"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني
مُنذ شهرٍ ونيّف تقريباً، اتّهمت الهيئةُ الناظمة للاتصالات والبريد التابعة لوزارة الاتصالات السوريّة، شركتَي الإتصالات "Syriatel" و"mtn" بعدم دفع الضرائب للحكومة، والتي تبلغُ نحو 233.8 مليار ليرة سوريّة.
اليوم، وبعد عمليّة أخذٍ وردّ بين الحكومة السوريّة وصاحب الشركتَيْن رجل الأعمال رامي مخلوف (ابن خال الرئيس السوري) الذي يَتظلّم من التهديدات الحكوميّة التي تتوعّده بإتخاذ كافة الإجراءات لاسترداد الأموال المتوجبة عليه، قرّر الأخير اللجوء إلى صفحته على موقع "فيسبوك"، لوضع الرأي العام أمام ما يجري من ملاحقاتٍ واعتقالاتٍ بحقِّ موظفينه، مٌبدياً استعداده لدفع كافة المتأخرات المتوجّبة على الشركتَيْن، وذلك ضمن آلية قال أنه سبق أن تمّ الإتفاق عليها مع الجهات المُختصّة.
يبدو أنّ الخلافَ بين الرئيس السوري بشّار الأسد ومعه زوجته السيّدة أسماء الأخرس الأسد وبين إبن خاله رجل الأعمال رامي مخلوف، بدأ يكبر ويأخذ أشكالاً تُنذر بتدحرج رؤوس كانت حتّى الأمس، أبرز ركائز دعم الإقتصاد السوري وحجر الأساس في بقائه على قيد الحياة، ولو داخل غرفة العناية الفائقة، خصوصاً وأن مخلوف الذي يمتلك مُعظم الشركات السوريّة الكبرى، كان حتّى سنوات غير بعيدة، يُسيطر على أكثر من ستين في المئة من الاقتصاد السوري، ولذلك يرى البعض أنّ الحملة ضده تهدف بالدرجة الأولى إلى سحب البساط الإقتصادي من تحت قدمَيه وجعله كبش محرقة في حملة التطهير المطلوبة من الأسد.
اليوم، وعلى الرغم من أن مخلوف لم يأتِ حتّى الساعة على ذكر إسم الأسد في كافة الإطلالات التي قام بها مؤخراً، مُكتفياً بالتلميحات والتهديدات المُبطّنة، إلّا أن مصادر سوريّة مطّلعة كشفت لـ"ليبانون ديبايت" أن إبن خال الأسد، يرتكز على "بنك" معلومات يُمكن أن يؤدي الكشف عنها، إلى افتضاح الكثير من الأمور المتعلقة بعمليات تهريب أموال وحسابات مصرفيّة، تعود للرئيس السوري نفسه.
وتشير المصادر إلى أن خلافات مخلوف اليوم، هي ليست مع الرئيس السوري ولا مع الحكومة السوريّة، بقدر ما هي خلافات مع السيدة الأولى، فهذه الأخيرة قرّرت في الفترة الأخيرة وبشكل مُفاجئ، الإشراف بشكل كُلّي على قطاع الإقتصاد في سوريا من بوّابة جمعيّة "البستان الخيريّة" التي يدعمها مخلوف والتي تُعنى بدعم جرحى الجيش السوري، وهي التي وجدت في هذا "القطاع"، منفعةً لتوسيع نفوذها من باب حشد التأييد الشعبي والسياسي، وأيضاً بهدفِ تلميعِ صورتها بعد فضيحة شرائها لوحة فنيّة بقيمة 23.1 مليون جنيه إسترليني، في وقتٍ لا يجد أكثر من سبعين في المئة من الشعب السوري قوتَ يومه.
وتكشف المصادر أن مخلوف حاول منذ فترة وجيزة التوسط لدى شخصيّة حزبيّة لبنانية فاعلة من أجل إيجاد حلٍ منصفٍ لقضيّته مع وعود بتقديم دعم مالي كبير للحزب الذي ترأسه الشخصيّة، إلّا أن هذه الأخيرة قرّرت عدم الدخول في سجالات شخصيّة بحتة، لكن مع طلب منها بتسوية الأمور بشكل عقلاني والإبتعاد عن لغة التخاطب العشوائي والإتهامات، لما لهذا الأمر من عوامل سلبيّة على الدولة السوريّة واقتصادها بالدرجة الأولى.
من نافلِ القول، أنّ زمن تصفية الحسابات داخل "البيت السوري" الحاكم سياسيّاً واقتصاديّاً قد بدأ، وقد بدأت معه عملية التجريد من الصلاحيّات التي كانت تُتيح للبعض التحكّم بمفاصل الدولة السوريّة، لكن السؤال هنا، هل ما يجري من خلافات بين زوجة الرئيس السوري وإبن خاله، يندرج ضمن الحسابات الشخصيّة، أم انه معطوف على مصالح شخصيّة ولا شأن له بالوضع الإقتصادي في البلد ولا بمصالح الشعب السوري؟.
ردّاً على هذا السؤال، تُشير المصادرُ نفسها إلى أن انعدام الثقة بين أسماء الأسد ورامي مخلوف في الفترة الأخيرة تعود لأسباب ماديّة تُقدر قيمتها بملايين الدولارات، تحوّل إلى عداء شخصّي لم يؤدِ حتّى الساعة إلى وقوف الرئيس السوري طرفاً مع أي جهة في العَلن، رغم أنّه داعم أساسي لزوجته ولو مواربة عن طريق القضاء، علماً أن هذا الأخير يخضع لقرارات الأسد بشكلٍ كامل.
من المعروف أنّ صحيفة التايمز البريطانية، قد أعلنت في وقتٍ سابقٍ أنّ سببَ الخلافِ بين الأسد ومخلوف هو رفضُ الأخير سَداد ديون الحرب الأهلية في سوريا، وأن الأسد يحاول استخدام أموال مخلوف لتمويل مسلحين للقتالِ معه في محاولات بسطِ السيطرة على كافة المدن والبلدات السورية.
هذا الأمر يؤكّدُه مرجعٌ سياسي لبناني ويضعه في خانة "الجزم"، لكنّه في المقابل، يرى أنّ ثمّة وعودٍ دوليّة للرئيس السوري بشّار الأسد، تُتيح له البقاء في منصبه لفترة إضافيّة، لكن شرط التخلّص من بعض رموز الفساد، ويبدو أن ورقة مخلوف وهو أحد أكبر رموز الفساد وداعمي النظام من مال الشعب السوري، قد شارفت على الإنتهاء وبالتالي تحوّل إلى ضحيّة. واللافت هنا، أن النظام "الأسدي" قد اختار هذا الشهر تحديداً، لإطلاق حملة "الأضحيات"...
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News