"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
المُساكنة التي ارتضاها أعضاء اللقاء التشاوري سقفاً لهم بخلاف قوانين الطبيعة، لم تعد القوانين السياسية قادرة على حمايتها من التداعي. هنا، نحن لسنا أمام حالة "رَشح" يمكن مداواتها بالمسكنات، بل أمام نزيفٍ مكتمل العناصر ولا بدّ من عملية قيصرية لإيقافه.
بالأمس، خرج النائب جهاد الصمد ينعي اللقاء مثبتاً خروجه عنه كأول حالة إنشقاق مثبتة بالدليل القطعي، والحبل على الجرار ما دام الراعي السياسي غارق في متاهة الأزمات وأكداس الملفات ولم يعد يستهويه مشاكل الحلفاء بعد أن ملّ منها، فباتوا بحاجة إلى قاضٍ من صنف علي إبراهيم يستدعيهم إلى فنجان قهوة و "بيمشي الحال".
وفي الحديث عن فناجين القهوة، باتت أسعارها تضرب أخماساً بأسداس وتوزن يومياً بحسب دولار السوق. وعن هذا الأخير حدّث لا حرج، "فِلِت" وفلّت معه فلتات لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري "آكل الضرب" بعدما جرى توريطه بتسعيرة الـ 3200 ليرة التي اغتيلت على مذبح الـ 6000 وما فوق منذ أول الأمس، والمرشحة للتحليق إلى حدود 9000 متر فوق سطح البحر، فلما يجد حلاً سوى طلب الدعوة إلى إعلان حالة طوارئ "دولاريّة" اليوم قبل الغد.
وهكذا… يمضي لقاء بعبدا في الانعقاد من خارج القيمة الشرائية للحقل السياسي والنقدي، الذي وبدل أن يجعل من سيّد قصر بعبدا محاوراً في سبيل التنقيب عن حلول، أختار الذهاب نحو دكّ مواقع الحلفاء والخصوم وإرساء مزيدٍ من الفوضى الأهلية السياسية، كما حدث ويحدث على جبهتَي أركان اللقاء التشاوري للنواب السّنة أنفسهم، وبينهم وبين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي لما يعد يرى أبعد من مستوى كرسي رئاسي" شاغل باله وبال جبران باسيل" وفق مصدر في اللقاء التشاوري.
و"اللقاء" المنقسم على نفسه من جراء إعلان أحد أركانه النائب جهاد الصمد عزوفه عنه مفضلاً عدم منح الثقة أو تغطية حضور زميله فيصل كرامي "ملتقى الحوار الرئاسي" في بعبدا، غارقٌ أيضاً بالنزاعات الداخلية أيضاً. في العلن، يغطي "التشاوري" حضور كرامي، وفي العمق لا يجد جدوى من لقاء مماثل سوى "البروزة" لكون الداعي والمدعو من أرباب الازمة، لكنه يقرّش حضوره على عداد "النكاية السياسة" كردّ فعل على سلبه تمثيل "السّنة الحقيقيين".
وعبارة "السنة حقيقيين" صاحب براءة اختراعها الوزير السابق سليمان فرنجية في مقام تبجيله تمثيل الرئيس سعد الحريري وحضوره الطائفي حين زاره في قصره البيروتي، أعادت نبش القبور وتقليب الجمر الخامد تحت رماد العلاقة مع "سنة 8 آذار"، الى حدود أن أحدهم وفي حديث مع "ليبانون ديبايت" اتهمه بـ"قلة الوفاء والطعن في الظهر لمجرد انه يريد مسايرة سعد الحريري" مضيفاً ان البيك "يبحث عن حلفاء ليبيعهم مواقفاً لأجل كرسي ويا عيب الشوم".
والحقيقة، أن بين بنشعي و"سنة الحلفاء" قلوب مليانة يعود تاريخها الى زمن غابر حين اختار أركان في "اللقاء" الخروج من تكتل فرنجية "الوطني" بعد أن بايعوه قبل انتخابات أيار زعيماً وطنياً، مما أدى الى تقليص كتلته الى حدود "مجهرية" لينتفي معها الغرض من إنشائها وتكون "سيبة" صعود فرنجية إلى كرسي خلافة ميشال عون. يعود الفضل في ذلك الى حشدٍ من النواب، لم يسامحهم فرنجية على فعلتهم ولم يبخل في ترك أي فرصة لانتقادهم.
المؤذي بالنسبة إلى سُنّة 8 آذار، أن يتحوّل التباين إلى قطيعة مع بنشعي أقرب إلى حالة طلاق، زادت في عمق الأزمات التي يرزح تحتها الحلف بفضل تضارب المصالح السياسية بين أركانه، ولم يعد يقوى أهل الصلح على إيجاد مخارج لها.
بالتوازي، الوضع داخل اللقاء التشاوري لم يعد أفضل. يتآكله التباين و "الغيرة المعمّرة" بين أعضائه، إلى حدّ أن أحد "وسطاء الخير" المتبرّع لتقريب وجهات النظر، لما يعد يجد ترف حل العُقد ما دام أنها تتجدّد وفي كل مرة لألف سببٍ وسبب. وأصلاً، لم يشهد اللقاء منذ نشوئه استقراراً سياسياً واضحاً وما زاد من التفسخات، القراءات السياسة المتباينة بين الأعضاء وحملات التوزير "الجوالة" بينهم التي تُسهم في تآكل الرصيد الشعبي.
وحده النائب جهاد الصمد الذي يفضّل عدم الإجابة على الإتصالات المتكرّرة الواردة إلى هاتفه، وجد أن "اللقاء" لم يعد يشبهه، وعلى الأعم الأغلب يعود ذلك إلى رفضه توفير أي غطاء سواء للعهد أو صهره رئيس تكتل لبنان القوي النائب جبران باسيل، وإذا صح ما صدر عن أحد مصادر "اللقاء"، يكون باسيل شريك مضارب في سلب اللقاء مضمونه وأحد الأسباب الموجبة للتشظي الحاصل على مستوى العلاقات العامة داخله.
من هنا، وجبَ التذكير بالمسائل الشرعية وأن إكرام الميّت دفنه...
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News