"ليبانون ديبايت" - ميشال نصر
إذا كان التعثّر صفة ملازمة لعملية تشكيل الحكومة داخلياً، فإن المقاطعة الدولية والعربية سمة لافتة لطبيعة العلاقة بين لبنان ودول المحيط القريب منها والبعيد، رغم إنكار الرئيس المكلف ومن خلفه الطبقة السياسية الحاكمة لتلك الحقائق المرّة.
فمطالعات الشيخ سعد وتأكيداته على حسن علاقاته والدعم الذي يلقاه من اصدقائه الاجانب والعرب تدحضه حقيقة الوقائع على الارض، التي تظهر " بالوجه الشرعي" حالة العزلة التي يعيشها بيت الوسط، بعدما قرر الانقلاب الاستراتيجي على نفسه واعادة التموضع، على قاعدة "علي وعلى حلفائي واصدقائي"، هو الذي خسر كل رهاناته واعماله متجرعاً كؤوس السم، متلذذاً بعمليات الانتحار السياسي المتتالية طوال سنوات ممارسته للعمل السياسي.
ففي الوقت الذي تعيش فيه بعبدا "نشوة" عودة النبض الى الاتصالات الفرنسية مع زيارة مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الادنى باتريك دوريل، بعد اتصال عون - ماكرون، لم تصل فرحة الشيخ سعد الى قرعته، الذي كان يفضل زيارة منسق مؤتمر "سيدر1" السفير بيار دوكان مع ما تحمله من دلالات في لحظات الولادة الحكومية المتعثرة والوضع الاقتصادي المنهار، علماً ان التواصل بين بيت الوسط وباريس محصور في حدوده الدنيا رغم كل "التمجيد والتبخير" بالمبادرة الفرنسية.
وما زاد الطين بلّة، سلسلة مواقف واشارات توحي بأن الرياح تسير عكس سفن الرئيس الحريري، الذي بحسب احد "اللصقين به" قد "فصّل طقم ع قياسه" دون الحصول على اي ضمانات ليفاجأ بواقع مرير، أخطر ما فيه :
1- موقف الرياض الآخذ بالتدحرج، بعد الرسائل التي وصلت الى بيروت عن لسان مسؤولين سعوديين كبار تجمع على رد الاتهامات التي ساقها الحريري ضد المملكة كمسؤولين عن بلوغ الحزب القوة التي وصلها، معتبرين ان الحريري نفسه لم يكن "قد الحمل"، واعتبارهم ان الحريري لم يعد من المحسوبين على المملكة التي سقفها موقف ملكها امام الامم المتحدة. تحت هذا العنوان يمكن ادراج مغادرة السفير السعودي بيروت في "اجازة قد تطول" دون ان يتصل او يودع سكان بيت الوسط، منذ ترشيح الحريري نفسه لرئاسة الحكومة.
2- مغادرة السفير الاماراتي بيروت للالتحاق بمركزه الجديد في مصر، بنفس طريقة مغادرة زميله السعودي، مع فارق توجه الامارات الى تخفيض عديد طاقمها الدبلوماسي في بيروت، وعدم تعيين سفير جديد، على ان يتولى القائم بالاعمال مهام السفير.
3- المقاطعة الواضحة للسفير المصري وانقطاع زياراته الى بيت الوسط، بعد موجة الاقاويل التي راجت عن مبادرة للقاهرة قبيل التكليف. فهل دار الزمن دورته وعاد الى ما كان الوضع عشية 2009، يومها لم يستمع الحريري للرئيس الراحل حسني مبارك، فأسقط بعدها في 2011، وها هو لم يستمع للمشير السيسي في 2020 ليسقط بعدها في شر التكليف؟
4- الموقف الاوروبي المستجد خلافاً لما وعدت به فرنسا، مع صدور موقف جديد يؤكد ان لا مساعدات اوروبية لبيروت قبل اجراء الاصلاحات، مضيفاً هذه المرة "والاتفاق مع صندوق النقد" اي عملياً لا اموال قبل انجاز الاتفاق والتفاوض مع صندوق النقد. من هنا يمكن فهم استبدال دوريل بدوكان، خصوصاً ان اوروبا مستاءة كما واشنطن من المشاركة اللبنانية ومستواها في مؤتمر اللاجئين السوريين في دمشق.
في المحصلة عود الى بدء، فكما حنا كما حنين، كما حسان كما سعد، لا تغيير ولا اصلاح ولا دعم ولا مساعدات... انها حفلات سكر بالسم يتجرعها الشعب مكرها لا بطل.
وحجج واهية لتخدير اللبنانيين تارة انتظارا لنتائج انتخابات اميركية قد تطول، وطورا في انتظار انتخابات رئاسية ايرانية او سورية محسومة هوية الفائز بها سلفاً... وفي كل الحالات انتظار على وقع السقوط المدوي للبلد والعنجهية المتمادية لسياسيين يصرون على تقاسم ما تبقى من جبنة حكم ومؤسسات دولة...
"كل هيدا وبعدو مصرّ انو مدعوم من العرب والغرب". فعن اي عرب واي غرب يتكلم؟ ومن يحاول ان يخدع؟ ام انه استلذ لعبة "الضحك على حاله"؟
فاليوم سيكتشف ان نصيحة الوزير السابق نهاد المشنوق التي كانت ببلاش، ستلف الشيخ سعد جملاً، مع سماعه لكلام امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله التي سيتبنى فيها مواقف حليفه" اللقلوقي". انه الانقلاب بكل معنى الكلمة... ولكن بعد شهر....
تــابــــع كــل الأخــبـــــار.
إشترك بقناتنا على واتساب


Follow: Lebanon Debate News