المحلية

الثلاثاء 09 حزيران 2020 - 02:01

الحكومةُ مقابل "قيصر"..!

الحكومةُ مقابل "قيصر"!

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

لدى فريق حلفاء حزب الله قراءةٌ واحدةٌ لا غير: طرح قانون "قيصر" من البوابة السورية في هذا الوقت لا غاية منه سوى الانتقامِ من دمشق وحلفائها وإستطراداً حزب الله في بيروت.

التقديرُ نفسه مرتبطٌ بالمسألةِ اللبنانية وقراءة هذا الفريق لإدراج "بنود القانون" على طاولة النقاش المحلي من باب أن لـ"قيصر" تأثيرات ستطالُ الوضع اللبناني برمّته نتيجة اتصاله مع الحالة السورية.

في الشقِ اللبناني، لا يُمكن عزل "طرح قيصر" اليوم عن السياق السياسي العام الذي بدأ منذ مدةٍ يطال حزب الله على وجهٍ خاص. صحيح أن القانون متصلٌ بقضايا محض سورية، لكن تأثيراته لا بدّ أن تبلغَ الحزب بحكم اتصاله وعلاقته وحضوره في سوريا. أضف إلى ذلك أن التمعّن بما سُرب من المندرجات المكتوبة تأخذك حكماً إلى إدراك مدى "تغلغل" الحزب بين خطوط القانون.

ثمّة مسألة أخرى، أن طرح "قيصر" في هذا الوقت تحديداً، ينمّ عن وجود رغبة في كبح اندفاعة لبنان تجاه سوريا بعد أن ارتفعَ منسوبها مؤخراً حين كان في نيته تخفيف تأثيرات أزمة الدولار وتوابعها الاقتصادية عليه. صحيح أن "قيصر" قد ولدَ فعلياً خلال العام الماضي، أي في مستهلِ دخول لبنان أزمته الحالية، لكن الصحيح أيضاً أنه لا يمكن فكّ الاستثمار السلبي بالقانون في الوضع اللبناني الراهن.

من هنا كان تشديدٌ واضحٌ على رفض مناقشة القانون على أي طاولة رسمية لبنانية، سواء مجلس الوزراء أو غيره، وهو ما أبلغه حزب الله إلى كافة المعنيين، ومن الواضح أنه كان ممتعضاً من آداء نائب رئيس الحكومة زينة عكر في هذا الاتجاه كي لا يُستغل الأمر في مراكمة المزيد من الضغط على الحزب عبر إقحام الدولة اللبنانية عنصراً تنفيذياً بقانون صنعته أيادٍ غريبة.

مع ذلك، يُفضّل بعض المُمَثلين داخل مجلس الوزراء "فتح النوافذ" أمام القانون من بوابة مطالعته الهادفة إلى فهمه وفهم كيفية النجاة منه. في الواقعِ أن الهدفَ من ذلك لا يعود إلى محاولة إكتشاف مناعةٍ جزئية بل تقديم "ورقة إعتماد" إلى الاميركي تفيدُ في إعادة التموضع الجارية في مجلس الوزراء.

بصرفِ النظر عن علاقات محور حزب الله بسوريا، لا بدّ من التذكير أن بيروت تتقاسم مع دمشق إتفاقات ثنائية وتفاهمات ذات أبعاد تجارية - إقتصادية، لا يمكن المرور عنها وكأنها غير موجودة، أقلّه في مسألة الكهرباء حيث ما زال لبنان يستدرج الطاقة من سوريا بثمنٍ بخسٍ مقارنة بمصادر أخرى متنوعة مع الاشارة إلى أنه يدفع نقداً وبالليرة اللبنانية لا بالدولار الأميركي، فضلاً عن مصالح إقتصادية - تجارية أخرى.

من هنا، تقومُ المفاضلة على الوضع اللبناني، وكما أن أصحاب نظرية "مناقشة قيصر" يطرحون وجهة نظرهم من خلفيات مصلحية لبنانية، عليهم أيضاً أخذ هذه المصلحة بقالبٍ واحد ومن دون تفرقة أو إبراز مواقف سياسية. وطالما أنهم يعلنون أنهم على تفاهم مع الادارة الاميركية ويتولون تقديم وجهة نظرها، إذاً يمكنهم في نفس الوقت مناقشتها حول مصالح لبنان ومفاوضتها على استثنائه في التعاون مع دمشق في المجالات الحيوية كما توصّل العراق إلى استثناءات في نفس المجال مع إيران، فلا يجوز أخذَ موقع متقدّم للتهجم على دمشق أو اعتباره منطلقاً لتجويع سوريا.

حكومياً، يرصدُ فريق الثامن من آذار وجود "ودائع اميركية" داخل مجلس الوزراء تتكفل بتقديم وجهة نظر واشنطن، وتماماً كما لهذه الاطراف مصالحها، لدى فريق الحليف لسوريا مصالحه أيضاً، ووفق القياس اللبناني طبعاً.

يُدرك هذا الفريق، أن أحد جوانب طرح "قيصر" هدفه إغلاق الطريق على لبنان تجاه سوريا والعكس. المسألة لا تتصل بموضوع التهريب عبر المعابر غير الشرعية طالما أنه يعلم أن ثمّة وجود لمعابر ذات صفة عسكرية مدرجة على لوائح الخطوط الحمر لدى المقاومة يستخدمها حزب الله "على عينك يا تاجر"، أي أن القضية تفوق ذلك بكثير.

من الواضح أن الأميركي يبحث عن تأمين عدة مكاسب بضربة واحدة. قطع التواصل بين لبنان وسوريا ووقف إمدادات حزب الله والبحث عن خطوط دولاراته التي تعبر "بالشنط"، لذلك يُصبح الطرح "القيصري" يمس بدرجة واضحة حزب الله الذي لن يقبل أن يشاهد أمامه تحوّل حكومة حسان دياب "التكنوقراطية" إلى نسخة من حكومات "فؤاد السنيورة 2" وقراراتها المستفزة على وزن 5 أيار.

صحيح أن لا مؤشرات على ذلك الآن فحكومة حسان دياب يأخذها الشق الإقتصادي أكثر من غيره، لكن أحداً لا يستطيع ضمان الأميركيين و "تكتيكاتهم" أو رغباتهم القابلة للتحقّق بمجرد رفع منسوب الضغط.

من هنا، لا يجحد فريق 8 آذار حرجاً في "شل الحكومة" متى وجدَ أنها ستتخذ منصة لتطويق سوريا في ظل علمه أن أي خطوة مماثلة تُعد مقدمة لتطويقه. لذا يبدو انه ثمّة أكثر من رسالة وضعت في صندوق بريد السراي.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة