المحلية

الأحد 24 أيار 2020 - 18:43

المشنوق: الشرعية السنية تأتي بالإنتخاب

المشنوق: الشرعية السنية تأتي بالإنتخاب

"ليبانون ديبايت" - أحمد الأيوبي

أعرب أحد رؤساء الحكومات السابقين من خارج بيروت عن إعجابه الواضح بما قدّمه النائب نهاد المشنوق في مؤتمره الصحافيّ الذي عقده في مجلس النوّاب، معتبراً أنّه حان الوقت لكي يسمع هذا العهدُ ما يجب أن يسمعه من الجميع، حتى يستقيم شأنُ التوازن السياسي في البلد، معرباً عن تقديره للمقاربة التي طرحها المشنوق في الشأن السني والوطني على حدٍ سواء، فهي كانت متوازنة وسدّت فراغاً يزداد اتساعاً بعد استباحة حرمة استشهاد رفيق الحريري والإصرار على تحويل قيادات السنّة إلى ملاحقين بملفاتٍ وهمية واهية.

لا يكفّ المشنوق عن إعلان الثوابت ولا يتردّد أمام مراجعة المواقف، وتحديداً من مسألة التسوية التي وافق على فكرتها، لكنه اعترض على إدارتها، لأنه كان يرى، أنه بإدارةٍ متماسكة وبالصلاحيات التي يمتلكها رئيسُ الوزراء، لا يمكن لأيٍّ كان، رئيساً للجمهورية أو لكتلة نيابية أو وزارية، أن يتجاوزه، لكنّ التخلّي الطوعي عن الصلاحيات والموقع، أطاح بكلّ التوازنات، وأدّى الى الخسارة في المعادلتين الداخلية (السنية) والوطنية.

يحتفظ نهاد المشنوق بوفائه لرفيق الحريري. هذا الوفاء الذي دفعه للكثير من الصبر على ما حصل تجاهه من استهدافٍ وتشويهٍ للسمعة ، فضلاً عن رفضه تعريض إرث الشهيد الوطني للتحطيم على أيدي أهل البيت الواحد، ومن خلال محاكمات صورية وهمية يقوم بها متسلّط العهد الأول جبران باسيل، يستهدف بها سعد الحريري وفؤاد السنيورة وبقية القيادات السنية.

أعاد المشنوق ضخّ المعنويات في جمهور رفيق الحريري الذي طالما كان هو الأوسع والأشمل من العمل الحزبيّ الضيق الذي ضاع في دهاليز المغامرات والحسابات القاصرة. فذكّر هذا الجمهور الذي يمتدّ من الناقورة إلى النهر الكبير أنّه لا تنقصهم الشجاعة ولا الكرامة ولا العزّة ولا العددُ ولا المدد ولا كلّ الصفات التي تعطيكم الحقّ في الوقوف سدّاً أمام ما يحدث كلّ يوم منذ 3 سنوات حتى الآن"، فـ"نحن لدينا حالة قهر سياسي نعبّر عنها بكل الوسائل الشرعية والمتاحة". داعياً "جمهور رفيق الحريري إلى أن يعلن المقاومة السياسية" والدفاع عن "حقوقنا بوجه الاعتداءات المتمادية علينا منذ سنوات".

دعا المشنوق إلى عدم الدخول في الخلافات السياسية والأهلية والعائلية معتبراً أنّه لا يمكن لبهاء الحريري أن ينزل بالمظلة إلى عالم السياسة، بدون أن يكون موجوداً في لبنان فيتعرّف على الناس ويدرك مشاكلهم ويتواصل معهم، والأهمّ، أن القيادة لا تنتقل بالإزاحة والانتقام، بل باللجوء إلى الانتخابات التي سبق أن فاز فيها سعد الحريري، وبالتالي فإنّ المسلك للتغيير هو في اكتساب الشرعية التمثيلية في مجلس النواب، ولا طريق غيرها، وهذا هو الطريق لإعادة ترتيب الشرعية السنية، وبهذا المعنى، يسقط الاحتكارُ والآحاديّةُ والتوريث.

قالها المشنوق بوضوح: إنّه من خلال الإحتكام للانتخابات، تصبح وراثةُ الشهيد رفيق الحريري خارجَ التداول، لتحلّ محلّها، الكفاءةُ القياديّة والخِبرة السياسية وما يمكن أن يقدّمه المتصدّون للشأن العام من برامج وإنجازات وقـُدرةٍ على تجاوز الأزمات ومواجهة التحديات، وحفظ الحقوق في المعادلة اللبنانية، وهذا ما تـُحَتّمه مرحلة ما بعد ثورة 17 تشرين وما بعد وباء كورونا ومآلات الحصار على لبنان الرهينة بسلاح "حزب الله".

وبقدر ما كان المشنوق صريحاً في مقاربة حركة بهاء، كان صريحاً أيضاً في تقييم واقع سعد الحريري في السياسة، خاصة بعد تجربة التسوية الرئاسية التي شارك في "العمل عليها" ونتائج سوء تطبيقها، حيث فـَصَلَ بين "بين الحريرية السياسية التي هي ممارسة السياسة اليومية، وبين الحريرية الوطنية التي هي الثوابت" التي ندافع عنها بما هي الاستقلال والسيادة والحرية واعتماد الدستور نصّاً لا حياد عنه في الحياة الوطنية".

لا يملك منتقدو المشنوق القدرة على إنكار أنّه لا يزال رغم كلّ حروب الإلغاء التي تعرّض لها، لاعباً وازناً يحتفظ بتأثيره السياسيّ كقطبٍ سنـّي لا يستطيع أحدٌ تجاهل فصلَ خطابه، خصوماً وحلفاء، أو "أعدقاء"، لأنّ الجميع يدركون بأنّه لا ينطق عن هوىً شخصيّ أو لغاياتٍ ضيّقة ، بل هو يلامس عمق الشأن الوطني ودواخل الجرح السنّي النازف وتأثيره على مسار البلد ومستقبله، ويقول ما يجب أن يُقال في اللحظة الحاسمة.

لهذه الأسباب، فإنّ إطلالة نهاد المشنوق يُحسب لها الحساب، فهي مزدحمة بالحقائق التي تعمل أطرافٌ كثيرة على تغييبها، وزاخرةٌ بالمواقف التي غابت عن دائرة قيادة الرأي العام السنـّي، وهو إذ يُراكم على إحياء فكرة المقاومة السياسية، فإنها ستكتسب أهمية خاصة في هذه المرحلة التي تستوجب إعادة تنظيم الصفوف وتحديد الخصوم وكيفية الخروج من المأزق الوطني الجاثم فوق صدور الشعب والمهدِّد بانفراط الدولة والكيان.

لا يزال صوتُ نهاد المشنوق هادراً يخترق الصمتَ ويزيح العجز، داعياً إلى النفير السياسي العام، معبِّراً عن كلّ الصامتين والمتألّمين من واقع القهر السائد، داعياً إلى كسره لإعادة الحقوق إلى أهلها ولمقارعة عهدٍ يُغرق البلد في الانهيار وسلاحٍ لادور لأصحابه سوى تعطيل العبور إلى المستقبل.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة