"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني
لم يعد "حزب الله" العائق الأساس في عمليات تشكيل الحكومات في لبنان، هذا أقلّه في العلن. ففي السنوات الأربع يظهر "الحزب" نفسه كمسهّل لقيام أي حكومة شرط الإتفاق على اسم الرئيس المكلّف، وهو وإن بدت لديه اعتراضات أو مآخذ على بعض الأمور، فهناك على الدوام من ينوب عنه في عملية "التصحيح" أو تحديد الشروط، وبما أن التسويات في لبنان هي ركن أساسي خلال تأليف الحكومات، غالباً ما ينجح "الحزب" في الحصول على مطالبه، تاركاً للأخرين فضّ نزاعاتهم وتقاسم الحقائب.
من عجائب الدنيا السبع ان يتحوّل الصراع السياسي وما هو أبعد من سياسي بين "حزب الله" وتيّار "المستقبل"، إلى حالة من الاستقرار والتهدئة تعكسها التسهيلات والمغريات التي يُقدّمها الأول للثاني في كل مرّة تقف فيها البلاد على عتبة تأليف الحكومة، وهذا أقلّه ما ظهر خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة. وربّما الجميع يذكر "لبن العصفور" الذي قدّمه الرئيس نبيه بري للرئيس سعد الحريري، والذي لم يكن ليحصل عليه من دون موافقة حليفه الشيعي.
خلال إطلالاته الأخيرة لم ينفِ الرئيس الحريري ربط النزاع الحاصل بينه وبين "حزب الله" لما له من مصلحة وطنية بالدرجة الأولى، وثانياً تأكيده في كل مرّة على نبذ العداء مع أي طرف داخلي، بدليل عدم ممانعته الجلوس مع "الحزب" على طاولة حوار برعاية رئيس المجلس، والتي فعلاً ساهمت إلى حد بعيد في امتصاص الاحتقان الذي كان بلغ مستويات غير مسبوقة، على خلفيّة مواقف كلا الطرفين من الحرب في سوريا.
قد تكون مسايرة "حزب الله" للحريري في عدد من المواقف، ناجمة عن البعد الوطني الذي يحمله الرجل في مواقفه بالإضافة إلى التأييد الداخلي والخارجي له، خصوصاً وأن "الحزب" أحوج إلى خيمة وطنية يتظلّل تحتها في هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها، والتي تتطلّب منه أيضاً، إثبات حسن نواياه في المسائل والاستحقاقات الصعبة والمهمة، وأبرزها الجوانب المتعلقة بتأليف الحكومة. وهذا فعلاً ما يُلاحظه البعض لجهة التسهيلات التي يُقدمها "الحزب" في عملية التشكيل، بعد أن كان من أكثر المتشددين مع الرئيس حسّان دياب خصوصاً في موضوع تأليف حكومة من اختصاصيين.
مصادر مستقلة ترى أن ثمّة محاولة من "حزب الله" والرئيس الحريري على حد سواء، للتعايش ضمن أسس جديدة تقوم أوّلاً على عدم تعطيل "الحزب" للإصلاحات التي ينوي الحريري القيام بها في حكومته ولا حتّى مساندة أي فريق على حساب هذه الاصلاحات، مقابل تأكيد الحريري على هويّة الحزب اللبنانية، مع ضمانة عدم الاقتراب من سلاح "المقاومة" وحصر هذا البند بالنقاشات الداخلية.
هل هي صفقة ام تسوية؟ تُجيب المصادر: لا، بل هذا أمر واقع وكل النقاشات السابقة والتدخلات الخارجية، لم تصل إلى أمر حاسم في موضوع السلاح على الرغم من المنطق الذي يقول بحصرية السلاح بيد الدولة. وأيضاً لا نستطيع التعامي أو التغاضي عن أن أي عملية إصلاحية في البلد أو تثبيت عامل الاستقرار الأمني والاجتماعي والمالي والاقتصادي، لا يُمكن أن تتم من دون مشاركة "حزب الله". لذلك فإن المصلحة الوطنية تقتضي تسوية أو صفقة كهذه، شرط أن لا تنسحب نحو المحاصصة وتوزيع المكاسب في إدارات الدولة.
خلاصة القول، أن "حزب الله" ينحاز بطبيعة الحال الى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس "التيّار الوطني الحر" النائب جبران باسيل خصم الرئيس الحريري، لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن الأوّل سيؤازر حليفه "البرتقالي" في السرّاء والضرّاء خصوصاً بعد "النقزة" أو "الندب" التي خلّفها استهداف باسيل لدى "الأصفر" عندما راح يُساير الأميركي ويغمز من قناة "قدس الأقداس" أي سلاح "المقاومة".
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News