"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني
بعد حادثتَي الشويفات التي سقط فيها علاء أبو فرج، والبساتين - قبرشمون التي ما زالت ذيولها حاضرة حتّى الآن في نفوس أهل الجبل، كان لا بدّ من إيجاد حلّ ولو مرحلي من اجل تخفيف الإحتقان داخل البيت الدرزي خصوصاً بعد إخفاق مبادرة رئيس الجمهورية ميشال عون في إصلاح ذات البين بين أنصار كل من الحزب "التقدمي الإشتراكي" والحزب "الديمقراطي اللبناني".
اللقاء الذي جمع زعيم الجبل وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان برعاية رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي منذ فترة غير طويلة في عين التينة كانت له تداعيات إيجابية على الجبل ككل وعلى منطقة الشويفات تحديداً وهي التي تُعتبر أرض صراع مُلتهبة بين الخصمين اللدودين "الجنبلاطيين" و"اليزبكيين"، وقد نجح "الأستاذ" بحنكته وتدويره للزوايا، بتهدئة النفوس وتأجيل التأجيج الذي كان مُرتقباً حصوله بين ليلة وأخرى. أمّا السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الملف، هل نجح برّي في إبعاد نار الفتنة عن البيت الدرزي، أم أن مسعاه ينصب فقط في تهدئة المرحلة الحالية!
بين جنبلاط وأرسلان لا أرضيّة ثابتة يُمكن الوقوف عليها أو مُعاهدة يُمكن الوثوق بمقرّراتها بشكل نهائي، وهذا ما يدل عليه الصراع التاريخي الذي يستحكم بالبيتين منذ ما بعد خروجهما منتصرين من معركة "عين دارة" في عام 1711.
من هنا لا يُمكن تحميل لقاء عين التينة أكثر مما يحتمل خصوصاً وأن الإتفاق الذي حصل بحسب مصادر خاصّة، ارتكز على أهميّة التهدئة المرحليّة من دون الدخول في تفاصيل إضافيّة مثل تسليم المتهم بقتل علاء أبو فرج والذي يتهم "الإشتراكي" أرسلان شخصيّاً بتهريبه إلى سوريا وبعدم وجود نيّة لديه بتسليمه إلى القضاء اللبناني، علماً أن هذه الخطوة كفيلة وحدها بحل جزء كبير من الأزمة وهذا ما كان اتفق عليه منذ عام تقريباً عندما وافق "الإشتراكي" تسليم رئيس الجمهورية إسقاط الحق الشخصي عن المتهم الرئيسي أمين السوقي، على أن يسلم الإسقاط إلى القضاء المختص فور تسليم الاخير.
في السياق، تؤكد مصادر مقرّبة من "الإشتراكي" أن موافقة جنبلاط على لقائه أرسلان على الرغم من تنصّل الأخير للعديد من الوعود التي سبق وأطلقها في سبيل حل مسألة الخلافات داخل البيت الواحد وتهدئة الشارع في الجبل، جاءت بناءً على أمرين: الأوّل حرصه على عدم رهان البعض على عودة إشعال الفتنة في الجبل وتحويله إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسيّة.
أمّا الثاني، فهو ينطلق من الصداقة القديمة والعميقة التي تجمعه برئيس المجلس، بالإضافة إلى الحلف المُعمّد بالدم، ولذلك جاءت موافقته من باب دعم المبادرة والتأكيد على دور بري الكبير رغم كل ما يتعرّض له خصوصاً من الذين ما زالون مرتهنين للخارج، وقد رأينا بالأمس القريب دور "الإستزلام" الذي أدّوه خلال تظاهرات السويداء.
المعروف أن للطائفة الدرزيّة في لبنان حسابات خاصّة، فالجميع يخضع عند اشتداد الأزمات لما يصدر عن المشايخ مُجتمعين خصوصاً في زمن السلم الأهلي حيث يُرجّح صوت العقل على صوت البندقيّة. لكن أصعب ما تواجهه هذه الطائفة اليوم، أن جناحيها "الجنبلاطي" و"اليزبكي" متباعدان عن بعضهما، ولكل واحد منهما خيار اقليمي معاد للآخر وتحالفات محلية متنافرة ومسؤولة عن الوضع الذي آلت اليه.
من هنا وجب القول، أنه بقدر ما يعلم أرسلان أن خصمه داخل الطائفة (جنبلاط) ليس باللقمة السائغة والتي لا يُمكن هضمها بسهولة، كذلك بالنسبة إلى جنبلاط العالم بأن اللقاء تحت جناح برّي لن يؤمّن إستمرارية التهدئة لسبب وحيد هو ان قرار إرسلان خارجي وتحديداً بيد النظام السوري، لكنه أراد تفويت الفرصة على بعض المراهنين لجهة شقّ صف البيت الدرزي، إن من خلال إحداث فتن مُتنقّلة في مناطق الجبل، أو من خلال محاولات تهميش جنبلاط سياسيّاً عبر "الثنائيّات" أو "الثلاثيّات"، وآخرها مسألة التعيينات.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News