"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر
لم يكن ينقص المشهد اللبناني تعقيداً، سوى تحوّل شكوك العقوبات ضد فريق الرئيس عون الى يقين بعد سلسلة هبات "سخنة وباردة" بين جمهور التيار الوطني الحر وسياسييه، من جهة، وخصومه من جهة ثانية، لتضرب واشنطن "بوكسها" في لحظة تاريخية، لبنانياً واميركياً، وسط اصرار على وحدة المسار بالنسبة لحزب الله بين الادارتين، الجمهورية والديمقراطية.
أكيد ان الخطوة الاميركية "بسطت كتار"، ولكن الاكيد ايضا ان جبران باسيل، في حال ثبوت الادلة بحقه، ليس السياسي الوحيد الذي يستحقها، اذ ان اللائحة طويلة، اما في حال اتخاذ العقوبات المسار الحالي، فإنه يصبح بحكم المؤكد ان المسألة بكل وضوح هدفها "عزل" حزب الله، الذي سيتحول "الى ديب كاسر"، بحسب ما اوحى به باسيل، وهو الدافع الاساس لقراره بالتغيير ولكن وفقاً للاجندة اللبنانية وتوقيتها، وليس تلبية للالحاح الاميركي واستعجال واشنطن.
اذا الخطوة الاميركية التي جاءت مزدوجة، بمعنى انها اصابت الوزير باسيل من جهة، ورئيس الجمهورية من جهة ثانية، فرضت ان تكون حدود الرد أبعد من نطاق البرتقالي ليتصف بالعوني، متمثلاً بالخطوات الاساسية التالية :
1- طلب من رئيس الجمهورية الى وزارة الخارجية للاستحصال على الوثائق التي بني عليها القرار الاميركي لاحالتها الى القضاء اللبناني لاتخاذ المقتضى بشأنها. خطوة تتماشى مع ما كان صرح به رئيس الجمهورية بأنه لن يغطي اي مرتكب من العائلة او المقربين في حال ثبوت تورطه بعمليات فساد.
2- رد سياسي على مستوى الدولة اللبنانية برفع مستوى تمثيل لبنان الى المؤتمر المخصص لبحث مسالة اللاجئين السوريين من درجة سفير الى وزير. اللافت هنا ان الخطوة بدت تحدياً لواشنطن الممتعضة اصلاً من المشاركة اللبنانية اضف اليها اختيار الوزير مشرفية وما رمزيته، وعدم اختيار وزير الخارجية.
3- المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية السابق جبران باسيل، والرسائل التي وجهها في اكثر من اتجاه، حيث تبين القراءة المعمّقة لما بين سطوره صورة مختلفة عن المشهد العام الذي اريد تظهيره، وهو بطبيعة الحال ما يلبي رغبات جمهور التيار الكامنة تحت جمر "التململ" من طبيعة العلاقة مع حزب الله والاثمان المدفوعة حتى الساعة في اطار تسديد فواتير اتفاق مار مخايل.
4- قرار النائب باسيل بالتوجه الى القضاء الاميركي لتحصيل حقه، وهو سيف ذو حدين، اذ تبين التجربة ان احدا مِمن طالتهم العقوبات بموجب قانون ماغنتسكي لجهة الفساد وحقوق الانسان ،لم يربح في منازلته مع الادارة الاميركية، اما الوجه الثاني فهو تعذر تنفيذ اي تسوية سياسية قد يتم التوصل اليها مع الادارة الاميركية مستقبلاً، اذ بمجرد تحول النزاع الى قضائي بات مستحيلاً اجراء اي تسوية خارج الاطار القانوني.
5- انضباط الشارع البرتقالي، الذي تحت ضغط قيادة الوطني الحر تمكنت من لجم تصرفات البعض في الشارع من خلال التظاهر باتجاه السفارة الاميركي في عوكر، او حرق العلم الاميركي في بعض ساحات المناطق المسيحية الذي كان سيكون له تداعيات كبيرة اميركياً ،حيث ما زالت تجربة محاولة اقتحام السفارة عام 1989 حاضرة في ذهن الجمهور العوني بتداعياتها.
غير ان خروج السفيرة الاميركية عن صمتها، بتصريح مصوّر ردت فيه على الوزير السابق جبران باسيل معتمدة نفس اسلوبه بابقاء "الادلة" مستورة في انتظار اللحظة المناسبة، اعاد خلط الاوراق "مخلخلاً " ركائز الدفاع الباسيلية، حيث الحديث عن محاضر مكتوبة سلمتها السفيرة الديمقراطية السابقة في بيروت والتي كان لب منها باسيل شخصيا عشية مغادرتها بيروت خلال اجتماع مطول بها تطبيق قانون "ماغنتسكي" بحق المسؤولين اللبنانيين.
في كل الاحوال اهم ما ورد في كلام "دورا اشارتها، اولا، ان ثمة عقوبات اخرى في الطريق ضد الوزير باسيل، اما ثانيا فتمييزها بين باسيل والتيار ،والمسيحيين.
تبقى هنا اشارة لافتة ان السفيرة الاميركية الحالية وللمرة الثالثة امس ردت بشكل مباشر على رئيس الجمهورية ومن خلفه الوزير باسيل، بما يخالف القواعد الدبلوماسية.
غدا سيستيقظ التياريون من سكرة الشعارات لتبدأ الفكرة وتبدأ معها ورشة التفكير الجدي بعيداً عن العواطف للتعامل مع المرحلة القادمة التي تحتاج الى استراتيجية عمل جديدة بوجوه جديدة، تعيد بث الروح في المشروع البرتقالي، بعد سلسلة الضربات التي تعرض لها، نظرا لانكشاف ظهره "المؤسساتي"، وهو ما اشار اليه "الصهر" صراحة، في حديثه عن ان الامور داخلياً وخصوصاً في المعركة ضد الفساد "ما عادت تزبط هيك"، وهو ما دفع بالتيار الى طلب اجراء مراجعة لاتفاق مار مخايل وادخال تغييرات جذرية عليه فيما خص الامور الداخلية بما يتلاءم وتطلعات القاعدة العونية، والا...
عليه، الكرة الان باتت في ملعب حزب الله ليقول السيد كلمته بعد باسيل والاميركيين. فمن أحرج الاميركيون؟ ومن سيدفع الثمن السياسي؟ الحارة ام ميرنا الشالوحي ام كلاهما؟
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News