المحلية

الجمعة 26 حزيران 2020 - 03:00

حكومة "المُسكّنات".. إكرامُ الميّت دفنه

حكومة "المُسكّنات".. إكرامُ الميّت دفنه

"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني

لم يأتِ كلام النائب آلان عون بالأمس عن أن الحكومة مُهدّدة بالسقوط لأن الانهيار يسبقها من فراغ، ولا يندرج أيضاً في خانة تصفية أي حساب سياسي، بل هو كلام نابع عن رؤية فرد ينتمي إلى مجموعة سياسية تأبى رؤية الأمور كما هي أو قراءة الواقع المتخبّط التي وصلت اليه البلاد نتيجة السياسات الخاطئة وإصرارها على لعب دور المُنقذ في وقت تغرق فيه البلاد في الديون والفساد.

لا شيء يوحي في لبنان بأن الأمور ذاهبة نحو الأحسن والأفضل، فكل ما هو حاصل اليوم يؤشّر إلى أن الإنهيار قريب وأن ما ينقص فقط اقتناع السلطة بأن الوضع ميؤوس منه وأن إكرام الميّت دفنه. وازاء هذا الوضع المُعقّد على مختلف المستويات وانسداد آفاق الحلول، يبدو أن قناعة قد تولّدت لدى الجميع بوجوب تغيير الحكومة الحالية بأسرع وقت ومن دون التفكير حتّى في حجم الإنعكاسات السلبيّة أو إنتظار البديل، فلا وعود وأوهام الضخّ المالي ستُترجم على أرض الواقع، ولا العقوبات التي ستدخل لبنان على جواد "قانون قيصر" يُمكن تأجيلها أو المُراوغة بها.

المؤكد أن كل ما هو حاصل اليوم من أجواء سياسيّة واقتصادية لا يُبشّر بطول عمر الحكومة خصوصاً وأن المؤشرات تدل على أن تسويّة أو طبخة سياسيّة ما يعمل عليها من خلف الكواليس من شأنها أن تُبصر النور خلال الشهرين المقبلين. وفي هذا السياق تكشف مصادر سياسيّة بارزة أن ثمّة عمل على تسوية يجري الإعداد لها بعدما اقتنع أهل الحكم استحالة المضي بسياسة المُسكّنات أو المساكنات، أخذين في عين الإعتبار سياسة الحكومات السابقة والأسباب التي أدت إلى فشلها أو إفشالها.

كل الوقائع السياسية تدل على أن رئيس مجلس النوّاب نبيه بري، هو من أشد المتحمسين لقيام حكومة سياسية تجمع أطياف أساسيّة في البلاد كانت استثنيت من دخول حكومة الرئيس حسّان دياب لأسباب عديدة، ولعل أبرز هؤلاء المطلوب تمثيلهم في أي توليفة حكوميّة جديدة بالنسبة إلى برّي، هم الرئيس سعد الحريري والوزير السابق وليد جنبلاط.

وفي السياق نفسه، تكشف مصادر مقرّبة من عين التينة ان حماسة برّي هذه لا يُفرملها سوى إصرار "التيّار الوطني الحر" على أن يتمثّل النائب جبران باسيل في حال عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة في وقت يجري فيه الحديث حول الدعوة أو الطلب بعدم مشاركة باسيل و"حزب الله" لأسباب كثيرة أبرزها أن تلقى الحكومة المُقبلة قبولاً لدى الغرب وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، ثانياً إيجاد آذان صاغية لدى كل من الدول المانحة وصندوق النقد الدولي، وهذا لا يُمكن حصوله إلّا من خلال حكومة "تكنوقراط" فعليّة، وليس كما هو الحال في حكومة دياب.

كل القراءات السياسيّة أو مُجملها، تصبّ في اتجاه واحد هو أن هناك استحالة صمود الحكومة الحالية لأكثر من شهرين على أبعد تقدير، إمّا بسبب الضغوطات الدولية التي تُمارس على لبنان في كافة الإتجاهات وأخرها "قانون قيصر" الذي سيكون له تداعيات كبيرة على الوضع الاقتصادي والسياسي أيضاً، أو بسبب الصراعات القائمة داخل الحكومة والاحتقان السياسي الحاصل بين مكوّناتها، لدرجة أنها تحوّلت إلى أشبه بحكومة تصريف أعمال، في وقت تدعي فيه بأنها قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الإنجازات المطلوبة.

جاء لقاء بعبدا أمس والذي غابت عنه قيادات مسيحيّة وإسلاميّة سُنيّة ليؤكد مُجدّداً أن البلاد لا يُمكن أن تُحلّق بجناح واحد هو فريق "الثامن من أذار"، ولو أن الرئيس برّي لم يُمارس مونته على حليفه جنبلاط، لكان الأخير في عداد المتغيّبين أيضاً ولكان فقد اللقاء ركيزة أساسيّة في تدعيم واجهته الخارجيّة.

وهنا تعود المصادر لتؤكد أن اللقاء لن يخرج بأي نتيجة ملموسة، ما يعني أن الوعود سوف تحتل قائمة البيان الختامي، ما يعني مُجدداً أن محاولة الإنقاذ الأخيرة للبلاد، تقف عند حدود قبول الجميع بالذهاب إلى حكومة جديدة أبرز شروطها أن تكون تكنوقراط بالمعنى الفعلي، لا بالمعنى القولي كما هو شكل الحكومة الحالية.

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة