"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح
الفوضى باتت تحكم كل شيء في لبنان. في السياسة فوضى. في طلب الحياد فوضى. في الكهرباء فوضى. وعن فوضى الكهرباء حدث ولا حرج. وعود الوزير المعني بالحل القريب تتجدّد ما يعني ان الازمة تتمدّد، وتمددها لا ينعكس فقط على مستوى الكهرباء، بل في الأمن السياسي والاجتماعي وأمن المناطق المترنّحة على مزاجيات أصحاب المولدات، ومرجعياتهم، والحلول العقيمة النابعة من أفكار الدولة التي تزيد الطين بلة.
والعتمة في بلادنا ستسود ما دامت الحلول المبتكرة من رأس الدولة و "نزول"، يسودها العقم والتخبط وضياع الآليات الشفافة. ولغاية الآن، لا موعداً واضحاً لعودة "التيار" إلى سابق عهده من التقنين باستثناء هرطقات حلول تتسيد الوضع المكهرب بين أصحاب مولدات ودولة ومواطنون، والذي ينذر بإنفجارٍ إجتماعي على كافة الصعد.
وإجتماع الخميس في السراي الحكومي بين رئيس الحكومة حسان دياب وممثلين عن شركات النفط بمشاركة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم وتحت وساطته، والذي خصّص لإرساء حلول على صعيد "كهرباء الاشتراك" تبعد "شبح العتمة" عن مدن الساحل وتسهم في إرساء حل وعلى مراحل لأزمة مد المازوت لأكبر قطاع حيوي في لبنان، لم تنفع في توفيره على السعر الرسمي 17300 – 17900 بالتساوي بين أصحاب المولدات كما كان مقرراً، بل أن نهار التطبيق الذي حدّد موعده السبت، أظهرَ تخبطاً واضحاً بين الشركات والمكلفين من تجمع أصحاب المولدات، واصحاب المولدات انفسهم، فطار "المازوت المدعوم" وعلت الصرخة، وتهديد الـ 48 ساعة الناطق بلغة الاعتكاف والإطفاء بات حديث الساعة، فيما آخرون منهم، فاتحين على حسابهم، ولسان حالهم يقول "يا تقنين يا غلاء في التسعيرة" يتوقع ان تلامس عتبة الـ 230 ألف ليرة لبنانية لقدرة 5 أمبير في حال بقيَ الوضع على حاله، كما تؤكد مصادر مطلعة على الملف لـ"ليبانون ديبايت".
فما جرى نهار السبت يمكن تلخيصه بأن الاتفاق قام على أساس تسليم أصحاب المولدات ما يحتجونه من مادة المازوت على السعر الرسمي 17300 - 17900 بناء على جداول بعد التواصل مع لجنة كان يفترض أن يقوم "تجمع أصحاب المولدات" بتشكيلها. هذه الثغرة، أتاحت لطرف ثالث عبارة عن شخص تولي إعداد الجداول وتزويد شركات النفط بها. ما حدث، أن من تواصل مع شركات النفط أبلغَ باسم الشخص المعني، ما أجبرهم على التواصل معهم رغم مرّ التجارب السابقة، فزعمَ أنه أدرجَ الاسماء على اللوائح طالباً من كل صاحب مولد (أو مجموعة منهم) تأمين صهريجاً لنقل المادة.
لكن ما حصل أن المكلف غاب عن السمع واختفى طيلة النهار، فلم يمنح معظم أصحاب المولدات الإشارة بالحضور الى المصفاة، ليتبين لاحقاً أن المازوت منحت حصرية تسليمه إلى أصحاب محطات محروقات منتشرين في الساحل، نال كل منهم بين 30 ألف ليتر و 50 ألفاً على أساس تقسيمها على المحتاجين من أصحاب المولدات ضمن القضاء المحدد من خارج وجود اي آلية، فنال كل صاحب مولد وعداً بحصوله 500 لتر على السعر الرسمي كحد أقصى، وهي نسبة تغطي التغذية لساعات محددة!
بناءً على ذلك، ساد الغضب ليس لدى أصحاب المولدات وحسب، بل عموم المطلعين على الملف. وقد نمى شعور وفّرته الظروف بإمكان حصول عملية تلاعب واحتيال باستغلال أسماء أصحاب المولدات، أتاحت لبعض اصحاب المحطات شفط المازوت من المصفاة ومن ثم افراغه في خزاناتهم. أمر من هذا القبيل قد يسهم في تغذية "مافيات المازوت" التي تعد الذراع التنفيذية لـ"السوق السوداء"، التي تعمد بدورها إلى رفع سعره تدريجياً ثم بيعه لأصحاب المولدات.
"تجمع أصحاب المولدات" بصفته عنصراً في الاتفاق الذي ابرمَ الخميس، قلّل من شأن ما حصل رافضاً التعليق على الأنباء التي تتهمه بتوفير الملاذ الآمن لتوفير المادة إلى أصحاب المحطات، نافياً بدوره أي علاقة له بإسم الشخص الذي تولى إعداد الجداول. رئيس التجمع عبدو سعادة، أقرَ في اتصال أجراه معه "ليبانون ديبايت" بحصول أخطاء في التنفيذ، نافياً أن يكون التجمع مسؤولاً عنها.
وكشف لـ"ليبانون ديبايت" عن اجتماع سيحصل اليوم مع احد مستشاري رئيس الحكومة لـلقيام بـ"جردة" لما حصل السبت وعدم تكراره، واعداً أنه يدرس آلية بالتعاون مع الحكومة والمديرية العامة للامن العام وصفها بـ"الشفافة، منعاً لتكرار ما حدث السبت، يكون لها القدرة على منح كل صاحب مولد حقه في المازوت على مستوى كل لبنان".
ما جرى نهار السبت يجب أن يكون موضع تمحيص وتدقيق من جانب الدولة التي بحثت عن سبل لتخفيض "تعرفة كهرباء المولد" على المواطن وإزاحة شبح التقنين الذي أثقل كاهله، ليتبين لاحقاً أنها وفّرت وغطّت نمطاً جديداً من إحتكار "المازوت المدعوم" عبر شفطه من المصافي وضخه في خزانات مجهولة المصدر بناء على اتفاق كان نيته توزيع المازوت بالتساوي على الجميع درءاً للعتمة.
لكن وبعد ما تقدم، فقد حوّلت الدولة من تولى تدبير أمر هذا القطاع إلى "راعٍ للشفط". ورغم أنها تتحدث بحسرة عن تهريبه، تبادر من جهة أخرى إلى قوننة وبتغطية سياسية أمنية واضحة عملية تهريبه. وبصرف النظر عن توافر نية سليمة لديها لتأمين حلول للقطاع، أدت سياساتها الى ترسيخ سياسة الاحتكار وعلى عينك يا تاجر.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب
Follow: Lebanon Debate News