في ما يتعلق بجرائم تجارة المخدرات". كما أشار النائب سامي الجميل الى استثناءات عدّة في القانون تطال حتى من اعتدى على الجيش والجرائم الخطيرة، فيما رفض النائب نديم الجميل "قوانين العفو الشاملة والتي لا تخضع للدرس المعمّق منعًا للثغرات".
أما المعارضة الأكبر فظهرت لدى نواب التيار الوطني الحر المعارض لأي نوع من الاستثناءات التي قد تشمل الملاحقين بجرائم إرهابية، ويصدف في هذه الحال أنها تنحصر بما اصطلح على تسميته بالموقوفين الاسلاميين.
وقد اضطر حزب الله، بعد تغريدة الحريري، الى إصدار توضيح عبّر عنه النائب ابراهيم الموسوي في حديث تلفزيوني أكد فيه ردًا على ما أشيع حول موقف الحزب "بأننا نؤيّد صدور قانون العفو وساهمت كتلتنا في إقراره، ونريد ان نسهم في إطلاق سراح العدد الأكبر من الموجودين في السجون في ظل كورونا". يذكر أن كتلة الرئيس بري شكّلت لينك التواصل في هذا الملف بين "المستقبل" وحزب الله.
وتؤكّد مصادر مطلعة ان الحريري يرفض بشكل تام النقاش في إلغاء بند تخفيض العقوبة في ما يتعلّق بالجرائم المستثناة من قانون العفو العام.
وتلفت المصادر نفسها الى "أن اللجنة الوزارية التي عقدت آخر اجتماعاتها قبل يوم واحد من استقالة الحريري كانت تضمّ كل الأطياف السياسية، وقد نوقش مبدأ تخفيض العقوبة وما إذا يجب أن يصل الى النصف أو الثلث. والاقتراح المقدّم من قبل نائبي "حركة أمل" يشير الى هذا البند بوضوح".
ويقول مؤيّدو التخفيض "أن هناك بيئة متحفّظة على عمل المحكمة العسكرية وأحكامها، وقد حاول الرئيس الحريري التفتيش عن الطريق القانوني الذي يمكن أن يُصلح بعض الشوائب في عمل المحكمة العسكرية والتي اعترت بعض الملاحقات".
يذكر أنه خلال جلسة يوم أمس تمّ تقديم اقتراحي قانون من جانب النائبين نقولا نحاس وميشال معوض.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News