المحلية

الجمعة 16 تشرين الأول 2020 - 04:00

الإستشارات: الحريري ينسحب؟

الإستشارات: الحريري ينسحب؟

"ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح

إنّها الضربة السياسية المباشرة الثانية التي تتلقاها المبادرة الفرنسية في أقل من شهر، فالطرف الذي فوّض نفسه مهمة إنقاذها بات يحتاج إلى من ينقذه!

قرار "دفش" الاستشارات النيابية اسبوعاً كاملاً إلى الامام بناءً على "فرمان رئاسي" مصدره القصر الجمهوري خلّف أضراراً وعلى أكثر من صعيد. بداية عند الفرنسيين الذين شعروا بطعنة إضافية، وبغياب النية لدى فريق من اللبنانيين بإتاحة الفرصة أمام مبادرتهم. ثانياً، عند الحريري الذي راهنَ على "عفو فرنسي" ثمناً لتوليه مهمة إنقاذ "المبادرة الماكرونية"، وهيأ نفسه وفريقه لتكليف سريع كان في المتناول لولا "إنزال جبران باسيل الليلي في بعبدا" فأطاحَ بكل الآمال المعقودة، ليكتشف أن خلافه مع باسيل أكبر من أن يحل تحت وقع ضغط المهل الفرنسية! ثالثاً، لدى الثنائي الشيعي الذي وطّن نفسه على محاولة تأمين درب الحريري فاكتشف أن العرقلة جاءت من أجواء حلفائه.

إلى هذا الجانب، لا يمكن اعفاء "الغيوم الخلافية" التي تلبدت في سماء الثنائي – بعبدا نتيجة لخيار الاخير المضي في تشكيلة الوفد المكلف إدارة التفاوض غير المباشر مع العدو حول الترسيم من دون تعديل، عن التطورات السلبية التي عصفت بالاجواء الحكومية، رغم القرار المتخذ لدى الثنائي بـ"فصل المسارات". هذا الجانب كان مدار تدقيق من قبل الطرف الفرنسي الذي وجدَ في خطوة رئيس مجلس النواب نبيه بري حيال رفضه خيار تأجيل الاستشارات اعفاءاً للثنائي من تحمل أي مسؤولية وأعطته صورة الفريق المسهل للمبادرة الفرنسية.

عملياً، قرار تأجيل الاستشارات جاء بمفعول رجعي أعاد رصّ صفوف الاعتراضات مرّة جديدة. بالإضافة إلى ذلك، جاء محملاً بقابلية للتمديد فترة أبعد من موعد الخميس المقبل مع انغماس تيارات سياسية في لعبة "رد الفعل على القصر"، و بإحتمال حصول تبدلات على صعيد المواقف، على رأسها موقف الحريري الذي "بات يجنح أكثر صوب الاعتذار والانسحاب من سباق التكليف"، وفقاً لما جاء في تصريح مصادر مقربة من بيت الوسط لـ"ليبانون ديبايت"، كنتيجة طبيعية لتلقي الجهود الفرنسية الضرب المبرح من جانب من يدعون نصرتها. كذلك أتى التصعيد على الجهود الفرنسية الاخيرة وكان بمثابة صفعة مدوية للفرنسيين الذين راهنوا على قابلية تسمية الحريري لنفسه لدى الدوائر السياسية المحلية المختلطة، فتحركوا إستجابةً له عبر خليط من الاتصالات والتدخلات التي اجروها ودفعت نحو مد رئيس تيار المستقبل بجرعة دعم سياسية – لوجستية مما دفع بقوى متعددة إلى تبديل موقفها من الحريري تحت ضغط منحه تفويضاً مشروطاً ولفترة محدودة على أن يثبت نواياه الاصلاحية.

في الحقيقة، اتضحَ أن التعقيد هذه المرة جاء بخلفيات داخلية بعكس الحالة السابقة التي اتسمت بتوافر أكثر من عنصر خارجي. كي نكون دقيقين، أسباب التعقيد تعود جذورها إلى الخلاف المستحكم بين سعد الحريري وزميله في الكار السياسي والبرلماني جبران باسيل، وقد بات واضحاً أن خلفياته عميقة وحال القطيعة ومن ثم تبادل خدمات "التفشيل" من كلا الجانبين تعطي انطباعاً حول أن الخلاف معقد وكبير وأبعد من خلاف سياسي ما يدعو في حالة السعي إلى تسيير الاعمال الحكومية إلى البحث عن "إتفاق إطار" يعيدها إلى نقطة الصواب.

ليس سراً أن أحد رجال الاعمال الذي تجمعه صداقة مشتركة مع الحريري وباسيل حاول وضع الخلاف وجمع الطرفين على "طاولة مستديرة". حصل ذلك في مستهل إنطلاق الحريري بمبادرته. لكن المطلعين على هذا الملف كشفوا أن باسيل، اشترط لقاء الموافقة، أن يبادر الحريري إلى الاتصال به. وقتذاك، نشطت الاتصالات على الخطوط كافة، ودفعاً نحو توفير الإيجابيات، سُرّب أن الحريري في وارد الاتصال بباسيل ولقائه منتصف الأسبوع الجاري، لكن الاحتمال سقط بعد أن رفض الحريري إجراء أي إتصال بباسيل، وبعد أن فوّض للوفد المستقبلي مهمة القيام بجولة سياسية تجاه القوى، وهو ما عالجه باسيل بتعليق عنيف عشية ذكرى ١٣ تشرين نازعاً عن الحريري صفة الاختصاصي أتبعها بتغريدة ثبّت من خلالها موقفه الرافض لتسمية الحريري.

عملياً، "كيف للحريري أن يكون إختصاصياً وقد سيّر وفداً حزبياً – نيابياً لاستطلاع أراء الكتل السياسية حول موقفها من الحكومة؟" تقول مصادر سياسية لـ"ليبانون ديبايت". وتتابع: "هذا التناقض الواضح إستغله باسيل عن طريق الانقضاض على مبادرة الحريري من خلال دفع الرئاسة إلى مبادرة الرفض". حدث ذلك عقب صعود خاطف لرئيس التيار إلى القصر ليل الاربعاء وسرعان ما تبدل الموقف لدى الرئيس، من تسريبات دلّت كلها نحو تثبيت موعد الاستشارات إلى تأجيل "تقني" تحت حجة "تمنيات كتل نيابية" ما زال التدقيق جارياً حول هويتها وإن كان الاعتقاد الراسخ أن المعني بالتسمية هي "كتلة باسيل" دون سواها.

بالاضافة إلى ذلك، ثمة من أخذ على الحريري "اسلوبه الاستفزازي في توجيه مسيرته النيابية"، بدليل إطلاقها بداية صوب بنشعي التي لا تمثل مسيحياً بنظر البعض أكثر مما يمثل "اللقاء التشاوري" سنياً، وكان الافضل لو أوعزَ الحريري لبدء الجولة من عند التيار الوطني الحرّ لكان وقتها قد سلبَ الذريعة من جيب باسيل.

باتت الامور مع تأجيل الاستشارات تختلط فيما بينها وعلى أكثر من صعيد، ويبدو من حالة رصد مواقف الكتل السياسية وتوجهاتها، أنها وبعد خيار تأجيل الاستشارات ودخول أكثر من عامل مستجد على الساحة، اصبح خيارها هو الاستمهال وخطواتها مشرّعة تحت تأثير عوامل عدة من بينها إنتظار انتهاء زيارة مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر الذي يجري مروحة لقاءات ذات طابع سياسي وترقب وصول المدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم من واشنطن وما قد يحمله من اجواء أميركية. في الطريق إلى ذلك، يعد الحريري أسير الخطوة التالية التي وعد بالاعلان عنها عند فراغ الوفد الذي كلفه من سفارته...

تــابــــع كــل الأخــبـــــار.

إشترك بقناتنا على واتساب

WhatsApp

علـى مـدار الساعـة

arrowالـــمــــزيــــــــــد

الأكثر قراءة