"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
هو قرار واحد لا شريكَ له: ممنوع وصول الدولار إلى لبنان. صدر ذلك عن أعلى جهة نقدية دولارية، وعمّم أمر تطبيقه على الجالية الاميركية – السياسية – المالية في لبنان.
الخلاف طبعاً، ليس على الجهة مصدر القرار. معلوم خلفياتها الواضحة في فرض الاخضاع خياراً عقابياً على من نختلف معهم في الرأي بصرف النظر عن الدوافع والطريقة، ولا الخلاف على الجهة المحلية التي تتولى مقتضيات تنفيذ السياسة الاميركية والحرص على مصالحها طالما أن ميولها معروف منذ زمن، الخلاف على هذه الدرجة من الوقاحة التي خوّلت القائمين على تطبيق سياسة تقنين الدولار ومحاصرة لبنان، مد يدهم على أموال مساعدات عاجلة ذات طابعٍ أممي ومخصصة للمحتاجين!
والسوري الذي منّّ الله عليه أن ينجو من الحفرة في بلاده، أوقعه حظه العاثر في جبّ لبناني يتولى الإشراف عليه المصرف المركزي. وعلى مبدأ إبحث عن الدولارات وتصيدها، اتخذ المصرف قراره منذ مدة، ويقضي بالاستحواذ على الأموال التي ترد إلى النازحين السوريين من قبل برنامج الغذاء العالمي WFP بالدولار الطازج، وتحويلها إلى العملة الوطنية على سعر صرف كان بدايةً ضمن السقف الرسمي أي 1515، ليتطور لاحقاً ويصل إلى مستوى 2000 ل.ل. ليتم إيداع الاموال المجني عليها في خزائن الحمرا لتنضم إلى كتلة الدولارات المسيطر عليها من مصادر مختلفة، من تحويلات خارجية وما إلى ذلك.
يحصل كل ذلك والمنظمة المعنية والحكومة المستضيفة، تلوذ بالصمت. في المقابل، يروّج الحاكم أنه سيتدخل في موضوع ضبط أسعار المواد الغذائية عبر توفير الدولارات إلى التجار على أساس سعر صرف 3900 ل.ل، أي من خلال إستخدام الدولارات نفسها التي يتم "نشلها" من أصحابها الحقيقيين، مساعدات والتحويلات المالية من الخارج وغير ذلك، لا تزال موجودة في المصرف، ليبيعنا بذلك حلولاً من جيب غيره...
والواقعة أعلاه، تؤكد مصادر متقاطعة، في المنظمة الدولية وجهات أخرى، أن اعتمادها بدأ منذ مدة، حيث أنه وقبل دخول "أزمة النقد" مدار الفضاء اللبناني (أي قبل شهر آب المنصرم)، اتّخذَ المصرف المركزي قراره بتحويل الأموال الواردة إليه بالدولار من قبل برنامج الغذاء العالمي لصالح النازحين إلى الليرة اللبنانية على أساس سعر صرف بلغ 1515.
لكن ومع تطور فصول الازمة، أوعزَ "المركزي" إلى البنك اللبناني الفرنسي صاحب الامتياز في تسليم السوريين اموالهم، ان يتيح التسليم وفق سعر صرف بلغ 2000 ل.ل (اي 54000 ل.ل) لكل فرد. حدث ذلك حينما كان سعر الصرف يواصل الصعود ليبلغ الآن مستوى 9000 ل.ل، لتتآكل الـ27$ لتصل اليوم إلى حدود 6 دولارات بناءً على سعر صرف السوق، الذي يعد السعر المتداول.
مصادر مطلعة على موقف مصرف لبنان برّرت لـ"ليبانون ديبايت" خطوة قلب الدولارات إلى الليرة، بعمليات ضبط سعر صرف الدولار في السوق والتي "يطبقها مصرف لبنان" حتى لا يُتاح للنازح السوري إستخدامها في مضاربات تحصل على الليرة، كونه يحق له سحب المبلغ كما هو، وهذا يفتح نوافذ عدة صوب قانون قيصر واخواته، ولو أن إجراءات المصرف بدأت سلفاً. لكن المصدر، عادَ وأكد أن الصرف على أساس الـ 2000 ل.ل تم تعديله منذ مدة وجيزة إلى حدود 2800 ل.ل، واعداً أن تعديلاً آخر سيطرأ على العملية، ليصبح الصرف على أساس 3850 ل.ل.
لكن ذلك لا يحل المشكلة. المشكلة في الاساس أن المصرف المركزي صادرَ دولارات تعود لمؤسسة إنسانية أجنبية هي بمثابة حق محدد جهة صرفه إلى النازحين بناءً على دراسات مسبقة، وبقراره هذا أدى إلى إلحاق الضرر سواء بدراسات المنظمة أو بالنازح السوري، فضلاً عن حنثه بالامانة المعهودة إليه، بدليل أن المؤسسة الدولية، لم يجرِ إبلاغها بأي تعديل من هذا النوع، حيث بقيت ترسل الاموال بالدولار من دون أي تغيير.
في المقابل، سحبت الحكومة اللبنانية يدها مما يحصل. في الوقت نفسه، أكدت مصادر في وزارة الشؤون الاجتماعية والنازحين لـ"ليبانون ديبايت" علمها بما يجري وبإجراءات المصرف المركزي المتبعة، مشيرة إلى أنها "ليست جديدة". لكنها أكدت في الوقت نفسه رداً على سؤال، غياب الصلاحية لديها في التدخل بهدف إعادة الامور إلى نصابها، لأن الاموال تصرف بشكل مباشر إلى مصرف لبنان من دون المرور بالوزارة التي لا صفة لديها حتى ولو رقابية، وان اعمال الصرف تخضع لالية محكومة بين المنظمة الدولية والمصرف المركزي والبنك صاحب الامتياز في تسليم الأموال الذي يتم اختياره بناءً على مباراة.
ينطبق ما يجري في موضوع برنامج الغذاء على عدة برامج أخرى مخصصة إلى السوريين ويجري تمولها بالدولار الأميركي، ومنها برنامج التعليم الشامل للنازحين السوريين.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News