ليبانون ديبايت - ميشال نصر
تتسارع الأحداث على حلبة الملاكمة الاميركية - الايرانية، الممتدة من طهران الى بيروت مروراً بدمشق وبغداد، مصيبة بشظاياها تل ابيب. فمرشد الثورة الايرانية الذي تقصد توجيه "تهديد مبطن" لرئيس الوزراء العراقي المتوجه الى واشنطن، غير مستعد حاليا، على ما يبدو، للذهاب ابعد من الحرب الكلامية، معطوفا عليها بعض الاستفزاز "المضبوط" في مقابل رغبة اسرائيلية - اميركية لاستدراج "جمهورية الملالي" لمعركة "قص جوانحها" بعدما بات مؤكدا ان برنامجها النووي اصيب بضربات "مدمرة" في سلسلة عمليات ابرزها تدمير مصنع أجهزة الطرد المركزي في "نطنز" العمود الفقري للبرنامج واساسه.
فالمصلحة الايرانية واضحة بأن لا فائدة من اي اشتباك مع الاميركيين راهنا، اذ انه سيصب في مصلحة المعركة الرئاسية للرئيس دونالد ترامب، وبالتالي هزيمة الديمقراطيين، خلافا لرهانات ايران. لذلك كان التراجع الايراني الواضح عن تصنيف ما حصل في الداخل بانه عمليات تخريب، او هجمات سيبرانية، املا في كسب الوقت وتجهيز الساحات الرديفة للمواجهة في "الزمان والمكان" المناسبين.
تحت هذا العنوان، دخل عامل جديد على الخط، تمثل في "المواجهة" المباشرة في الجو فوق سوريا، بعد المواجهات البحرية المشابهة في الخليج، بما تحمله من رمزية، في رحلة "ماهان" الجوية من طهران الى بيروت مرورا بالعراق ودمشق، الطريق البرية التي استغرق الجمهورية الاسلامية اربعين عاما لربطها، خصوصا ان الاعتراض تم فوق منطقة "الحظر" التابعة لقاعدة "التنف" العسكرية.
مع التذكير بأن الكثير من التقارير تحدثت عن دور شركة ماهان واسطولها الجوي في نقل "معدات لوجستية" لحزب الله تمر عبر مطار بيروت، كان اخرها شرائح ولوازم الكترونية صالحة للاستخدام في الصواريخ الموجهة العالية الدقة، بحسب المعلومات التي يملكها احد اجهزة المخابرات العربية الفاعلة بين بيروت وطهران.
مواجهة ارادها الاميركيون مباشرة، عبر تبني الاعتراض، لايصال الرسائل في اكثر من اتجاه، رغم ان ثمة من اراد التخفيف بداية من وقع ما حصل بنسبه الى اسرائيل. فبيروت معنية كون مطارها وجهة الشركة المدرجة على لائحة العقوبات الاميركية، وسوريا معنية باعتبارها صلة الوصل وعقدة المواصلات المطلوب قطعها، من هنا رمزية "التنف"، ايران ومن خلفها حزب الله للقول ان الجو لم يعد خارج مسرح العمليات.
في حسابات واشنطن، قد تخلق، عملية الاستدراج الاميركية - الاسرائيلية المستمرة ايران الى فخ "مواجهة ما" ، في الوقت الذي تسعى فيه الاخيرة الى تجنب تجرع هذه الكأس في الوقت الراهن، "شرخا" في العلاقة بين حارة حريك وطهران، وسط "تضارب" المصالح هذه المرة، وخصوصية وضع وعد السيد نصر الله الصادق على المحك، في حال انقضاء مهلة الـ 15 يوم دون رد على ما جرت العادة.
فالحزب "المحشور والمأزوم" في الداخل مع تصاعد الحملات ضده، خصوصا، مع اقتراب موعد السابع من آب، قد يجد خلاصه في حرب مع اسرائيل، باعتبارها "خرطوشته" الاخيرة، التي ان صابت "اطالت من عمره" وان "خابت" سرعت في انتحاره.
فهل اختارت حارة حريك حلا وسطا، ما يفسر ما حدث بالامس؟ فبين نفي الحزب وتوثيق اسرائيل للعملية ثمة قطبة مخفية، "فكفكتها" بين خيوط الاسئلة التالية: هل وصل الهلع في صفوف الجيش الاسرائيلي الى حد تخيل معركة وهمية؟ فاطلاق النار الذي استمر لاكثر من 30 دقيقة من كانت اطرافه؟ هل هو "فيلم" اسرائيلي تبريرا لشيئ ما يجري تحضيره؟ ام ما حصل كان "جس نبض" من قبل الحزب؟ ام هو طرف ثالث دخل على الخط؟ والاهم هل فعلا نفذ الحزب او وكيله عملية ما تقصد عدم تبنيها تلافيا لردات الفعل في تكتيك جديد؟ خصوصا ان منطقة العملية الجغرافية مثار جدل يجوز الاتهام فيها لكلا الطرفين اللبناني والسوري؟
ايا يكن على حزب الله ومن خلفه الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها ان تقرأ جيدا المعطيات. فإذا كانت تهديدات القادة الاسرائيليين باتت روتينية وتكرارا، فان الابرز يبقى في ما قاله قائد القيادة الوسطى الاميركية الجنرال "كينيث ماكينزي" بعيد مغادرته بيروت، حيث تتماهى خلاصته وتتقاطع مع كلام رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه، من ان لبنان الدولة والمؤسسات لن يكونا بمعزل او محيدان في اي مواجهة، والتي استتبعت بزيارة لرئيس هيئة اركان الجيوش الاميركية الى تل ابيب ولقائه كبار القادة السياسيين والعسكريين فيها. فهل ثمة في لبنان من هو قادر على تحمل هكذا نتيجة؟
وهل كانت رحلة ماهان في مهمة ما او مجرد رحلة سفر عادية؟ ولماذا تقصدت الطيران على مقربة من "التنف"؟ هل هي طائرة عادية ام طائرة مهام خاصة غطاؤها سياحي؟ ما الذي دفع بقائد الطائرة الايرانية الى اعتماد المناورة الانتحارية التي لجأ اليها؟ هل ما حصل هو حادث معزول في الزمان والمكان ام هو الحلقة الاولى في سلسلة؟ لماذا "تنطح" وزير الصحة للرد على حادث وقع خارج السيادة اللبنانية ولطائرة غير لبنانية؟ وهل خطوته "تغطيس" من الحزب للدولة؟
الاجوبة على تلك الاسئلة تبقى في واشنطن وطهران صاحبتا الشان.
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News