"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر
كما في الولايات المتحدة الاميركية، كذلك في لبنان. من سيفوز ترامب أم بايدن؟ نسيَ اللبنانيون كل مصائبهم "وهمهم وشغلهم" من سيسكن البيت الابيض لأربع سنوات جديدة. قد يكونون محقين، فبالنسبة لسكان بلاد الارز، اذا أردت ان تعرف "بيروت" الى أين، عليك ان تعرف واشنطن "لمين".
معادلة سهلها ممتنع بعدما وضع كافة الاطراف السياسية سناريوهاتهم للتعامل مع الاحتمالات المطلوبة، خصوصا ان عملية تشكيل الحكومة هذه المرة مختلفة بكل المعايير عما سبق.
ففي بيروت مواجهة من نوع آخر حساباتها مرتبطة بكل اشكالها بما يجري في بلاد "العم سام"، بعدما ايقن الجميع ارتباط المسار والمصير لبنانياً، بين الادارتين ايا كانت هويتهما، وبالتالي القناعة الراسخة لدى العهد بأن الانجاز الاقتصادي الداخلي بات مستحيلاً ما لم يضع "مار شربل ورفقاته ايدن" ،خصوصاً بعد عودة الرئيس الحريري واعادة احياء ثلاثية الحارة - بيت الوسط - المختارة، بما تمثله.
قراءة دفعت برئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مراجعة حساباته وقلب اولوياته، "مشمراً عن زنوده" "لابس المرقط (القديم) من جديد"، حفاظاً على ما تبقى، فارضاً معادلة" الامر لي"، في الدفاع والداخلية (التي لم تعد تهم الحريري في ظل اقرار الجميع بأنه بدل الانتخابات المبكرة سيكون هناك تمديد للمجلس النيابي) والعدل، متمسكاً بوضعها بعهدة اكفأ الاختصاصيين وافضلهم، من قضاة وضباط متقاعدون،"مصفايين له" دون شريك ايا كان قريبا ام بعيدا. خيار امني يمكن قراءته في اكثر من اتجاه واعطائه اكثر من تفسير.
في هذا الاطار يمكن فهم اهتمام البعض بالحسابات الاميركية، نظرا لاستثمارات واشنطن في القطاعين الامني والعسكري في لبنان والتي فاقت الملياري دولار.
منطقياً هي "ضربة معلم" موفقة للرئيس عون، الذي اقتنع بما كان يرفضه سابقا، بعدما قطع الامل من وصول مسار السنوات الاربع السابقة الى نهايته المرجوة، فقرر الانقلاب على الجميع، و" فرض" معركة محاربة الفساد وفقاً لمعادلة صحيحة، تبدأ من الامن والقضاء، اساس اي إصلاح وضمانته، وهو اساساً ما كان مطلوب خارجياً زمن تشكيل حكومة الرئيس مصطفى اديب.
غير ان طريق "الجنرال" لن تكون سهلة ومعبدة امام مشروعه الجديد الذي سيصطدم حكما بممانعة "جنرالات" من نوع اخر سياسيين وعسكريين وماليين، وفقاً لمعادلة تشبه شكلا، تلك التي قامت عليها ثنائية لحود- الحريري الاب، مختلفة عنها في المضمون، مع تغير الظروف واللاعبين، لاكثر من اعتبار، ليس اقله غياب ضابط الايقاع السوري، من جهة ، وعدم وجود ميشال سليمان ثان في اليرزة، من جهة ثانية، ما يصعب الامور الى درجة كبيرة ويجعل المواجهة بالغة التعقيد والصعوبة، دون اسقاط عامل انقلابة الشيخ سعد الاستراتيجية، مع ما استتبع ذلك من ولادة محور جديد، بتحالف اضاد الامس الذين تجمعهم "مصيبة جبران"، التي تبدأ ببيت الوسط مرورا بالمتحف فالحارة، وصولا الى ما بعد بعبدا.
وفيما بقيت زيارة الرئيس المكلف الى بعبدا، معلقة بين حبلي سريتها، نظرا للاجراءات الامنية الاحترازية للشيخ سعد، والافصاح عنها دون نتيجة تذكر، بعدما فعل بيان الرئاسة فعله، دافعا ببيت الوسط للتراجع عن فكرة "رمي تشكيلة الـ 18 في وجه الرئيس عون"، وبين اعادة امساك بعبدا بحبال اللعبة، بعدما استوعبت واحتوت خسارة معركة التكليف، بعيدا عن اعتقادات البعض بأن الخيارات "العونية" تنطلق حصرا من دوافع الامساك بأدوات الانتقام الكيدي من الخصوم، فإن الحقيقة تكمن في مكان آخر.
فعلى حافة الانتظارات التي يقف عندها الجميع، قرر "القائد الاعلى للقوات المسلحة" المبادرة والهجوم، بعدما اكتشف "فصولا جديدة من الانقلاب المستور" والمؤامرة التي اعدت ذات ليلة بين مقرات وقيادات، اسقطت "بدربها" ضحايا وابرياء، ليبادر اليوم الى كتابة اولى كلمات الحسم في صفحات المواجهة بين رئيس الجمهورية وتسوية السنوات الاربع المنصرمة، والتي عليها يتوقف الكثير، فنجاحها ينقذ العهد ولو متأخرا، اما فشلها فيضيق كثيرا من هامش طموح وحلم ميشال عون الذي سيبقى حينها اسير حدود القصر الجمهوري.
انها معركة حياة او موت. فهل يكسر الحلقة؟ كل المؤشرات توحي بأن القرار اتخذ، والقطار انطلق في رحلة التنفيذ... فإلى المرحلة الاولى در، وما التوفيق الا من عند الله...
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News